الانفجار الممنوع في مؤتمر الرياض السوري

الانفجار الممنوع في مؤتمر الرياض السوري
الأربعاء ٠٩ ديسمبر ٢٠١٥ - ٠٨:٢٤ بتوقيت غرينتش

وسط إجراءات أمنية استثنائية، واهداف ملتبسة بين المدعوين، وتناقضات في الرؤى والبرامج والولاءات السياسية والمالية والايديولوجية، تجمع العشرات ممن يصفهم المضيف السعودي بانهم من المعارضة السورية في احد الفنادق الفاخرة في العاصمة السعودية الرياض، وسط احتمالين يبدو كأن لا ثالث لهما: إما القبول بمواقف حددها المضيف السعودي مسبقا، او الخروج بفشل لا يكون مدويا، اذ ان الانفجار الشامل للاجتماع سيكون، غالبا، ممنوعا سعوديا.

ومع توافد عشرات الشخصيات من السياسيين المعارضين وقيادات ميليشيات مسلحة من داخل سوريا وخارجها، الى العاصمة السعودية، تعرض مؤتمر المعارضة قبيل انطلاق أعماله اليوم، إلى انتقادات لاذعة، حيث وصفه مصدر ديبلوماسي غربي بأنه يشبه «قائمة رغبات سعودية - تركية»، فيما أبدى رئيس «تيار قمح» المعارض هيثم مناع «تشاؤمه» من نجاحه، معتبراً انه سيكون «حقل ألغام وقنابل عنقودية، وكل عناصر الانفجار موجودة فيه».
كما أن المؤتمر، المطوق بحماية القوات الخاصة السعودية، يواجه احتمالات فشل اخرى. والى جانب دول اقليمية ودولية معترضة عليه، هناك قوى سورية معارضة رافضة له، وساهمت السعودية في رفع الاصوات ضدها بعدما استثنت منه السوريين الأكراد، القوة الاكثر فاعلية في مواجهة الارهاب في الشمال السوري، وهم عقدوا اجتماعاً موازياً في الحسكة. كما ارتكبت المملكة خطأ اخر كما يرى كثيرون، تمثل بدعوة مجموعات مسلحة تطالب بتطبيق «الشريعة الإسلامية» في سوريا، في انقلاب واضح على «بيان فيينا» الذي دعا إلى إقامة دولة علمانية.
وتبدو دعوة مثل هذه الجماعات التي ترفع شعار تطبيق الشريعة الاسلامية، وبينها من هو مرتبك او مقرب من تنظيم «القاعدة»، محاولة من المضيفين السعوديين لإغلاق الطريق أمام وضعها على لائحة الإرهاب. فرز «الارهابي» عن «المعتدل»، شرط وضعته موسكو قبل انعقاد المؤتمر الذي تطالب واشنطن بالتئامه في نيويورك في 18 كانون الأول الحالي.
واقر وزير الخارجية الأميركي جون كيري، خلال لقائه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في باريس، بأن العمل لا زال يجري على وضع تفاصيل تتعلق بتمثيل المعارضة السورية في المحادثات. وقال «اعتمادا على نتائج المؤتمر الذي تستضيفه السعودية للمعارضة السورية، إضافة إلى قضايا أخرى، فإننا نعتزم السعي لعقد اجتماع والمشاركة فيه في نيويورك في 18 كانون الأول الحالي. لكن مرة أخرى، ذلك يتوقف على سير الأحداث خلال الأسبوع المقبل. هذه هي خطتنا الحالية، ونأمل في أن نتمكن من تنفيذها».

 اجتماع الرياض

وشددت قوات الأمن السعودية إجراءاتها الأمنية في فندق «انتركونتيننتال» بالرياض، حيث طلب من الصحافيين مغادرته بينما تجمع مقاتلو وقيادات المعارضة.
وكانت قائمة المدعوين لمحادثات الرياض تضم في البداية 65 شخصاً، ولكن طرأت زيادة كبيرة على هذا العدد. ويقول منتقدون إنها لن تؤدي في النهاية إلى اجتماع يشمل كل الأطياف، حيث انه لم يتم توجيه دعوة إلى الأكراد، كما انسحب «تيار قمح» منه. وسيكون «الائتلاف الوطني» صاحب الحصة الأكبر من الدعوات، مع قرابة 20 شخصا من أصل إجمالي المدعوين الذين يقارب عددهم المئة.
وبحسب مصادر معارضة وصحف سعودية، شملت الدعوة، إضافة إلى «الائتلاف»، «هيئة التنسيق الوطنية»، وشخصيات من «مؤتمر القاهرة» الذي يضم معارضين من الداخل والخارج. ومن بين المدعوين فصائل إسلامية، هي «جيش الإسلام»، و «أحرار الشام» التي ارتبط مؤسسوها بصلات بتنظيم «القاعدة». وتقاتل «أحرار الشام» إلى جانب «جبهة النصرة». ومن المقرر أن تحضر أيضا أكثر من 10 جماعات تقاتل تحت لواء «الجيش السوري الحر».
وقال ديبلوماسي غربي، يتابع الشأن السوري عن محادثات الرياض، «إنها ليست شاملة. ليس هذا المنبر الموحد الشامل للمعارضة». وأضاف «لا أتوقع أن تكون (محادثات) الرياض خطوة بناءة. اتسم الأمر برمته بالسلبية الشديدة، ويبدو مثل قائمة رغبات سعودية - تركية».
وأعلن مناع انسحابه من اجتماع الرياض، لأنه يضم أشخاصاً يؤيدون إقامة إمارة إسلامية. وأبدى «تشاؤمه» من نجاح مؤتمر الرياض، معتبراً انه سيكون «حقل ألغام وقنابل عنقودية، وكل عناصر الانفجار موجودة فيه».
ويهدف اجتماع الرياض للتوصل إلى جدول أعمال وفريق تفاوض مشترك من أجل المحادثات مع الحكومة السورية. وقالت عضو «الائتلاف» نغم الغادري إن «المعارضة لن تتراجع عن مطالبتها برحيل (الرئيس بشار) الأسد بمجرد إنشاء كيان انتقالي حاكم»، مشيرة إلى أن «المعارضة لا تقبل ببقائه خلال الفترة الانتقالية». وخفضت بعض الدول الغربية التي دعت لرحيل الأسد في العام 2011 من مطالبها، قائلة إنه يمكن أن يبقى خلال الفترة الانتقالية على الأقل.
وقال مصدر مشارك في اللقاءات التحضيرية، لوكالة «فرانس برس»، إن بنود البحث ستركز على «التوافق حول الحل السياسي وتشكيل وفد من المختصين يمثل الأبعاد السياسية والعسكرية والأمنية والمجتمعية والقانونية، لموازاة وفد النظام» في لقاء ترغب الدول الكبرى بعقده بينهما بحلول الأول من كانون الثاني المقبل، مرجحاً أن يراوح عديد الوفد ما بين 20 و40 شخصا.
وأوضح المصدر أنه سيتم اليوم وغداً عقد جلسات متتابعة مدة كل منها ساعة ونصف الساعة، يديرها عبد العزيز بن صقر «كجهة مستقلة». وستبحث في اليوم الأول بنودا تشمل «الثوابت الوطنية للتسوية، مفهوم التسوية السياسية، العملية التفاوضية، والمرحلة الانتقالية»، على أن يركز اليوم الثاني على «الإرهاب، وقف إطلاق النار، وإعادة بناء سوريا». ويتوقع أن يصدر في نهاية المؤتمر بيان ختامي.

السفير