السعودية ورؤيتها لعام 2030.. أضغاث أحلام

السعودية ورؤيتها  لعام 2030.. أضغاث أحلام
الخميس ١٢ مايو ٢٠١٦ - ٠٨:٠٣ بتوقيت غرينتش

يبدو أن سياسات السعودية في منطقة الشرق الاوسط قد فشلت فشلا ذريعا في عهد الملك الجديد سلمان بن عبد العزيز وكان تورطها في حروب وازمات مثل شنها الحرب على اليمن وتدخلها السافر في سوريا والعراق، قد اجبر حكام السعودية على انفاق ما تبقى لديهم من اموال النفط التي تقلصت اثر انهيار اسعاره بفعل سياساتهم المغلوطة في اغراق الاسواق بالنفط، على شراء أصوات الدول الافريقية الفقيرة لادانة ايران في المؤتمرات والمنظمات التي رتبتها السعودية واجبار هذه الدول على قطع علاقاتها مع ايران ظنا منهم بان ذلك سيحاصر ايران ويجعلها معزولة عن محيطها.

فالسعوديون لم يكتفوا بذلك بل ظنوا بان ايران التي عانت الحصار والعقوبات طوال اكثر من ثلاثين عاما ووقفت صامدة في مواجهة الولايات المتحدة والغرب وتمكنت اخيرا من ابرام الاتفاق النووي مع مجموعة الدول الست الكبرى (5+1) وحصلت على اعترافها بقوتها النووية واذعانها بمكانتها العالمية، سوف تنهار أمام سياسات السعودية المرتجلة وخاصة سياسات وزير خارجيتها الجديد العهد بالسياسة والدبلوماسية.
ان الطاقم الجديد الحاكم في السعودية بدلا من العمل على تحسين الوضع الاقتصادي الداخلي والسعي لزيادة مداخيل السعودية من النفط، واقامة علاقات جيدة مع الجيران، لجأ الى استخدام القوة من اجل كسب احترام الاخرين، فزاد من تدخله في دول الخليج (الفارسي) وخاصة في البحرين وواصل تزويد حاكم هذه الامارة بالسلاح من اجل قمع انتفاضة الشعب البحريني ضد السلطة الحاكمة الفاسدة هناك. بل تدخل في شوون الدول الخليجية الاخري لفرض هيبته عليها وجعلها تقر بقيادة السعودية عليها.
ان ما يثير الضحك والسخرية هو إن أحد ابواق النظام السعودي الذي يدبج مقالاته في مدح الحكام السعوديين، يرى بان شن الحرب على اليمن هو إنجاز للسياسة الخارجية السعودية التي شهدت حماسة وحيوية بعد "عاصفة الحزم" كما يزعم.
ويؤكد هذا البوق المعروف بعلاقاته الوطيدة بزعماء ال سعود في شرح ما يسميه "رؤية السعودية لعام 2030"، ان السعودية تصر على اخراج ايران من سوريه والعراق ولبنان مهما كلف الامر!!، ويضيف أن السعودية هي راعية الاسلام الوسطي الحقيقي !! ولا يجوز لايران أن تمثل الاسلام ولا يجوز لها ان تتمدد وان السعودية شرعت في مواجهة تمدد ايران وحققت نجاحات عدة مؤكدا ان النشاط الايراني ينحسر، بل ان دولا عدة باتت تمنعه واخرى ذهبت حتى قطع العلاقات مع طهران (يقصد السودان وجيبوتي والصومال وجزر القمر) بفعل المال  السعودي.
يواصل الصحفي السعودي في كيل المديح لاولياء نعمته والانتقاص من سياسات ايران في المنطقة زاعما بان ايران لها مشروعها الخاص الذي لا ينم عن حسن الجيرة وتبادل المنافع واحلال السلام والاستقرار مضيفا ان الرؤية الايرانية لا تقوم على المشاركة وانما على اخضاع الاخرين.
يا سبحان الله نسي هذا الصحفي كيف ان الحكام السعوديين قطعوا المساعدات العسكرية عن لبنان بسبب عدم خضوع لبنان لضغوطهم وعدم موافقتهم لابتزازاتها وفرض ارادتها على الشعب اللبناني.
ان رؤية السعودية لعام 2030، كما يقول الكاتب والصحفي السعودي الخاشقجي، تقوم على اقامة تحالفات ومجالس تنسيق تبرم اتفاقيات مع تركيا ومصر والاردن والسودان وجيبوتي والشرق والغرب ويضيف: "تنشغل السعودية بجيشها، ودبلوماسيتها، ما ظهر منها وما بطن، في إعادة ترتيب أمن المنطقة، ووقف حالة الانهيار الذي تعيشه، من أجل أن يحيا ليس السعوديون وحدهم حياة آمنة كريمة، يعيشون "جودة الحياة"، وهو مصطلح رائع لا يجوز أن يمر عليه المحلل مرور الكرام وهو يقرأه في "رؤية 2030"، وإنما كل سكان المنطقة".
ان رؤية السعودية لعام 2030 كما يرى الصحفي السعودي تريد اخراج ايران من عالمنا باي وسيلة؟ ربما احداها التعاون مع "اسرائيل" وهذا ما قام به الامير تركي الفيصل، رئيس جهاز الاستخبارات السعودي الاسبق، في لقائه مع الجنرال يعقوب عميدور، مستشار الامن القومي الاسرائيلي السابق في "المناظرة" التي نظمها معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى، المعروف بهيمنة اللوبي الاسرائيلي عليه.
ان "التطبيع" بين السعودية و"اسرائيل" كما يري الصحفي الفلسطيني عبد الباري عطوان يسير على قدم وساق، وان هذه المناظرات ليست أحد حلقاته فقط، وانما تأتي لتؤسس تعاون استراتيجي بين الجانبين لمواجهة الخطر المشترك المتمثل في "الارهاب"، بشقيه السني والشيعي وايران وحزب الله، وداعش على وجه الخصوص، لان اسرائيل لم تعد عدوا، وحتى وان بقيت كذلك، فهي عدو من الدرجة الثانية، او حتى العاشرة بعد ايران.
ان رؤية السعودية 2030، لا يمكن ان تحقق انجازات للشعب في الجزيرة العربية، لانها أضغاث أحلام، وهي رؤية  قائمة على العداء لدول المنطقة وخاصة ايران ومواصلة العدوان علي جيران السعودية وخاصة الشعب اليمني والتدخل في شؤون الدول العربية وخاصة سوريا والعراق والتطبيع مع العدو الصهيوني لمواجهة ايران الاسلامية وهذه الرؤية تخدم مصالح الاجانب في توتير الاوضاع في المنطقة واثارة الحروب والنزاعات والفوضى.

* شاكر كسرائي

2-205