من يطرق الباب تفتح له حلب والرقة

من يطرق الباب تفتح له حلب والرقة
الإثنين ٣١ أكتوبر ٢٠١٦ - ٠٦:٢٤ بتوقيت غرينتش

الحديث عن مدينة الباب شمال حلب وهي تقع تحت سيطرة تنظيم "داعش" منذ كانون الثاني يناير 2014 بدأ يحتل حيزا في الجدل السياسي والاحتراب العسكري بين القوى الفاعلة في الحرب السورية، هي ثاني مدينة يسيطر عليها تنظيم "داعش" بالكامل بعد الرقة .

ما وضع المدينة في قلب الأحداث هو اقتراب قوات تركية وفصائل درع الفرات التابعة مباشرة لانقرة إلى مشارفها وإعلان الرئيس أردوغان أن هدف بلاده الوصول إلى الباب والمشاركة في معركة تحرير الرقة، وهذا الإعلان جاء الرد عليه مباشرة بشكل موحد من حلف (موسكو طهران دمشق) بتحذير تركيا من تقدمها إلى الباب .

مبعث شعور هذه الأطراف بالخطر يكمن في موقع مدينة الباب الاستراتيجي الذي جعل من قوات أنقرة قادرة دون إذن على المشاركة في اي عملية لتحرير مدينة الرقة من قبضة تنظيم "داعش" وهذا يعطي تلك القوات المشروعية الدولية، لكن الأخطر هو أن تلك القوات بدخولها الباب ومنبج ترسم قوسا حول مدينة حلب وتجعل القوات السورية المحاصرة ( بكسر الصاد ) محاصرة بفتحها داخل حلب ومن قوات وفصائل معادية للجيش السوري. ولذلك حظي هذا الموضوع بالنصيب الأكبر من الاجتماع الثلاثي في موسكو بين لافروف والمعلم وظريف.

بات يفصل قوات درع الفرات عن مدينة الباب أقل من 12 كيلومترا وبهذا اقتربت بشكل غير مسبوق من نقاط تمركز الجيش السوري في الريف الشمالي لحلب حيث يتمركز الجيش السوري على مسافة 10 كيلو متر فقط عن المدينة من الجهة الجنوبية بعد استعادته مطار كويرس العسكري، أما من الشرق ترابط قوات سوريا الديمقراطية وعمادها وحدات حماية الشعب الكردية على بعد عشرين كيلومتراً، الأطراف الثلاثة أعلنوا عن نيتهم اقتحام المدينة ولذلك تغدو مدينة الباب نقطة سباق تعكس تنافسا ذا طابع إقليمي ودولي.

تسعى القوات الكردية لتامين ممر من مدينة الباب بين منبج وعفرين وكوباني ومنع القوات المدعومة من تركيا من الوصول الى الباب كي تتجنب أن تصل تلك القوات إلى مشارف منبج، بينما يسعى الجيش السوري إلى تثبيت السيطرة على حلب عبر أحكام السيطرة على الريف الشمالي ومنع وقوعه في حصار داخل مدينة حلب  والاقتراب من الرقة كي تكون مشاركا طبيعيا بعملية تحريرها منعا لأنفراد قوات التحالف الأمريكي بالاعتماد على فصائل تركيا في دخول الرقة .

لن يكون في القادم من الأيام من مناص للجيش السوري والقوات الكردية إلا التحالف في وجه تركيا وفصائلها لتكون لهم الأفضلية لدخول مدينة الباب، يحتاج الجيش السوري وحلفاؤه لتحقيق هذا الهدف إلى حسم معركة حلب الشرقية بسرعة لتركيز قدراته في معركة الباب إذ جمد الجيش السوري والحلفاء مسير التقدم بعد كويرس نحو الباب للتفرغ لمعارك حلب. وهذا الأمر أيضا تم بحثه في الاجتماع الثلاثي في موسكو أمس.

لا تستطيع قوات درع الفرات التابعة لانقرة من دخول المعركة نحو الباب من دون غطاء جوي وتمهيد مدفعي تركي، وهذا يعطي روسيا إمكانية عرقلة ذلك وقد أعطت اول إشارة على نيتها القيام بالمهمة، فقد وجهت المقاتلات الروسية تحذيرا للطائرات التركية الجمعة عندما دخلت الأجواء السورية، وهي رسالة ثانية لتركيا بعد تحذيرها من تجاوز الخطوط الحمر قولا. الارجح أن تركيا ستقف عند هذه الخطوط إلا إذا فضلت المراهنة على المضي في الخيارات الأمريكية وهذا غير مضمون لأن ذلك سيعني طلاقا بائنا بين واشنطن والكرد ولا نعتقد أن أمريكا تخلت تماما عن الورقة الكردية في سوريا لصالح فصائل أنقرة. نجزم بناء على توجهات حلفاء دمشق أن دخول القوات التابعة لتركيا إلى الباب سوف يستدعي إعلان الحرب على القوات التركية في العراق وسوريا وستواجه تلك القوات صعوبات غير مسبوقة. مدينة الباب بوابة حلب والرقة، وبوابة التحول في سياسيات الأطراف وخياراتهم .

* كمال خلف ـ رأي اليوم

109-4