نتائج "اجتماع فيينا حول سوريا" في معيار السياسة والأخلاق

نتائج
الخميس ٠٥ نوفمبر ٢٠١٥ - ٠٩:٥٣ بتوقيت غرينتش

ليس من المستغرب ان يسفر اجتماع فيينا حول الازمة السورية بتاريخ 29ــ30 اكتوبر/تشرين الاول 2015 عن نتائج مشربة بالكثير من السوداوية السياسية والأخلاقية، ما دام قد شاركت فيه اطراف تمارس دور الخصم والحكم في آن معاً.

(1)

واقع الامر أن هذه النتائج لا يمكن أن تمثل سفينة النجاة التي يمكن ان تحمي سوريا الأرض والشعب والسيادة من الأعاصير العدوانية العاتية التي تولدت بفعل المؤامرة الصهيوغربية والأحقاد البترودولارية الخليجية.
وازاء ذلك ربما ـ وإن كنا لا نرجو ذلك ـ سيكون من البديهي ان تتفاقم المشكلة السورية أكثر فأكثر طالما ان الأنظمة الجاهلية الطائفية كالسعودية والامارات والبحرين وقطر تطالب وبكل وقاحة بما لا تجرؤ هي على تطبيق حدوده الدنيا لشعوبها المضطهدة والمسحوقة على مرأى ومسمع أدعياء الديمقراطية والمدافعين عن حقوق الإنسان في العالم الغربي.
من هنا يبدو بالنسبة لنا ان الحوار مع الشعوب الاسلامية والعربية أمر ضروري بل ومصيري، لأن المتآمرين الدوليين والأقليميين ما فتئوا يضللون الرأي العام العالمي بكل أساليب الخداع والتزييف، لتعليق جرائمهم على مشجب ايران تارة وعلى شماعة شيعة آل البيت النبوي الشريف طوراً وعلى كليهما تارة اخرى، وليخرجوا هم منها طاهرين مطهّرين، حتى لكأن عصابات داعش وشبيهاتها لم تخرج من رحم الوهابية النجسة ولم تدعمها اموال حكام الطائفية والعمالة والإستبداد في البلدان النفطية المطلة على الخليج الفارسي، ولا أنها احتضنت بشكل فاضح من قبل تركيا.
الثابت ان سوريا التي تمثل حجر الأساس لمحور المقاومة الشريفة بوجه المشروع التوسعي الغربي الصهيوني، تتعرض منذ آذار 2011 وحتى وقتنا الراهن الى أبشع حرب عالمية بربرية تمزيقية تدميرية عرفها التاريخ الحديث. حرب هلل وافتى لها علماء السوء ووعاظ السلاطين في الدول الخليجية وتركيا. وكان الهدف الرئيسي من وراء اشعالها هو الانتقام من سورية البطلة شعبا وجيشا وحكومة وقائدا بجريرة مساندة انتصارات حزب الله والمقاومة الاسلامية والوطنية الباسلة في لبنان وفلسطين، وأيضا بسبب اصرار دمشق المشروع على استعادة اراضيها ومياهها المغتصبة  في الجولان السوري المحتل منذ حزيران عام 1967 .
لقد كان واضحا منذ اشتعال الفتنة في سوريا ان هذه الدولة المعروفة بالتجانس السكاني والتعايش الانساني والتسامح الديني، على موعد مع احدى الحلقات الخطيرة لمشروع الشرق الاوسط الجديد وما يسمى ب " نظرية الفوضى الخلاقة" الاميركية المنشأ والتنفيذ. وتبعا لذلك فقد تمرحلت مؤامرة تقطيع اوصال سوريا واجبار شعبها على التشرد والاغتراب بالملايين في انحاء الارض، حتى وصلت الاوضاع الى ما هي عليه الان. حيث المجموعات الارهابية التكفيرية من جميع الأمم والأمصار تسرح وتمرح من الرقة الى الموصل وتمارس المجازر المروعة وتطبق القوانين البشعة باسم الاسلام وتصك النقد بالذهب والفضة، وكأنها خارج المنظومة الدولية.
كما كان واضحا ان احتلال مدينة الموصل في10ـ6ـ2014،  واعلان " دولة الخلافة الداعشية" مقدمة للزحف الى بغداد واسقاط العراق ارضا وشعبا وثروات وفيرة في أتون نار طائفية حاقدة لن تستثني سنة ولا شيعة ولا أقليات دينية أخرى في هذا البلد المتعايش على اسس البر والتقوى والانصهار والتراحم منذ الازل. فجاءت فتوى المرجعية المعظمة بعد 3 أيام أي بتاريخ 13ـ6ـ2014، بإعلان الجهاد المقدس ومجابهة هذا المد التكفيري، لتنزل كما الصاعقة على رؤوس الدواعش وآل سعود وأذنابهم في الامارات وقطر والبحرين اضافة الى تركيا فضلا عن زعماء الارهاب الدولي في تل أبيب وواشنطن والعواصم الغربية المتصهينة.
وبسبب التعامي الاميركي الاوروبي عن تمدّد داعش فضلا عن تزويده بأنواع الدعم اللوجستي والتسليحي والتمويني كما كشفت عنه استخبارت الجيش والحشد الشعبي العراقي، فقد اتضح لروسيا بأن التحالف الغربي الصهيوني الخليجي، يخوض لعبة خطيرة لم تعد توفر أحدا من دول محور المقاومة، وهي تمضي قدما في تطبيق بنود "مشروع الفوضى الاميركية الخلاقة"، فما كان من موسكو إلاّ أن تدخل طرفا في هذه الحرب التي أماطت اللثام عن أسرار جرى التعتيم عليها بفعل الماكنة الاعلامية الغربية.
لقد عجّلت الانتصارات المظفرة للجيش السوري المناضل وحزب الله المقاوم على أرض سوريا الأبية، والملاحم الاسطورية لأبطال الجيش العراقي والحشد الشعبي والتي توجت بتطهير مدينة بيجي يوم 20 اكتوبر 2015 من دنس الدواعش، بالاضافة الى تأثير الدور الاستشاري العسكري الايراني في سوريا والعراق في آن واحد، الى جانب مشاركة القاذفات الروسية الجوية في قصف مواقع ومعاقل التكفيريين، في تقاطر الأطراف المفزوعة من هذه المعطيات على "فيينا" وإذعانها بأهمية مشاركة الجمهورية الاسلامية الايرانية القصوى في أعمال هذا الاجتماع الدولي.
المثير للسخرية والإستهجان في آن واحد ان اجتماع فيينا تحوّل في جانب منه الى منبر تهريجي جرّاء أكاذيب وزير خارجية النظام السعودي عادل الجبير الذي جنح الى اسلوب "رمتني بدائها وانسلت" السخيف، وذلك بإلقائه مسؤولية الدمار التكفيري الوهابي الداعشي بسوريا على طهران مشترطا رحيل الرئيس المنتخب ديمقراطيا السيد بشار الأسد، مدخلاً لإنهاء الأزمة في بلاده التي كانت جنة غناء قبل الهجمة المسعورة لعملاء آل سعود.
وهذا الموقف يحرض لامحالة على توجيه هذا السؤال المزدوج الى الجبير وأسياده والذي هو: أولاً، من سمح لكم ان تتحدثوا باسم الشعب السوري العريق؟ وثانياً، أنتم بالذات من أين لكم الشرعية وانتم تحكمون بلاد الحرمين الشريفين بما تشتهي سياسات أولياء نعمكم في لندن وواشنطن وإسرائيل منذ قرابة المئة عام دون حتى انتخابات بلدية فضلا عما هو أهم و أخطر منها؟؟

(2)

حتى الآن ضرب نظام المملكة العربية السعودية المثل الأسوء على الاطلاق في معايير السياسة والأخلاق باعتباره صنعة استعمارية بامتياز وقد جيء به ليكون على الدوام طعنة نجلاء في خاصرة الامة. لقد شكلت "الوهابية السعودية" عبئاً ثقيلا على كاهل المسلمين والعرب طيلة العقود الطويلة الماضية، فهي دولة تجتمع فيها كل الخصائص العنيفة والجافة  والمنحرفة عن سماحة الاسلام ووداعته ومضامينه المحبة للسلم والخير والألفة بين أبناء البشرية كافة.
ويستطيع المرء ان يتحقق من الدور التخريبي السعودي عبر قراءة سريعة لمسيرته منذ مطلع القرن العشرين وللآن. فلهذا النظام اسلامه الخاص الذي ينزع الى الشرّ والعدوان والفتن السوداء، وهو مدوّن في مناهجه المدرسية والدينية، يُكفّر ويقصي ويحكم بالموت والفناء على كل من يخالفه الرأي. اسلام حاقد على شيعة أهل البيت عليهم السلام ويطلق عليهم تسمية "الروافض"، والذي يتابع أدعية من يسمَّون بأئمة الحرم المكي في الصلوات التي تبث على الهواء في القنوات الفضائية، يدرك حقيقة البنية العقائدية الحقودة لعلماء الوهابية، وهم الذين يصنفون المسلمين من مختلف المذاهب حسب أهواء سلاطينهم من آل سعود العملاء..
ويمكن تصور مستوى الفظاظة السعودية الوهابية من خلال موقف هذا الثنائي الغليظ، حيال #كارثة_منى في 10 ذي الحجة 1436 هجري، التي اودت بحياة الآلاف من ضيوف الرحمن من مختلف انحاء العالم تدافعاً وخنقا وسحقاً وإهمالا، دون أن يرفّ للسعوديين والوهابيين جفن، بل أعتبروا الأمر كله قضاءاً وقدراً من غير أن يتحملوا أدنى مسؤولية أو ـ على الأقل ـ أن يعتذروا للمسلمين الذين فقدوا أعزاءهم بسبب سوء إدارة شؤون الحجيج، أو حتى ان يعلنوا الحداد العام حزنا على الضحايا الذين قضوا محتسبين خلال انحصارهم بمشعر منى في اسوأ مهلكة عرفها التاريخ المعاصر.
وفي نهاية المناسك هنأ آل سعود بعضهم بعضا، كما هنأهم أذنابهم في الامارات وقطر والبحرين ومرتزقتهم وعلماء السوء هنا وهناك،على نجاح موسم الحج متجاهلين الارواح التي اُزهقت ظلما، داعين لسيدهم خائن الحرمين الشريفين ب"طول العمر والرفعة".
في المحصلة إن الذي اريد الخروج به مما مضى هو أن من يملك مثل هذا الرصيد المشين في الاستخفاف بالأرواح البريئة لضيوف الرحمن وهم في كنف البلد الذي يفترض به ان يكون آمناً للناس، يملك من القابلية والاستعداد ما يمكّنه من إنكار دوره المفضوح في تربية الجماعات الارهابية التكفيرية وتفريخ خريجين دمويين مثل داعش ولشكر جنكجو وغيرهم، من الذين أخذوا دروسهم وميولهم المتطرفة من مناهج الوهابية البغيضة، وحصلوا على تمويلهم من ميزانيات السعودي والقطري والاماراتي والبحريني و... وتلقوا أوامرهم من زعماء الارهاب الدولي الصهيوغربي بشكل مباشر أو بواسطة وكلائهم في المنطقة.
ولكيلا نظلم اجتماع فيينا كلّيا، علينا ان نقبل بأنه حقق انجازه المرحب به، على مستوى تشخيص داء اسمه الارهاب ومرضى اسمهم الإرهابيون، وهما معا يشكلان العقبة الكأداء التي تحول دون عودة السلم الأهلي والاستقرار الوطني في الجمهورية العربية السورية الشقيقة..
بيد ان الذين مردوا على النفاق وهم في الحقيقة اصل الداء، استغلوا اجتماع فيينا لخلط الاوراق وتمويه الوقائع. فبدلا من ان يعترفوا بذنبهم في ما حلّ بسوريا بل بالعالم الاسلامي كله من حروب تكفيرية ومجازر أهلية و حرقٍ للأخضر واليابس وتشريد للملايين من بني العروبة والإسلام وسوقهم الى قوارب الموت والمنافي القاصية والغربة القاتلة، أخذوا يطلقون الإتهامات جزافا الى الجمهورية الاسلامية الايرانية ويلقون عليها بمسؤولية تأخر الحل السياسي للأزمة السورية "مطالبین بخروج القوات الأجنبية (ويقصدون الايرانية) من سوريا ورحيل الرئيس بشار الأسد باعتبارهما شرطاً لإعادة الامور الى نصابها في هذا البلد". لقد كان هذا هو ما صرح به وزير خارجية السعودية عادل الجبير في فيينا، الامر الذي دفع وزير الخارجية محمد جواد ظريف الى الردّ عليه، مع أن الوفد الإيراني كان حريصا منذ البداية على عدم الدخول في مهاترات جانبية يمكن ان تؤدي الى تعطيل الحل السوري المطلوب اكثر فاكثر.
لقد كان واضحا ان وزير خارجية آل سعود قد جاء الى اجتماع فيينا ليتحدث بلغة المتعجرف المتجرئ لا بلغة المنطق والدبلوماسية والمرونة.. جاء وفي حقيبته إملاءات وتعليمات قد أكل الدهر عليها وشرب، الشيء الذي كان مثارا للإمتعاض والتقزز لدى بعض انصار الحق الذين حضروا هذا الاجتماع..
أما إيران التي ذهبت الى فيينا بدعوة الاطراف المؤثرة في القرار الدولي، فإنها ذهبت لتؤكد على أهمية ان تتخلى دول بعينها عن دعم الارهاب في سوريا والعراق ولبنان واليمن والبحرين بل في عموم المنطقة، والابتعاد عن تسويق الحلول المطبوخة للوضع في سوريا، والتأكيد على حق الشعب السوري في انتخاب رئيس الجمهورية عبر انتخابات حرة ونزيهة..
في هذا المجال قال مساعد الخارجية اميرعبد اللهيان في حديث  لقناة العالم يوم الأحد الماضي "ان مشاركة إيران في اجتماع فيينا ادّت الى مضاعفة الإهتمام بما كنا نسعى اليه في استراتيجيتنا طيلة الاعوام الخمسة الماضية، وبعد محادثات ومداولات صعبة استمرت 7 ساعات، توصلنا الى حصيلة، تم إدراجها في البيان الختامي (موضحا) ان الجمهورية الاسلامية لم تقدم أي تنازل في الإجتماع كما انها لم تساوم حول مستقبل سوريا السياسي، بل اعلنت بصوت عال مواقفها الصريحة والواضحة، وفي ضوء الاستدلال والمنطق الايراني، فقد تراجع المشروع الاميركي المقترح الذي كان قد تقرر وضعه على طاولة المحادثات، أمام أفكار إيران السياسية التي تتوافق مع القانون الدولي وتدافع عن حقوق الشعب السوري في آن واحد".

(3)

ينبغي التأكيد ألف مرة على ان عملية التصدي لعصابات داعش الإرهابية ــ كما ورد في البيان الختامي لإجتماع فيينا ــ لايمكن أن تتجزأ، ذلك أنها عملية شاملة تتطلب القضاء على الخلفيات والدوافع والمسببات والنتائج جنبا الى جنب. ان مجرد اطلاق شعار محاربة الإرهاب الداعشي دون الإلتفات الى بواعثه، يُعد شعارا فضفاضا وحمّال أوجه، ولن يحقق غاياته المنشودة على مستوى وأد هذه الفتنة التي حيكت في الغرف الخاصة للمخابرات المتعددة الجنسيات والمافيات الدولية.
ولكي نكون صريحين أكثر نقول: إن مشاركة الجمهورية الاسلامية الايرانية في اجتماع فيينا، لم تأت بناء على رغبة طهران في التساوق مع الغرب بشأن تحديد سبل معالجة الأزمة السورية، بل جاءت هذه المساهمة لسببين: الاول) هو لكي تبرهن ايران للمجتمع الدولي على أنها تنبذ الارهاب أياً كان عنوانه لاسيما الأرهاب المتلبس بلبوس الأسلام والدين الحنيف.
والثاني) وهو الأهم، لأن الجمهورية الاسلامية اعتبرت أن "اجتماع فيينا" هو أفضل مختبر  يمكن من خلاله تمييز أصحاب الإرادة الصادقة من ذوي السرائر الخائنة قبال قضية التصدي ل "داعش وأشباهها". بدقة أكثر يمكن القول ان ايران توخت معرفة: هل أن الولايات المتحدة الأميركية واوروبا وبعض دول المنطقة هي صادقة حقاً في العمل على محاربة الإرهاب أم أن الأمر هو محض ادعاء سياسي إعلامي لا أكثر؟؟
واضح ان المخاوف والشكوك الإيرانية من عدم جدية أطراف كأميركا واوروبا والسعودية وقطر والامارات والبحرين وتركيا و "اسرائيل" وبلدان أخرى، مغزاها الواقع المأساوي المرير الذي تعاني منه سوريا  منذ آذار 2011 وحتى وقتنا الحاضر جراء تدخل الاطراف المذكورة  في شؤونها تحت ذريعة "مساندة المعارضة" او "دعم الثورة السورية" او "مناصرة أهل السنّة والجماعة"، أوما شاكل ذلك من الشعارات الزائفة التي لم تحمل الى  سوريا سوى التمزق والفقر والآلام والخراب والموت الأسود.
والانكى من ذلك وعندما بلغ السيل الزبى وباتت المخاطر الارهابية  تتهدد عمق البلدان التي رعتها وتبنتها وموّلتها، وبعدما اخذ المتسببون يعضون اصبع الندامة على ما فرطوا في جنب شعوبهم ودولهم واموال شعوبهم، فإنهم لم يجدوا أحداً يلبسونه "تهمة احتضان الإرهاب" سوى الجمهورية الاسلامية الإيرانية، والدليل على ذلك "مطالبة وزير خارجية النظام السعودي عادل جبير خلال اجتماع فيينا بخروج القوات الأجنبية (الايرانية) من سوريا شرطاً لعودة الاستقرار وتمهيداً للحل السياسي في سوريا"؟؟
من الطبيعي هنا هو أننا لا يجب أن نتحدث الى الرأي العام الاسلامي والعالمي عن رأينا في الإرهاب وداعميه ومروّجيه ونماذجه المتفرّخة بين فترة وأخرى. كما لا ينبغي أن نفرض عليهم ما نراه صحيحاً في هذا الصدد. فالسبب وببساطة هو أن أبناء الأمم والشعوب يقرأون الواقع ويعرفون الحقيقة بشكل جلي، ولايمكن ان يكونوا طعماً للإستغفال والتضليل اللذين يمارسهما "الإعلام الغربي الصهيوني الخليجي" في هذا الإتجاه.
فليس هناك من يجهل في هذا العالم ان سوريا و حزب الله لبنان وايران والعراق وفلسطين باعتبارها تشكل جبهة المقاومة والتصدي بوجه البرامج والتحركات الإستكبارية الدولية، تدفع اليوم ضريبة مواقفها الرسالية وملاحمها البطولية، وقد استهدفت هذه الجبهة المناضلة في قلبها النابض، سوريا بقيادة رئيسها المناضل الدكتور بشار الاسد. سوريا التي كانت مرفأً للخير والسلام والامان و ملاذاً للهاربين من بطش الطغاة، الباحثين عن طعم الحياة والاستقرار والأمن والسكينة. سوريا التي كانت وستبقى رمزاً للإخاء الإنساني والتسامح الديني والتعايش الحضاري.
لقد أحالَ الارهابيون العالميّون والإقليميون هذا البلد الآمن الى وطن ممزّق تتحكم فيه داعش الدموية والمسميات الإرهابية والتكفيرية الأخرى وعصابات الجريمة المنظمة والمافيات الدولية، كل ذلك لأن سوريا حافظ الاسد وبشار اسد كانت شوكة في عيون اميركا والصهيونية، وعاضدت أبطال  المقاومة الاسلامية والوطنية في لبنان وفلسطين في انتصاراتهم المدوّية على اسرائيل الغاصبة واسطورة جيشها الذي لا يقهر .
ومما لاشك فيه ان الجمهورية الاسلامية الايرانية ذهبت الى اجتماع فيينا وهي تحمل هم اعادة الامور الى نصابها في سوريا من جديد وهي جادة تماما وصادقة جداً في مساعيها، وهي تتطلع الى تنصب المساعدات العالمية والاقليمية في هذه البوتقة خلال الاجتماعات الدولية القادمة، اي انها تأمل ان يتم حشد الجهود وتوحيدها لمحاربة الارهاب فعلا والتخلي عن اساليب النفاق والمراوغة والإلتفاف كما تمثل جليا في اجتماع فيينا الأخير.
فالمؤكد ان سوريا برهنت على انها صامدة أمام جميع التحديات وهي صاحبة القرار الأول والأخير في تعيين مستقبلها السياسي وانتخابها رئيسها ونظامها. ورغم ان ايران وحلفاءها وقوى التحرر في العالم تؤمن بأن الرئيس بشار الأسد اظهر عبقرية واضحة في قيادة عملية التصدي للهجمة الغربية الصهيونية الخليجية التركية، وتقويض مخطط اسقاط الدولة السورية المناضلة، فأنها تؤمن ايضا ان الشعب السوري هو سيد الموقف والقادر على تعيين مصيره بنفسه وهو لن يرضى بالحلول المجتزأة والمشروطة والهيمنية الناقضة للإستقلال والسيادة والكرامة والعزة الوطنية.

* حميد حلمي زاده