تركي الفيصل والفراغ الفضيحة في باريس

تركي الفيصل والفراغ الفضيحة في باريس
الثلاثاء ١٢ يوليو ٢٠١٦ - ٠٨:١٠ بتوقيت غرينتش

حمّل الكثيرون تصريحات السعودي تركي الفيصل خلال مؤتمر جماعة "خلق الارهابية" في باريس اكثر مما تتحمل، مع انه يمكن اختصار ما جرى بجملة واحدة، وهي ان تمويل ودعم حكام السعودية للإرهاب ضد النظام الاسلامي في ايران، انتقل من العتمة الى الضوء او من السر الى العلن، لا اكثر ولا اقل... فالسعودية ومنذ ان انطلقت الثورة، تعمل على اسقاطها بشتى السبل.

لكن لماذا هذا الإنتقال؟ وما هي أسبابه؟ الم يكن بإمكان السعودية ان تبقي على عملها سريا من دون ان تقدم دليلا معلنا لإيران على أنها تتأمر ضد "نظام الاسلامي" فيها؟ وتقدم ايضا دليلا لا يدحض للعالم عن خرقها للقوانين الدولية من خلال تدخلها في شؤون دولة حرة مستقلة؟
الأجوبة بسيطة ايضا... ويمكن اختصارها بكلمة واحدة وهي " الهزيمة" التي يعانيها ساسة الرياض في الملفات التي يديرونها في المنطقة..
فمع كل مفصل يمكن ان يشكل تحولا سياسيا في المنطقة تجد السعودية نفسها، خارج اللعبة ومن "غير وزن" في هذا التحول، وفي المقابل، ترى ايران تلعب الدور الأكبر، لذا هي تلجأ الى الصراخ والعويل، كي تسمعها امريكا، و"تَمُنّ" عليها ب"فتات" دور ما.
اليوم هناك تنسيق روسي امريكي بشأن المنطقة، وبغض النظر عن نتائج هذا التنسيق والموقف منه، فان الرياض، كالعادة تجد نفسها خارج المعادلة، لذا دفعت بفيصلها لتنفيذ هذه "المهمة" ولتبعث من خلالها برسالة الى البيت الأبيض، انه كما عملتُ أنا و"اسرائيل" وفرنسا على عرقلة المفاوضات بشأن الإتفاق النووي مع ايران، واضطر يومها الرئيس الامريكي باراك اوباما لزيارة مجلس التعاون، والضحك على " اتباعه" فيه، واسترضائهم،  اليوم سأعرقل أي تسوية في المنطقة ليس لي فيها "حصة كبيرة ". خاصة وانها ترى ان تركيا بدأت تستدير باتجاه دول الجوار، وهذا ما أعلن عنه رئيس الوزراء يلدرم بقوله ان أنقرة "تسعى لتحسين علاقاتها مع سوريا والعراق ومصر".
بذلت السعودية أقصى جهدها لجمع ما تبقى من شتات مسؤولي وعناصر منظمة "خلق الارهابية" من كل القارة الأوروبية والدول العربية وحشرتهم الى فرنسا، الا ان كل ما جمعته لم يملأ زاوية من قاعة المؤتمر في باريس، فاستدعت مرتزقتها العرب من كل اوروبا ليملأوا "الفراغ الفضيحة". بدليل ان تركي الفيصل تحدث بالعربية وليس بالفارسية وتفاعل معه الحضور وكأنهم كلهم عرب، وايضا عندما تحدث عن اسقاط "نظام الجمهورية الاسلامية في ايران"، هتف الحضور بلسان عربية فضيح ولكنة عربية واضحة "الشعب يريد اسقاط النظام"، ولو كان الحضور فارسيا  فعلا، لما تفاعل مع خطاب الفيصل الذي استمر 28 دقيقة، ولكانت لكنة الهاتفين ذات "نكهة" فارسية.
ربما نجحت الرياض في اسماع صوتها لواشنطن، وبدل ان يضطر اوباما لإسترضاء الرياض، قام الكونغرس بلعب دوره، ولكن ليس بهدف، استرضاء الرياض بل بهدف تأمين المصالح الامريكية والاسرائيلية، وفي الطريق تستفيد السعودية.
واشنطن غير معنية حاليا بتوتير الأوضاع في المنطقة على ابواب الإنتخابات الرئاسية الاميريكية، وغير مستعدة لخوض أي مغامرة غير محسوبة لمصلحة "تابع فاشل" هو الرياض.
في المقابل، لدى طهران من الحكمة والعقل ما يزن اكثر مما يملكه ال سعود من بترول واموال، وهي ليست في وارد خوض أزمة سياسية او غيرسياسية  في المنطقة حاليا، لأنها مشغولة في قضايا اكبر، على رأسها اسقاط المشروع الامريكي الاسرائيلي السعودي التكفيري في المنطقة. وهي لن تمنح أل سعود شرف الاهتمام "بمسرحية تافهة " مكشوفة .
ولو كان باستطاعة حكام ال سعود "خدام شاه ايران" ان يسقطوا "النظام الاسلامي" في ايران، لفعلوا ذلك منذ ثلاثة عقود، فهم من دعم ومول عدوان صدام حسين على الثورة الإسلامية منذ ولادتها، وهم من دعم ومول كل الحركات الإرهابية في ايران، وهم من نسق مع الموساد الاسرائيلي وجماعة "خلق الارهابية" لاغتيال العلماء الايرانيين النوويين.
وعليه فان نباح كلب في باريس على قافلة محور المقاومة السائرة في المنطقة، لن يغير في مسارها، ولن يحظى بإهتمام. فالميدان في حلب واليمن والعراق ولبنان موجع للسعودية، وهو الاولى باهتمام الدول المحورية، اما  الحكام الصبية فليلعبوا في فناء الحديقة.
• حكم امهز
208-4