مجموعة العشرين .. التوافق العالمي بدأ في التصدع

الأربعاء ٠٩ سبتمبر ٢٠٠٩ - ١٢:١٨ بتوقيت غرينتش

الجِدّة آخذة في البلاء. التوقع المتحمس والضجة الدبلوماسية اللذين ظهرا في قمة لندن أخليا السبيل لشيء من البلاء والوهن قبل الاجتماع الخاص بمجموعة الدول العشرين الرائدة هذا الشهر. وكان بإمكان قادة أكبر اقتصادات العالم أن يدّعوا في الربيع الماضي أنهم أنقذوا العالم، فماذا لديهم من إضافة جديدة؟

لقد تجاوزت مجموعة العشرين نفسها. وإذا أضفت ذلك العدد الكبير من المنظمات الدولية والإقليمية، فإن هناك نحو 30 زعيماً سيجتمعون في بتسبيرغ. ومن الممكن أن تتزايد هذه الأرقام. وذهب بعض أولئك الذين لم تتضمنهم قائمة الضيوف إلى حدود بعيدة في جهودهم من أجل الدخول.

من المهم أن باراك أوباما هو المضيف. ونال جوردون براون، رئيس وزراء بريطانيا، ثناءً مستحقاً على رئاسته للقمة في لندن. والبريق المحيط بالرئيس الأميركي خبا بعض الشيء منذ تلك الأيام المنتشية في الربيع. غير أن أوباما ما زال هو الزعيم الذي يريد الجميع، حتى الرئيس الصيني هو جنتاو، الظهور إلى جانبه. وسيعتمد توصيف نظام بتسبيرغ التسلسلي بمن ينال وقتا للقاء زعيم الدولة العظمى.

بعد أن قلنا ذلك، فإن المسؤولين الذين يعدون لهذه القمة يخشون من أن تصبح بمثابة هبوط من الذروة. وهذا أمر حتمي جزئياً. فحين التقى الزعماء آخر مرة، رأى كثيرون خطر أن تشعل الأزمة المالية كساداً على طراز ما شهدته ثلاثينيات القرن الماضي. وكان بيان القمة مهماً بالفعل في تلك المرة. غير أن نقطة الخطر الأعظم قد مرت.

الآن يواجه الزعماء المهمة غير الساحرة، المتمثلة في إعادة تصميم النظام المالي، وإعادة بناء الثقة. فكيف يمكنهم استدامة تعاف يقوده القطاع العام بصفة رئيسية؟ وما مدى السرعة التي على الحكومات أن تغلق بها الصنابير المالية، لتبدأ في تنظيف ميزانياتها العمومية؟ وكيف يمكنهم كبح جماح البنوك؟ يبدو أن تجنب التراجع الاقتصادي يتعاكس بصورة مباشرة مع استراتيجيات الخروج من الأزمة، وتشديد الضوابط، ومكافآت المصرفيين.

إذا عدنا إلى فصل الربيع، فإن القضية المشتركة التي أظهرها زعماء الدول الغنية والناشئة على حد سواء، بدت للبعض أنها إعداد تمهيد لفجر نظام عالمي جديد. وكانت على الأقل بمثابة اعتراف بالتوزيع الجديد للقوة في العالم.
صحيح أن مجموعة العشرين اجتمعت في واشنطن خلال أفول إدارة جورج دبليو بوش. لكن ذلك مجرد تكرار وترديد للحدث الرئيسي.

واحتاج الأمر إلى أن يعتنق أوباما التعددية التي احتقرها سلفه، للانطلاق إلى حقبة جديدة من التعاون. وعلى الرغم من المشاحنات التي حدثت بين الحين والآخر، والحدود الخشنة، والمواقف الاستعراضية للرئيس الفرنسي، نيكولاس ساركوزي، فإن النتيجة كانت ممارسة تبعث على الإعجاب فيما يتعلق بالتعاون. وكان الاعتراف بالمصالح المتبادلة بين الولايات المتحدة والصين أمراً لافتا للنظر بصورة خاصة.

لم يخرج العالم بعد من غابة الانكماش. وربما تكون مكافأة المصرفيين مستحوذة على العناوين الرئيسية، لكن المحادثات التي ستكون لها أهمية في بيتسبيرغ تتمحور حول إدارة الانتقال إلى النمو الذي يمكنه استدامة ذاته، وكذلك كيف يمكن لواشنطن وبكين أن تتجنبا عودة ظهور اختلالات اقتصادية ضخمة؟

هناك تحد مرتبط بذلك يأتي من قمة التغير المناخي المقبلة التي تعقدها الأمم المتحدة. وإذا لم تستطع الدول الغنية والناشئة الممثلة في قمة بيتسبيرغ التوصل إلى صفقة حول تقاسم تكلفة تخفيض الانبعاثات الكربونية، فإن هناك أملاً ضئيلاً في أن تتمكن وفود الدول الـ 190 المنتظر حضورها في قمة كوبنهاجن المناخية من التوصل إلى صفقة من هذا القبيل. مع ذلك، فإنه دون الحالة الملحّة التي تفرضها كارثة وشيكة، فإن السياسة القومية، والغرور والتعالي، تعيد تأكيد نفسها.

وأدت الأزمة المالية إلى واحدة من تلك اللحظات النادرة التي أدرك فيها الزعماء توافقاً بين المصالح القومية والجماعية. غير أن ذلك كان للحظة فقط.

إن الأمر الأكثر اعتياداً هو أن النقاشات ضمن مجموعة العشرين حول التغير المناخي، والانتشار النووي، وكثيرا من القضايا الأخرى، إضافة إلى الاقتصاد العالمي، تسلط الأضواء على مجموعتي القوى اللتين تعيدان تشكيل المجال الدولي. ونجد في أحد الجوانب أن إعادة بروز قوى مثل الصين والهند، تولّد نظاماً أشد تنافساً وأكثر تعددية. وتريد هذه القوى الناشئة الجديدة تأكيد مصالحها بعد قرنين من الهيمنة الغربية. ونجد في الجانب الآخر أن حقيقة الاعتماد المتبادل الأوثق تحرم حتى الولايات المتحدة من قدرتها على التصرف بفاعلية وباستقلال.

نتيجة ذلك هي سباق بين الدفع الطارد مركزياً المتأصل في نظام تعدد الأقطاب، وقوة الاعتماد المتبادل المندفع نحو المركز. ويصف جيوفاني جريفي، الأستاذ الباحث في معهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنية، بصورة ذكية، هذا الأمر بأنه عالم متعدد الأقطاب . لكننا لا نعرف بعد ما إذا كانت المنافسة ستتفوق على التعاون، أو العكس.

هناك بعض الإشارات المشجعة. فأولئك الذين يعرفون