الدروز.. بين خيانة الداخل وإستمهالهم إسرائيليا

الدروز.. بين خيانة الداخل وإستمهالهم إسرائيليا
الثلاثاء ٣٠ يونيو ٢٠١٥ - ١١:٥١ بتوقيت غرينتش

الرد الوطني الدرزي على إجرام المجموعات التكفيرية والتعاون الاسرائيلي معهم ضد سوريا ووحدة ترابها جاء بقيام مجموعة من أهالي الجولان السوري المحتل بالتصدي لسيارة إسعاف تابعة لقوات الاحتلال الإسرائيلي وهي تنقل مصابين اثنين من مسلحي "النصرة أثناء" مرورها بطريق جبل الشيخ مجدل شمس بالجولان المحتل ما أسفر عن مقتل المسلحين، عملية نوعية أكدت مرة اخرى على موقف أهالي الجولان المتضامن مع الحكومة السورية في مواجهة الارهاب المدعوم اسرائيلياً وعربياً واقليمياً وغربياً.

لا يستطيع أحد أن ينكر على سلطان باشا الأطرش ذلك القائد الوطني والمجاهد الثوري السوري الدرزي قيادته للثورة السورية الكبرى ومعركة استقلالها عن اللعبة الانكليزية – الفرنسية عام 1925؛ ولا زالت كلمات وصيته ترّن في آذان الوطنيين الأحرار في بلاد الشام مخاطباً أبناء جلدته من الدروز بالقول: "وصيتي لكم، إخوتي وأبنائي العرب هي أن أمامكم طريقاً طويلة ومشقة شديدة تحتاج إلى جهاد وجهاد: جهاد مع النفس وجهاد مع العدو... فاصبروا صبر الأحرار ولتكن وحدتكم الوطنية وقوة إيمانكم وتراصّ صفوفكم هي سبيلكم لردّ كيد الأعداء وطرد الغاصبين وتحرير الأرض.. واعلموا أن ما أُخِذَ بالسيف، بالسيف يُؤخَذ، وأن الإيمان أقوى من كل سلاح، وأن كأس الحنظل في العز أشهى من ماء الحياة مع الذل وأن الإيمان يُشحَن بالصبر ويُحفَظ بالعدل ويُعَزّز باليقين ويُقوّى بالجهاد" .

الآن وبعد مضي 33 عاماً على وفاة تلك الشخصية السورية الوطنية والشجاعة (٢٦ مارس ١٩٨٢) الرافضة لتجزئة سوريا نسمع رنين تكسر وإنهيار اللحمة العربية الدرزية وعلى لسان من يدعي قيادة هذه الطائفة الكريمة التي كانت ولا تزال السند المنيع لسقوط سوريا وضم الجولان المحتل للأراضي الاسرائيلية طيلة العقود الماضية متحملين شتى صنوف العناء والضغوط والتمييز الطائفي والعرقي من المحتل الاسرائيلي، لينضم الى من يطالب بتجزئة سوريا ويدعم المجموعات الارهابية المسلحة ويخون وصية الباشا في وضح النهار مشدداً "أعترف أن جبهة النصرة ليست إرهابية، بل هم مواطنون سوريون"!! ما أدى الى شق عصا الدروز الموحدين وأدى الى الانقسام في موقفهم بين مؤيد لجبهة النصرة ومقاوم لها.

رئىس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لم يكتف بهذا المقدار الذي برره البعض أنه نتيجة تخوفه على وضع الدروز والجندي الدرزي المختطف لدى الجبهة، بل ودعا أبناء طائفته في مقاله الأسبوعي لجريدة "الأنباء" الالكترونية التابعة للحزب الذي يترأسه الى اتخاذ "القرار الجرئ" بفك الارتباط مع النظام السوري والالتحاق بالجماعات المسلحة معتبراً الشعارات التي ترفعها "محقة ومشروعة".. بل وزاد في تحريف وصية الباشا الأطرش "بكل وقاحة"، فكتب يقول " على الدروز الابتعاد عن السقوط في الأفخاخ المتتالية التي ينصبها النظام والتماشي مع تاريخهم المعاصر في مواجهة الظلم والانتداب بقيادة سلطان باشا الأطرش وبالتعاون مع كوكبة من الوطنيين السوريين من مختلف الطوائف والمذاهب والمناطق"، داعين إياهم الى مصالحة اهالي حوران وفتح صفحة مع "النصرة".

"صكّ البراءة" من الإرهاب الذي منحه جنبلاط للنصرة لم ينفع، في حماية أبناء طائفة الموحّدين الدروز في سوريا ولبنان من إرهاب هذه المجموعة المسلحة التي تغتذي على الأموال السعودية - الخليجية ومدعومة أمنياً ولوجستياً من قبل العدو الاسرائيلي، فسرعان ما ردت "النصرة" على هذه الدعو الكريمة لجنبلاط بارتكاب مجرزة مروعة بحق عشرات المدنيين الدروز من اهالي مدينتي قلب لوزة وقرقبيزا بجبل السماق الحدودي بريف ادلب، ونهب وأحراق عشرات المنازل هناك، بعد أن أجبرت وأخواتها الارهابية ومنها "داعش" الدروز على إشهار إسلامهم وتدمير العشرات من قبور الأولياء والصالحين وقبول إمامة مشايخ النصرة لصلواتهم، في مقاماتهم وخلواتهم .. لكن دون جدوى .

الرد الوطني الدرزي على إجرام المجموعات التكفيرية والتعاون الاسرائيلي معهم ضد سوريا ووحدة ترابها جاء بقيام مجموعة من أهالي الجولان السوري المحتل بالتصدي لسيارة إسعاف تابعة لقوات الاحتلال الإسرائيلي وهي تنقل مصابين اثنين من مسلحي "النصرة" أثناء مرورها بطريق جبل الشيخ مجدل شمس بالجولان المحتل ما أسفر عن مقتل المسلحين، عملية نوعية أكدت مرة اخرى على موقف أهالي الجولان المتضامن مع الحكومة السورية في مواجهة الارهاب المدعوم اسرائيلياً وعربياً واقليمياً وغربياً.

عملية أبناء مجدل شمس البطولية والشجاعة أربكت مخططات العدو الاسرائيلي التي كان يعد ويمهد لها طيلة العقود الماضية مستفيداً بذلك من قيادات وشخصيات درزية خيانية إنخرطت في السلك السياسي والحزبي والعسكري الاسرائيلي ومتعاونة مع المحتل بدرجات متفاوتة كأيوب القره وامل نصر الدين وزيدان عطشة وجبر الداهش المعدي والجنرال يوسف مشلب وامين عام الحزب الشيوعي الاسرائيلي محمد نفّاع- حسب كتاب صبري جريس «العرب في اسرائيل» او كتابي الدكتور قيس فرّو عن دروز فلسطين «A History of the Druzes» و«The Druzes in the Jewish State»، فيما هناك مئات القيادات الدرزية العروبية الوطنية الرافضة للاحتلال والارهاب لا يسع ذكرها في مقالنا القصير هذا.

الرئيس الروحي لطائفة الدروز الشيخ موفق طريف الذي أجتمع مع رئيس الوزراء الاسرائيلي "بنيامين نتنياهو" بعد العملية البطولية وعبرّ عن ولائه للمحتل بقوله "أن الطائفة جزء من الجيش الإسرائيلي، وأنها لن تساعد منْ يمسّ بالجنود"، رداً على إبداء "نتنياهو" التزام حكومته "دمج الدروز والتعاطي معهم باحترام في اسرائيل"، وفق تعبيره؛ ليس الأخير في مسيرة التطبيع مع العدو وشق الصف الدرزي العربي السوري الموحد لكن دون جدوى وستؤول جهودهم الى الفشل، خاصة وإن دروز فلسطين المحتلة ومنذ اليوم الاول للاحداث في سوريا قدموا ملايين الدولارات لاخوانهم من دروز سوريا، وناشدوا الرئيس الاسد تقديم المساعدة للسويداء، وحيوا نضالات الجيش السوري، وهو ما عبرت عنه لجنة التواصل الدرزية خلال لقائها الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
* علي الأشقر/ الوعي نيوز