مؤتمر الرياض فاشل.. من يقف وراء فشله؟!

مؤتمر الرياض فاشل.. من يقف وراء فشله؟!
الثلاثاء ٠٨ ديسمبر ٢٠١٥ - ٠٦:٣٣ بتوقيت غرينتش

يثير انسحاب المعارض السوري الدكتور هيثم مناع أمين عام تيار "قمح" المدعوم من القاهرة والمعارض للعنف الذي تمارسه الجماعات الارهابية في سوريا، من مؤتمر "المعارضة السورية" الذي تتولاه الرياض بالتنسيق مع تركيا وقطر.. يثير موجة خلاف جديدة بين السعودية ومصر.

وجاء قرار مناع بعد تصويت تياره بالاجماع على عدم المشاركة، خاصة وان هناك تيارات ومجموعات مهمة أخرى اعلنت انسحابها من مؤتمر الرياض و بعضها لم تدع اليه اساسا!

سبب الانسحاب، وحسب تصريحات المنسحبين، يعود الى ان السعودية ومعها حليفتيها تركيا وقطر، عمدت الى:

1. اقصاء قوى فاعلة واساسية في المشهد السوري (المعارضة) لمجرد انها تختلف معها في الرؤية الى الاحداث، وفي مقدمتها القوى الديمقراطية الكردية، بسبب فيتو من السلطات التركية، حلفاء الرياض الجدد في المنطقة!

2. اكثرت السعودية من دعوة احزاب وشخصيات وواجهات، وبعضها لا يتجاوز عدد اعضائها اصابع اليد وليس لها حضور سوى في القنوات التلفزيونية السعودية والقطرية، مع هيمنة واضحة للاتجاه الاخواني الذي تتحسس منه القاهرة وابوظبي على وجه الخصوص..

3. دعوت مجموعات ارهابية بعضها يرتبط علانية بتنظيم القاعدة، مثل: احرار الشام، والجبهة الاسلامية وجيش الفتح.. اضافة الى متزعمي عصابات محلية مرتبطين مباشرة بالمخابرات السعودية والقطرية والتركية وحتى الاسرائيلية.

لذلك يرى المنسحبون ان مؤتمر السعودية "كتب" على نفسه الفشل قبل انعقاده.. علما ان هناك مؤتمرين آخرين للمعارضة يتزامنان مع مؤتمر "الرياض" زمانيا، احدهما في الحسكة تشارك فيه القوى المنسحبة من الرياض والمقصية منه، وآخر في دمشق يجمع قوى المعارضة الداخلية.

وهذه القراءة ـ فشل مؤتمر السعودية للمعارضة السورية ـ أصبح يتشارك فيها أكثر من طرف في داخل المعارضة السورية على اختلاف انتماءاتها ومشاربها واطراف اقليمية ودولية:

1. أجزاء اساسية من المعارضة السورية (غير الدموية) ومن مختلف المكونات الاثنية السورية.

2. النظام في دمشق، وهو ما اعلنه الرئيس السوري بشار الاسد علانية في ان الفشل هو النتيجة الطبيعية لهذا المؤتمر، لانه يمثل الاتجاه الارهابي والمرتهن للخارج في المعارضة، ناهيك عن التباين في مواقف المدعويين لمؤتمر السعودية بسبب تباين تمويلاتها الاقليمية والدولية.

3. بعض الدول والقوى الاقليمية، وهو المهم في هذا المقال، وفي مقدمة هؤلاء دولة بحجم وثقل مصر وما تمثله القاهرة على صعيد العقل والرأي العام العربي والاسلامي.. ولعل الأردن والامارات ايضا يشاركان مصر في تقييمها للمؤتمر، اثر تمايز اغلب المواقف الاقليمية بين المثلثين: (المصري ـ الاماراتي ـ الاردني) و (السعودي ـ التركي ـ القطري).

4. هذه الرؤية تسندها ايضا كل من ايران التي عبرت عن تحفظاتها على تولي السعودية لمؤتمر المعارضة السورية، باعتبار ان السعودية طرفا في هذا الصراع ولها توجهات معروفة في دعم القوى المتطرفة والارهابية.. وبالاضافة الى ايران، هناك روسيا التي اصبحت اللاعب الاساسي في الساحة السورية وفي التصدي للمحور السعودي ـ القطري ـ التركي.

ومن المؤكد ان هذه الرؤية ايضا ان تكون بعيدة عن حلفاء الرياض الاوربيين، الذين اصبحوا بسبب الهجرة والارهاب معنيين بالوضع السوري والحيلولة دون فشل مساعي الحل السلمي الذي لا تريده الرياض وحليفتيها انقرة والدوحة.

وعلى هذا الاساس، فان القرار في فيينا القادمة (على صعيد موقف المعارضة) سيكون بيد القوى الدولية والاقليمية، لأن ما سينتج عن مؤتمر الرياض سيكون ضعيفا ولايستطيع ان يمثل المعارضة بقدر ما يمثل اجندات الرياض وحليفتيها، خاصة وان هناك معلومات تقول بان السعودية وحليفتيها كتبت ما سيعرف بـ"بيان الرياض" منذ فترة، وقبل ان يجتمع المدعوون للمؤتمر!

هذه الخطوة السعودية لن تنفع سلطات الرياض ولن يفك من عزلتها التي اخذت بالازدياد مع انسحاب اطراف اساسية من تحالفتها القديمة، في سوريا والعراق واليمن ومع تصاعد النقد الذي يوجه لادائها داخليا وخارجيا.. ناهيك عن ضغوطات الوضع الاقتصادي وما ستنتج عنه سياسة الرياضة الاقتصادية ورفع الدعم عن الكثير من السلع والخدمات، من صعوبات على مستوى استمالة الداخل والابقاء على صمته مع تزايد اعداد القتلى والخسائر التي تتكبدها في الجبهة الجنوبية (العدوان على اليمن).

والاهم من كل ذلك سوف تعتبر الرياض موقف المعارضة السورية التي تنتمي الى مايعرف بـ"مؤتمر القاهرة"، طعنة مصرية وخطوة عدائية مصرية تزيد من منسوب الخلافات بين الحليفتين السابقتين.. فكيف سترد الرياض؟

هل ستكتفي الرياض باقصاء قوى "مؤتمر القاهرة" من التاثير في فيينا القادم ومستقبل سوريا، وهي بالتالي عملية صعبة لكثرة تداخلتها.. أم انها ستتقدم في ذلك خطوات اكبر وتهئ الجنرال سامي عنان الذي زارها قبل مدة – الرياض ـ بشكل سري وبالتعاون مع الاخوان المسلمين، الذين عادوا الى الحضيرة السعودية من باب انقرة والدوحة، الى حدث يستهدف حكومة السيسي نفسه التي بدات تخرج عن السياق وبيت الطاعة السعودي رغم الـ20 مليار دولار مساعدات التي انفقتها الرياض لتمويل مشاريع القاهرة؟!

المستقبل القريب سيكشف الكثير.. لكنه سيكون ان شاء الله لصالح سوريا والمنطقة والاستقرار.
بقلم: علاء رضائي