بوتين في طهران.. ومؤتمر المعارضة السورية في الرياض!

بوتين في طهران.. ومؤتمر المعارضة السورية في الرياض!
الأحد ٢٢ نوفمبر ٢٠١٥ - ٠٤:٢٠ بتوقيت غرينتش

يبدو ان اعتداءات باريس التي اوقعت في 13 تشرين الثاني/ نوفمبر 130 قتيلا ونحو 350 جريحا من قبل تنظيم "داعش" صدمت صناع القرار في فرنسا الذين غردوا طيلة هذه الفترة النغمة التي فرضتها السعودية عليهم، وبدأوا يرجحون كفة الأمن الداخلي على بعض المكتسبات الاقتصادية على المدى القصير.

وبينما قدمت فرنسا قرارا استصدره مجلس الامن الدولي بالاجماع يدعو الدول الاعضاء الى “اتخاذ كافة التدابير الضرورية لمحاربة تنظيم داعش على الاراضي التي يسيطر عليها في كل من سوريا والعراق.. واصدار الاوامر الى حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول للتوجه نحو الشواطئ المحاذية لسوريا.. تذهب السعودية وحلفائها لتدارك المستجدات لايجاد جبهة موحدة مقابل الواقع الميداني الذي فرضته روسيا في دعمها الاخير للجيش السوري.. حيث بادرت الى استضافة مؤتمر للمعارضة السورية في اواسط الشهر المقبل في الرياض، كما وسارعت وزارة الخارجية الأميركية الى ان مبعوثها إلى سورية مايكل راتني سيحضر هذا المؤتمر، بهدف تمكين المعارضة من اختيار ممثليها والخروج بموقف قوي يدعم مفاوضاتها المستقبلية مع الحكومة السورية حول عملية انتقالية، ترجح الكفة لدى حلفائها. الامر الذي عارضته كل من إيران وروسيا واعتبرتاه تدخلا في الشأن الداخلي السوري.

أميركا التي جمعت تحالفا ضم ستين دولة لضرب "داعش" في العراق وسوريا، لم تتمكن من حسم المعركة ضد هذا التنظيم الارهابي، بل ان كل المؤشرات تحدثت بانها مدت المجموعات الارهابية بالعتاد والمؤن ايضا، ما ساعد الاخيرة على احتلال مناطق جديدة ايضا..

وجاء التدخل الروسي ليحرج أميركا امام شعوب المنطقة ودافعي الضرائب الأميركين.. وهي تعلم علم اليقين ان الكفة اصبحت لصالح روسيا وإيران، خاصة بعد الانتصارات المتتالية للجيش السوري على الارض وتقهقر قوى الارهاب وانكفائها نحو الحدود التركية شمالا والجولان المحتل والأردن جنوبا..

وكما "تيقن" اردوغان الذي كان يريد الصلاة في المسجد الاموي.. ان "سقوط" الاسد على مرمى حجر او اقل!.. فان كل المعادلات قد تغيرت عقب الدخول الروسي على الساحة السورية وقصفه الاخير لمواقع للمعارضة المسلحة المدعومة مباشرة من اردوغان .. في مناطق محاذية جدا للحدود التركية السورية.

لذلك يرى مراقبون ان زيارة بوتين الى طهران للمشاركة بإجتماع منظمة الدول المصدرة للغاز «GECF»ولقائه بقائد الثورة الاسلامية (القائد الاعلى للقوات المسلحة) ونظيره الإيراني حسن روحاني في طهران، يشكل هاجساً لدى الكثير من صُناع السياسة في الاقليم والعالم.. خاصة وان روسيا اصبحت مصرة اكثر على موقفها بعد العمل الارهابي الذي استهدف طائرتها المدنية في شرم الشيخ وراح ضحيته 224 شخصاً.

مستشار الكرملين يوري اوشاكوف الذي صرح ان هذه المحادثات "ستولى اهتماما خاصا للمسائل الدولية، اخذا بالاعتبار النزاع السوري"، قد وضع النقاط على الحروف في سعي موسكو الى تشكيل تحالف دولي لمحاربة التنظيمات الارهابية في كل من العراق وسورية .

ليس هذا وحسب، بل ان اعلان روسيا تسليمها إيران انظمة صواريخ للدفاعات الجوية من طراز اس-300 قبل نهاية العام زاد من شكوك التحالف السعودي ـ الأميركي ـ التركي في الهدف الاساس من التواجد الروسي في مياه البحر المتوسط والمناورات البحرية في هذه المنطقة..

وحسب خبراء ايضا، تأتي زيارة بوتين لطهران في سياق التعاون والتنسيق والتشاور المستمر بين البلدين إزاء ما يحدث في المنطقة، لبلورة موقف مشترك وواضح من مجمل ما يجري على الساحتين الإقليمية والدولية، خاصة أن أميركا وحلفاءها في المنطقة يحاولون خلط الأوراق من جديد، ووضع العصي في عجلات أي جهود لإيجاد حل للأزمة السورية بما يلبي طموحات الشعب السوري بالانتقال نحو مستقبل أفضل بعيداً عن التدخّلات والاملاءات الخارجية، كما تحمل في طياتها رسائل إلى تلك الجهات المعنية.

أنّ علاقات الشّراكة الإستراتيجية القائمة بين روسيا وإيران متينة، وخارج المساومات والصفقات، مهما بلغ  حجم التحديات، في وقت تأمل روسيا في تعزيز علاقاتها التجارية مع طهران بعدما لعبت دوراً حاسماً في المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني.

ويبدو ان أميركا تراقب بجدية ما سيتمخض عنه اجتماع طهران.. عسى ان تتمكن من ايجاد فجوة يحفظ لها ولكل الذين راهنوا على اسقاط النظام في سوريا.. علما ان مواقف إيران وروسيا من الأزمة السورية تؤكد مدى تقارب الرؤى والسياسات بينهما حول قضايا المنطقة والتحديات التي تواجهها.
• رائد دباب