نحن.. وسيادة الرئيس دونالد ترامب!

نحن.. وسيادة الرئيس دونالد ترامب!
الأربعاء ٠٩ نوفمبر ٢٠١٦ - ٠٢:٤١ بتوقيت غرينتش

كان متوقعا ان يفوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب، رغم كل الصخب الذي اثارته حملة غريمته الديمقراطية هيلاري كلينتون، الامر الذي كانت مراكز الدراسات الاميركية تدركه جيدا، لكنها اصرت على استغباء متابعيها خاصة خارج المنظومة الاميركية.

بداية، لابد ان ندرك جيدا ان الولايات المتحدة ليست بلدا شرق اوسطيا ولا امارة خليجية، تتغير سياساتها مع ذهاب حزب ومجيء آخر.. نعم الادوات قد تتغير احيانا ومبادئ أو عقيدة (doctrine) الرؤساء متلونة، لكن الاستراتيجية والسياسة العامة واضحة وثابتة، لان من يضعها ويتابعها، خارج نطاق السلطة التنفيذية وحتى التشريعية، شيء نسميه هنا في ايران بـ" النظام"..

الامر الاخر، هو ان انتخاب ترامب يشابه في انتخابه الى حدّ ما مجيء الممثل والسيناتور السابق رونالد ريغان ( جمهوري ايضاً) عام 1981 الى سدة الحكم خلفا للديمقراطي جيمي كارتر صاحب مبدأ ( حقوق الانسان!) والذي عرف بدبلوماسيته الماكرة التي انتهت الى كامب ديفيد بين مصر والكيان الصهيوني..

لكن الاهم هو ان انتخاب ترامب الذي رفع شعار "أميركا أولاً" وعرف بنزعته العنصرية ضد الاجانب وخاصة المسلمين، كشف بوضوح عن عنصرية المجتمع الاميركي واتجاهه نحو التطرف والتشدد ازاء الاجانب، وانه رغم ما قام به الديمقراطيون من بعض الاصلاحات الاقتصادية في الداخل، الا ان الهمّ الاقتصادي لايزال يطغى على الشارع الاميركي.. لذلك سيكون ترامب مجبراً على الحدّ من عمليات الهجرة، وبالتالي لابد له من حل القضايا المؤدية لها.. اي نزاعات ومشاكل الشرق الاوسط وأميركا اللاتينية وشرق اسيا.

كما تبين نتائج الانتخابات ان استطلاعات الرأي كانت تضليلية بمعظمها أو أن الاعلام الأميركي فقد إمكانية التأثير في المجتمع وتوجيهه وهذه القضية مهمة للغاية.. لأن النظام هناك قائم على الدعاية، والاعلام سلطة مهمة في تركيبة الدولة.. فهل عجزوا عن توجيه الناخب عن اختيار كلينتون؟.. شخصياً أشك في ذلك، واستبعدها من عدم قدرة مراكز دراساتهم في معرفتها..

المجتمع الأميركي حالة فريدة.. يبحث عن الأفضل والاقوى والاعنف والأكثر انغماساً في الملذات، حتى شكل زوجة الرئيس تؤثر في آرائه.. فلماذا يصوت لهيلاري كلينتون التي تعد من الماضي ولا توجد فيها اية فضيلة من هذا القبيل، وزوجها طاعن في السن لا يستطيع لفت انظار حتى عشيقاته السابقات!

إيرانياً.. ورغم ان الاتفاق النووي بين الجمهورية الاسلامية والادارة الاميركية حصل في عهد الديمقراطيين، ورغم تهديدات الجمهوريين ـ الجوفاءـ بالتنكر للاتفاق النووي، الا ان اشد واعنف ضغط وحصار وحرب تعرضت ايران لها كانت في عهد الديمقراطيين، خاصة عندما كانت هيلاري كلينتون وزيرة للخارجية، فإليها تعود دبلوماسية العقوبات الذكية ضد ايران، ولا ننسى انها سافرت لكل العالم شرقاً وغرباً من أجل ذلك.. ولهذا كان الخليجيون وفي مقدمتهم السعوديون والقطريون والاماراتيون السباقون الى دعمها بملايين الدولارات، ولا ننسى أنها كان لها الدور الكبير في إيجاد "داعش"، وطبعاً هنا لا فرق بين الجمهوريين والديمقراطيين..

ما اريد قوله، هو ان الجمهوريين اوضح من الديمقراطيين في لعبة السياسة، وترامب كان واضحا مع حلفائه واعدائه.. هذا التاجر سيعمل على الكسب من الحلفاء، وكما قال: لكل شيء ثمن.. ستضطر دول مثل السعودية وشقيقاتها الى الدفع والمزيد من استنزاف الاموال في السلاح والمواد الاستهلاكية، اذا ارادت ان تحضى بدعم دونالد ترامب ومباركة ادارته.. لذلك ستبقى دوامة العنف قائمة في منطقتنا وستتصاعد وتيرة سفك الدماء...

النقطة الوحيدة التي نأمل ان نتفادى من خلالها دوامة العنف هي كره ترامب للاسلام ومتشدديه! وتقاربه مع روسيا.. فقد ينقذ ذلك منطقتنا من مصادر الارهاب التكفيري الوهابي (الانظمة الخليجية وتركيا).. وما عدا ذلك، فأميركا هي أميركا، تبقى شيطاناً اكبر.. واستراتيجياتها مدونة..

ومن الهبل ان نترك مستقبل بلداننا ومنطقتنا بيد ترامب او هيلاري ونبقى نحن في موقف المتفرج.. مستقبلنا يصنعه تقدمنا العلمي ومقاومتنا.. وصواريخنا!

بقلم: علاء الرضائي

109-3