معطيات الانتخابات اللبنانية من وجهة نظر اسرائيل

الثلاثاء ٠٨ سبتمبر ٢٠٠٩ - ٠٣:٤١ بتوقيت غرينتش

برغم مرور ثلاثة أشهر على جولة الانتخابات اللبنانية الأخيرة وبرغم إغفال التحليلات السياسية العربية لخلفيات ومعطيات وما وراء معطيات هذه الانتخابات، فإن مراكز الدراسات السياسية والاستراتيجية الإسرائيلية ما تزال تسلط المزيد من التحليلات التي تهدف إلى إعادة قراءة ما يحدث وما سيحدث في الساحة اللبنانية.
* معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي والانتخابات اللبنانية:
نشر معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي التابع لجامعة تل أبيب التخمين الاستراتيجي الدوري - المجلد رقم (12) - الإصدار رقم (2)، وتضمن هذا التخمين ورقة بحثية حملت عنوان «الانتخابات البرلمانية اللبنانية: العودة للمستقبل؟» تم إعدادها بواسطة الباحثة بينيديتا بيرتي التي تحمل زمالة نيو باور للبحوث بالمعهد. وتقع الورقة البحثية في أربع صفحات من القطع المتوسط وتغلب عليها سمة كثافة التحليل وكثرة مصادر المعلومات الأولية والثانوية، وعلى أساس الاعتبارات الشكلية ينقسم التحليل إجرائياً إلى أربع فقرات رئيسية هي:

• إرث الطائف وانتخابات عام 2009: وصل النقاط.
• النتائج الانتخابية: القراءة بين السطور.
• فرصة قوى 14 آذار الثانية: التحديات الماثلة.
• مستقبل لبنان السياسي: الكأس نصف الممتلئ.

تحليل نتائج الانتخابات اللبنانية العامة الأخيرة بحسب ما ورد في الورقة البحثية يتجاوز مجرد التعاطي مع الأرقام التي عكستها الجداول الإحصائية بما يمضي باتجاه تحليل التفاعلات الجارية والمحتملة ليس في الساحة السياسية اللبنانية وإنما ضمن سياقها الإقليمي والدولي والتأثير المتبادل بين ما يحدث في لبنان وما يجري خارج لبنان.
أولاً: إرث الطائف وانتخابات 2009: وصل النقاط: تحت هذا العنوان أشارت الورقة البحثية إلى النقاط الآتية:

• يقوم النظام السياسي اللبناني على مبدأ المحاصصة السياسية الطائفية الذي تم إقراره ضمن اتفاق عام 1943 ثم أصبح بعد ذلك على غرار الأمر الواقع بموجب اتفاق الطائف، ولكن ما هو مثير للانتباه والاهتمام أن اتفاق الطائف قد طالب بإزالة مبدأ المحاصصة السياسية الطائفية ولكن برغم ذلك فقد ظلت هذه المحاصصة حاضرة بقوة في العملية السياسية اللبنانية، وذلك بما يفيد لجهة أن اتفاق الطائف ما زال غير قادر على تجاوز الواقع السياسي الطائفي في لبنان والذي سيظل لفترة طويلة قادمة عصياً على التعديل والضبط.
• توقع الجميع أن يغير اتفاق الطائف واقع الطائفية السياسية اللبنانية ولكنه بدلاً من ذلك أدى إلى ترسيخ ديناميات هذه الطائفية وحتى التعديلات التي تمت في أعوام 2000 و2005 ما كان من الممكن أن تتم لولا وجود السعوديين في لبنان آنذاك.

• التحسينات التي تم إجراؤها في أيلول 2008 ما كانت لتتم لولا ضغوط الأزمة التي أدت إلى اتفاق الدوحة وبرغم أن هذه التعديلات ركزت على إعادة ترسيم بعض الدوائر الانتخابية فإن القانون الانتخابي اللبناني الحالي ما زال يعاني من بعض جوانب الضعف والقصور ومنها:
- لم يتضمن القانون توصية لجنة فؤاد بطرس التي أكدت على مبدأ التمثيل النسبي في النظام الانتخابي اللبناني.
- عدم الانسجام مع مبدأ التمثيل الانتخابي الفعال الذي يعتبر من أبرز أركان اتفاق الطائف.

ثانياً: النتائج الانتخابية: القراءة بين السطور:
تحت هذا العنوان أشارت الورقة البحثية إلى النقاط الآتية:
• فشل القانون الانتخابي اللبناني الجديد في مواجهة القضايا والمشاكل وأفسح المجال أمام استمرار نظام "الصوت الضامن".
• لم ينجح القانون الانتخابي اللبناني الجديد في القضاء على إشكالية عدم التناسب بين إجمالي عدد الأصوات التي يحصل عليها الحزب السياسي وعدد المقاعد التي يحصل عليها في البرلمان وعلى سبيل المثال فقد حصلت كتلة المستقبل التي يتزعمها سعد الحريري على 45% من إجمالي عدد الأصوات ولكنها بهذه النسبة حصلت على 71 مقعداً نيابياً من إجمالي مقاعد المجلس البالغة 128 مقعداً، وبالمقابل حصلت قوى 8 آذار التي يتزعمها «حزب الله» على 55% من الأصوات ولكنها حصلت على 57 مقعداً فقط! وهنا تبدو المفارقة في النظام الانتخابي اللبناني بحيث أن الذي حصل على أصوات أكثر حصل على مقاعد أقل.. والعكس صحيح!

ثالثاً: فرصة قوى 14 آذار الثانية: التحديات الماثلة:
تحت هذا العنوان أشارت الورقة إلى الصعوبات الماثلة أمام قوى 14 آذار باعتبارها ستمثل العقبات الرئيسية أمام تطبيق أجندة جدول أعمال قوى 14 آذار في ولايتها الجديدة، ويمكن الإشارة إلى هذه الصعوبات ضمن النقاط الآتية:

• فرصة حكومة قوى 14 آذار في القيام بالمناورة ستكون ضيقة للغاية بسبب التوترات المجتمعية الحالية إضافة إلى أن قوى 14 آذار ستسعى إلى تفادي أي مواجهة سياسية في الشارع اللبناني طالما أن غالبية اللبنانيين (55%) أدلت بأصواتها لصالح قوى 8 آذار.

• تلازم ديناميكيات الصراع السياسي مع ديناميكيات الصراع الطائفي بحيث أن أي نزاع سياسي يحدث فإنه سرعان ما يتحول إلى نزاع طائفي، وأي نزاع طائفي يتجاوز حدود التهدئة فإنه يتحو