القرضاوي واللاجئون السوريون

القرضاوي واللاجئون السوريون
السبت ١٢ سبتمبر ٢٠١٥ - ٠٥:١٤ بتوقيت غرينتش

كل من يشاهد ويسمع نياح وعويل القنوات الفضائية الخليجية، ودموع التماسيح التي تذرف من على شاشاتها، وفي مقدمة هذه الشاشات شاشتي “الجزيرة” القطرية و “العربية” السعودية، على مأساة اللاجئين السوريين الهاربين من الحرب المفروضة على الشعب السوري، يقفز الى ذهنه المثل المصري الدارج “يقتل القتيل ويمشي بجنازته”، مصحوبا بحالة من الغثيان والاشمئزاز، لما وصل اليه الاعلام الخليجي، من انحدار اخلاقي ومهني، يعكس انحطاط السياسة الخليجية التي تقودها السعودية وقطر ازاء القضايا الاقليمية وعلى رأسها الحرب على سوريا.

لم يعد خافيا على احد انه لولا الحقد الطائفي والقبلي السعودي القطري على سوريا، ولولا الدعم التسليحي والمالي والسياسي والاعلامي للسعودية وقطر الى جانب تركيا، للجماعات التكفيرية، ولولا الفتاوى الوهابية، ولولا التواطؤ الامريكي الصهيوني مع الرجعية العربية، لما حصل في سوريا ما حصل، ولما تمزقت سوريا، ولما تشرد شعبها في الافاق، ولما تحولت البحار الى قبور للاجئين السوريين، ففي الوقت الذي غيرت اغلب دول العالم وفي مقدمتها، دول كانت تعد الايام يوما لاسقاط الحكم في سوريا مثل بريطانيا وفرنسا وحتى امريكا، سياساتها ومواقفها من الحرب على سوريا، بعد ان انكشفت للعالم حقيقة ما يجري هناك، حيث تتعرض سوريا لهجمة تكفيرية صهيونية واضحة المعالم، اخذت تهدد المنطقة والعالم، نرى السعودية وقطر، مدفوعتان بذات الحقد الطائفي الاعمى، ما زالتا تغردان خارج السرب، وتصران على اساقط الحكم في سوريا، حتى لو ادى هذا الاصرار الى تقسيم سوريا، وتحويل شعبها الى شعب مشرد في اصقاع الارض.
في الوقت الذي تؤكد فيه جميع المصادر السورية الرسمية، والمحايدة، وتلك التابعة للامم المتحدة، على ان اغلب اللاجئين السوريين الذي هربوا من سوريا، خرجوا من المناطق التي سيطرت عليها الجماعات التكفيرية المدعومة من السعودية وقطر وتركيا، هربا من بطش وبشاعة وقسوة وتخلف “ثوار” السعودية وقطر وتركيا، الا ان الاعلام التابع لهذه الدول، يزعم ليل نهار ان هؤلاء اللاجئين هربوا من النظام السوري و من الجيش السوري، دون ادنى احترام لعقلية المخاطب، الذي يرى، يسمع ويقرأ، كل يوم التقارير الاممية عن المناطق التي قدم منها اللاجئون في سوريا.
وكعادته، بدأ النظام القطري بمحاولة اضفاء شيء من الصدقية على روايته المزيفة ازاء مأساة اللاجئين السوريين، والجهة التي تقف وراء هذه المأساة، عبر النفخ في بوقه، المدعو يوسف القرضاوي، ظنا منه ان بالامكان استغفال الناس، وفرض كل المزاعم الواهية ازاء ما يجري في سوريا، وكأنها حقائق لا تقبل الشك مطلقا.
القرضاوي هذا، وفي آخر فتاويه المعلبة وعند الطلب وفقا لاوامر اميره تميم، ازاء مأساة اللاجئين السوريين، يقول :”سألني بعض إخواننا الدعاة في ألمانيا، عن حكم ضم الأسر المسلمة للأطفال اللاجئين السوريين، من البنين والبنات، من الذين بلغوا الحلم أو يكادون، والذين قذفت بهم البحار إلى شواطئ أوروبا. وذكر أن بعض الأسر المسلمة تجد بعض الحرج في هذا، ويرون أن هؤلاء الأطفال سيعيشون في البيت كأفراد الأسرة، وربما خلا أحدهم أو إحداهن بغير المحارم.. إلى غير ذلك من الأمور التي يخشى فيها البعض من الحرمة، فهل من ضوابط شرعية لهذه المسألة النازلة؟ والجواب: ومن المعلوم أن اللاجئ إذا لم يجد بدّاً من الهجرة من بلده، لينجو من موت شبه محقق، حيث تطارده البراميل المتفجرة، والصواريخ المدمرة، والقذائف المهلكة، فلا لوم عليه في ذلك؛ لأنه يدفع بذلك عن نفسه وذويه خطراً محدِقاً، فلا معنى لمنعه من الهجرة، على أن يتلمس الطرق الأكثر أمناً، والمسالك الأقل وعورة، وإلا وقع فيما فر منه، من هلاك للنفس والنسل.”
من الواضح جدا ان السؤال والفتوى، لا حقيقة لهما، وكل ما هناك، ان القرضاوي اراد من خلال اختلاق هذا السؤال وهذه الفتوى، تاكيد رواية “ولي امره” القطري، بشأن الجهة المسؤولة عن مأساة اللاجئين السوريين، فحصرها ب”البراميل المتفجرة والصواريخ المدمرة و القذائف المهلكة”، ويعني بذلك الجيش السوري، ووفقا لرواية القرضاوي، ان ما يجري في سوريا هو حرب بين الجيش السوري والشعب السوري!!، ولا وجود ل”داعش” و”جبهة النصرة” والجماعات التكفيرية الاخرى، ولا اثر للتدخل السعودي القطري التركي الامريكي الصهيوني السافر في سوريا.
كارثة ان يحاول الانسان المسلم ان يعرف حلال وحرام دينه، من رجل مثل القرضاوي، يدخل الناس الجنة، اذا ايدوا حزبه، او اشادوا بأميره، ويدخلهم النار، اذا خالفوا حزبه، او عارضوا أميره، وهذا ليس اتهام نوجهه للقرضاوي، بل هو حقيقة معروفة عن الرجل، فهو يبيع دينه بدنياة، وبثمن بخس ايضا، واذا اراد القارىء ان يتأكد مما نقول، ندعوه ان يطلب من القرضاوي ان يفتي بوجوب استقبال قطر للاجئين السوريين، او على الاقل ان يدعو أميره وولي امره الامير تميم، ان يفتح ابواب قطر امام بضعة الالاف من اللاجئين السوريين، ولكني اجزم انه لن يفتي ولن يطلب، اتدرون لماذا؟، لانه ببساطة ليس بعالم دين حر او فقيه عادل، انه ببساطة من اكبر وعاظ السلاطين في العصر الحديث.


* سامح مظهر - شفقنا