كيف أنقذ لاجئون عرب فنلندا تكنولوجيا؟ اليك التفاصيل..

كيف أنقذ لاجئون عرب فنلندا تكنولوجيا؟ اليك التفاصيل..
الخميس ٠٩ يونيو ٢٠١٦ - ٠٨:٥٩ بتوقيت غرينتش

تعاني فنلندا من مشكلتين في الوقت الراهن، فعلى الرغم من المشهد الذي يوحي بازدهار البلاد للوهلة الأولى، فثمة نقص متزايد في عدد مطوري البرامج بالبلاد.

أما المشكلة الثانية فتكمن في أن أكثر من 32 ألفاً من طالبي اللجوء وصلوا للدولة الإسكندنافية خلال عام 2015- وكثير من هؤلاء لا يزال في عمر الشباب، ولديه شهادة عليا، كما أنه يستطيع استخدام الحاسب الآلي- وهؤلاء يُتوقع أن ينتظروا أعواماً قبل أن يحصلوا على وظيفة، وفقاً لتقرير لصحيفة الغارديان البريطانية.

يقول نيكلاس لاهتي، الرئيس التنفيذي لشركة "نورد للبرمجيات" المتخصصة في خدمات الشبكات، والتي تتخذ من العاصمة هلسنكي مقراً لها: "لقد فكّرنا في أنه من المؤكد أن ثمة طريقة لبدء مواجهة تلك المشكلات على الأقل".

وأضاف قائلاً "يمكننا تعليم اللاجئين الترميز ولغات البرمجة، لكي يصيروا مهندسي برمجيات".

ويشهد الشهر الحالي بدء أول ثلاثة خريجين من برنامج "إنتيجريفاي" Integrify، للمنح التي حصلوا عليها بالتعاون مع كبرى شركات التكنولوجيا الفنلندية. وقد بدأ لاهتي وصديقه دانيل رحمن، وهو رئيس شركة توظيف تسمى "تالينت كونيكت"، في تدشين برنامج "إنتيجريفاي"، الذي يساعد على تخريج مطوري برامج من طالبي اللجوء، في أبريل /نيسان 2016.

السويد تحتاجهم بشدة

ويعمل كلاهما على تدشين برنامج آخر موسّع، والذي يهدف إلى تدريب 200 لاجئ لكي يصيروا مطوري برامج، أملاً في توفير وظائف لهم بكل أوروبا، بدءاً من السويد التي يصفها لاهتي بأنها "من المستحيل أن تجد مطوري برامج هناك، حتى أن الأمر أكثر صعوبة من فنلندا"، حسبما قال.

ويضيف لاهتي قائلاً إن نقطة البداية كانت بعد استيعاب أن "الاندماج يستغرق وقتاً طويلاً. وأنت لديك كثير من الشباب المؤهل والمتحمس الذي لا يفعل شيئاً. وأشار إلى أن عملية التسجيل تستغرق وقتاً طويلاً للغاية، كما أنه ينبغي عليهم تعلم الفنلندية قبل الحصول على الوظيفة. وفي المقابل، كل ما تحتاجه في البرمجة هو إتقان اللغة الإنجليزية وحسب".

يقول رحمن إنه حتى إن كانت أوراق اعتمادهم جاهزة، فكثير من طالبي اللجوء قد ينتظر لفترة تصل إلى 5 سنوات لكي يحصل على وظيفة. ويضيف أنهم عندما يحصلون على الوظيفة "قد يجد كثير من المتعلمين أنفسهم يعملون بوظائف أقل من مهاراتهم ومستوى تعليمهم".

غياب روح الضيافة ينفرهم؟

وقد تسبب نظام الحياة، والمناخ الإسكندنافي الذي تغيب فيه روح الضيافة، في حالة من الإحباط لدى بعض الوافدين الجدد من طالبي اللجوء في فنلندا، حيث يقول مسؤولون إنهم يتوقعون أن يلغي 5 آلاف وافد من طالبي اللجوء استماراتهم؛ ليعودوا إلى بلادهم.

كما يوضح المسؤولون أن 4 آلاف لاجئ، حوالي 80% منهم كانوا عراقيين، طلبوا المساعدة في فبراير/شباط 2016 من أجل مغادرة البلاد.

ومع معاناة قطاع تكنولوجيا المعلومات بفنلندا من نقص العمالة، حيث تتوفر حوالي 5000 وظيفة شاغرة بالمجال، لم يجد كلاهما صعوبة في الحصول على رعاية 12 من شركات البرمجيات وخدمات الشبكات في فنلندا، والتي قد توفر وظائف في المستقبل للمشتركين في البرنامج. فاستأجروا شقة كبيرة وسط العاصمة هلسنكي لكي تستوعب الطلبة الناجحين، كما عينوا مهندساً ذا خبرة لكي يعلمهم.

وبعد مرور ثمانية أسابيع بالدورة التدريبية، حصل ثلاثة من أصل خمسة متدربين- وهم من إيران والعراق والصومال وسوريا- على منح تدريبية، كما ينتظر الاثنان الآخران نتيجة المقابلات التي أجروها.

ويعد عياس طه (22 عاماً) أحد هؤلاء الخريجين الخمسة، حيث هرب طه من بلده العراق بعد أن تعرض منزله لتفجير ثلاث مرات.

ومع بداية عام 2015، استطاع الحصول على وظيفة في شركة جديدة لتوصيل الطعام عبر الإنترنت بالأردن، حيث كان يعمل بقسم خدمة العملاء والدعم الفني. لكنه أدرك فيما بعد أنه لن يستطيع العودة إلى بغداد مجدداً بعد أن قُتل أبوه في هجوم إرهابي.

36 تحت الصفر

وأوضح طه قائلاً "كنت أعرف أن فنلندا بلد جيد، ولديهم إنسانية. كما أنه مكان رائع للتعليم. ولكن الجانب السلبي الوحيد كان الجو؛ فعندما كنت في بغداد كانت درجة الحرارة في الصيف تصل إلى 50 درجة، أما في فنلندا فقد تصل درجة الحرارة في الشتاء إلى 36 درجة تحت الصفر. وكان ذلك بمثابة صدمة بالنسبة إلي".

وقضى طه 6 أشهر في أحد مراكز استقبال اللاجئين، وشهرين في مركز آخر قبل أن يقابل رحمن ولاهتي.

يقول طه "بدلاً من عدم القيام بأي شيء، أتعلم في الوقت الحالي لغة البرمجة لمدة 8 ساعات في اليوم. لم أكن أعرف شيئاً، ولم يكن لدي أي خبرة سابقة عن الترميز. لكنها فرصة مدهشة".

أما نزار رحمي (26 عاماً)، أحد خريجي البرنامج، فقد وصل إلى فنلندا منذ ثلاثة أشهر بعدما فرّ من دمشق مع زوجته ليديا، عندما دُمر منزل والديها إثر انفجار، وذلك في شهر ديسمبر/كانون الأول 2015.

ويعد رحمي مهندساً معمارياً، حيث كان متخصصاً أيضاً في مجال الرسوم المتحركة وتطوير الألعاب الإلكترونية في سوريا، وقد وصل إلى فنلندا عبر روسيا، وكان يأمل في بداية الأمر "أن يستكمل دراسته في تكنولوجيا المعلومات. لذا فإن تلك الفرصة كانت مدهشة"، حسبما يقول.
المصدر: الديار
103-2