الشيخ الأراكي: الوهابية خرجت عن المسلمات الإسلامية

الأحد ٠٩ أكتوبر ٢٠١٦ - ٠٦:٠٤ بتوقيت غرينتش

إتهم الأمين العام لمجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية الشيخ محسن الأراكي، المذهب الوهابي بأنه قد خرج عن المسلمات الإسلامية وبات الوسيلة لخلق الفتن بين المذاهب الإسلامية، مؤكداً أن مرحلة الانكسار والانحسار في الخطاب التفريقي والتكفيري قد بدأت في العالم الإسلامي وأن الخطاب التقريبي بات هو الغالب.

وفي لقاء خاص مع قناة العالم الإخبارية لبرنامج "من طهران"، أوضح الشيخ محسن الأراكي أن إنجازات كبيرة تحققت ضمن دائرة العمل الذي قام به مجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية، مؤكداً أن الخطوة الأولى التي أنجزتها هذه المجموعة الكبيرة هو نشر الخطاب التقريبي.

ولفت إلى أن الخطاب الوحدوي والتقريبي كاد أن ينسى في العالم الإسلامي، وأضاف: كانت هناك أوكار لنشر الأفكار التكفيرية والتفريقية.. كانت مدعومة من قبل الاستكبار العالمي سياسياً واقتصادياً وإعلامياً، وكانت تسعى بكل جهدها لنشر فكرة التكفير والإلغاء وخلق حالة من العداء والشحناء بين المذاهب الإسلامية وأتباعها.

وبين أن مجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية قد سعى سعيا جاداً في نشر الخطاب التقريبي والوحدوي، مبيناً أن هذا الخطاب: إنطلق من الجمهورية الإسلامية وعلى يد الإمام الخامنئي وقبله الإمام الخميني قدس الله روحه.

"الخطاب الوحدوي بدأ يكون الخطاب الغالب في العالم الإسلامي"

وفيما شدد على أن المجمع ليس مجمعاً إيرانياً، أوضح أن هناك أكثر من 250 عضواً في المجمع منتشرون في مختلف أنحاء العالم، ومايزيد عن 80 بالمأة من إعضاء المجمع هم غير إيرانيين.

وأشار إلى أن المجمع قام بكل أعضائه هؤلاء وبكل الجماعات والمؤسسات التابعة له إلى نشر هذا الخطاب التقريبي، وشدد على أنه وفق في هذا المجال، وأضاف: اليوم يمكن أن ندعى أن الخطاب التقريبي بدأ يكون الخطاب الغالب في العالم الإسلامي.

وحذر الشيخ محسن الأراكي من أن العدو قد سعى غاية سعيه في سبيل نشر الخطاب التكفيري والإلغائي والعدائي، مضيفاً: لكن جهود مجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية أثرت كثيراً في قلب الطاولة على أصحاب هذا التفكير، والآن نجد أن الخطاب الوحدوي بدأ يكون الخطاب الغالب.

.

كما أشار إلى إنجازات كثيرة أخرى قام بها المجمع في مجال التحقيق والدراسات، والمؤسسات التقريبية، والشبكات الاجتماعية التقريبية وجهود أخرى.

وأكد الأمين العام لمجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية، قائلاً: لاشك لو أن الحواضر العلمية الأخرى تفاعلت مع قضية التقريب كما ينبغي لاستطعنا أن ننجز إنجازات كبيرة جداً أكثر مما أنجز حتى الآن.

وأضاف: نعتقد أن بالإمكان تأسيس أمه إسلامية واحدة.. ولا تعني الأمة الواحدة إلغاء الجغرافيا أو الحكومات، فالأمة الواحدة هي الواحدة في أهدافها وطموحاتها وجهودها.

ولفت إلى أن العالم الإسلامي يعاني من: إشكاليتان أساسيتان، الأولى إشكالية الرؤية، فهناك رؤية متخلفة في بعض قطاعات مجتمعاتنا الإسلامية سواء في الطبقة العلمائية أو الطبقة العادية.. والمشكلة الثانية هو اختراقنا من قبل العدو.

"نعتقد أن بالإمكان تأسيس أمه إسلامية واحدة"

وقال الشيخ محسن الأراكي موضحاً: نحن لم نستمع إلى ما أمرتنا به الآية القرآنية التي تقول {يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وماتخفي صدروهم أكبر} فسمحنا للعدو أن يخترقنا، وخضعنا إلى الكثير من الإلقاءات من خارجنا.

وأضاف: خضعنا للإعلام المشوه والمضلل وسمحنا بأن ينتشر في العالم الإسلامي ويضلنا، وبدأنا نتأثر بالإعلام الأجنبي أكثر مما نتأثر بالإعلام الداخلي، وبدأنا نثق بالعدو أكثر مما نثق بالصديق.

وأشار إلى أن هناك أحداث كثيرة حدثت في عالمنا الإسلامي قد نشأت من هذه النقطة، وأوضح أن: قضية الثورة في مصر شاهدة على هذا المعنى، فالذي حدث من الثورة في مصر كان حدثاً كبيراً في العالم الإسلامي، وكان حدثاً وحدوياً باعتقادنا.

وأشار إلى أن الصحوة الإسلامية التي بدأت في العالم الإسلامي وانطلقت من تونس ومصر ومختلف مناطق العالم الإسلامي هي في جوهرها دعوة وحدوية، لكنها تحولت إلى دعوة تفريقية لاختراقها من قبل العدو، وأضاف "يجب أن نعي هذا ونسد باب الاختراق."

وقال الشيخ محسن الاراكي: لاشك أن هناك قراءات غيرصحيحة، ونعني من ذلك أن هنالك مسلمات إسلامية سواء في المنهج أو المضمون حتى المنحرف يؤمن بها لكن يعمل على خلافها.

واتهم المذهب الوهابي بأنه يخرج عن المسلمات الإسلامية، وأضاف: نعني هنا أن هناك سنة صحيحة تنطبق عليها كل المعايير يرفضها المذهب الوهابي والعكس.. وهنا تنشأ المشكلة.

"الثورة في مصر كانت حدثاً وحدوياً باعتقادنا لكنها تحولت إلى دعوة تفريقية لاختراقها من قبل العدو"

وبين أن هذا الاتجاه لا يعمل بالضوابط، وهو يلتزم بها نظرياً لكن لايطبقها عملياً، وقال: لايطبقونها حسب المنطق العلمي وإنما يطبقونها حسب أهوائهم.. فتأتي بريطانيا وأميركا وتسيس المذهب الوهابي وتجيره لمصالهحا، وتستخدم المذهب الوهابي لكي تضرب به الفئات الأخرى وتخلق من خلاله الفتن، وتستخدم الثروة الإسلامية في مجال خلق الفتن والحروب والمشاكل في العالم الإسلامي وضرب هذا بذاك، فالمشكلة هي الخروج عن المسلمات، فلو اتفقنا على المسلمات وعملنا بهذا المتفق عليه نرى ألا خلاف بين المسلمين يؤدي إلى الفرقة بينهم.

وبين أن المشكلة ليست حديثة وإنما هي قديمة في واقع الأمر لكنها استخدمت حديثاً من قبل الأجهزة الاستكبارية العالمية من قبل أميركا وبريطانيا و"إسرائيل"، وقال إن هذه الأجهزة تدخلت واستخدمت بعض القوى السياسية في العالم الإسلامي كالسعودية وغيرها في سبيل هذا التبعيض في الإيمان بالقرآن الكريم وبيان الرسول (ص) وسنته.

.

وقال الشيخ محسن الأراكي: نعتقد أن الخطاب التكفيري بدأ ينحسر ونعلن أن مرحلة الانكسار والانحسار في الخطاب التفريقي والتكفيري قد بدأ في العالم الإسلامي، ونأمل خلال السنين القليلة القادمة أن يكون الخطاب الغالب هو خطاب الوحدة والتقريب.

وصرح الأمين العام لمجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية: نجد أن إمام الأزهر حفظه الله تعالى الشيخ أحمد الطيب يطلق صرخته وموقفه الصريح بأن العالم الإسلامي لابد أن يتوحد وأن الشيعة والسنة يشكلان جناحا هذه الأمة، وكذلك نجد علماء باكستان وتركيا والعراق وسوريا وآخرين من مختلف مناطق العالم الإسلامي من مختلف المذاهب على هذا النهج.

"مصدر كل الشائعات حول أهل البيت إنما هي الوهابية وليس الأزهر ولا الجامعات الإسلامية"

وبشأن إشاعة الأوهام حول مذهب أهل البيت عليهم السلام لفت الشيخ الأراكي إلى أن مصدر كل هذه الشائعات إنما هي الوهابية وليس الأزهر ولا الجامعات الإسلامية الأخرى، وأضاف: حينما نجد أن كبار علماء الأزهر الشريف يعلنون جواز الأخذ بالمذاهب الأخرى والمذهب الجعفري بالخصوص، ويعلنون أن المذاهب الإسلامية المختلفة التي تؤمن بالكتاب والسنة مصدراً للتشريع كلها يجوز الأخذ بها وهي كلها مذاهب إسلامية، يعني أنهم يتخذون موقفاً إزاء هذه الأوهام والترهات.

وحول نشاطات المجمع قال الشيخ الاراكي: مشاريعنا كثيرة أهمها خلق الارتباط وإقامة الجسور بين علماء الأمة والنخب وطبقاتها ومجاميعها مع البعض.. فلابد أن تقام هذه الجسور سواء على المستوى البحث العلمي أو النقاش المذهبي أوالعلاقات الاقتصادية والثقافية.. فكل جسر يقام بين مجموعة من هذه الأمة ومجموعة أخرى هو يعين في عالم التقريب.. ولنا في هذا المجال خطط كثيرة.

ومع اقتراب يوم عاشوراء لفت الأمين العام لمجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية بالقول: لابد أن نعرف أن كل هذا الإسلام الذي يؤمن به المؤمنون والمسلمون في كل أقطار الأرض سواء الشيعة أوالسنة هو مدين للحسين ودم الحسين عليه السلام، لأن لولا ثورة الحسين لقضي ليس على الإسلام وسنة النبي فحسب، بل لقضي على القرآن الكريم.

"لولا ثورة الحسين لقضي ليس على الإسلام وسنة النبي فحسب، بل على القرآن الكريم"

وشدد على أن أهل البيت عليهم السلام هم الضمانة من الاختلاف، وهم الأساس والمحور الذي يمكن أن تجتمع حوله الأمة، وأوضح أن الأئمة كلهم كانوا دعاة التقريب والوحدة، وأضاف: وليس أعظم من الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام الذي كان يرى بالإسناد إلى نص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه هو الأحق بالخلافة بعد رسول الله، لكنه لم ينازع الخلفاء الآخرين بل ساعدهم حينما تسنموا عرش الخلافة فيما قاموا به من أمور الإدارة، ولم ينازعهم، فلوا نازعهم لما بقي من الإسلام شيء، لأنه أراد أن تتوحد هذه الأمة فحافظ على وحدتها.

وقال الشيخ الأراكي: كما أن الإمام الحسن عليه السلام فيما قام به من مشروع الهدنة مع معاوية بن ابي سفيان فهو كان مشروع وحدة.. والإمام الحسين قد قام لأجل حفظ الإسلام، فتلك قولته الشهيرة {لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنما خرجت لطلب الإصلاح} والإصلاح يعني وحدة الأمة، وحفظ كرامة الأمة ووحدتها، والإفساد هو فرقة الأمة.
104-3