أولويات أميركا في أفغانستان وباكستان خلال العام المقبل

الإثنين ١٤ سبتمبر ٢٠٠٩ - ٠٦:٤٩ بتوقيت غرينتش

اهتمت مراكز البحث والتفكير Think Tanks الأميركية بتقييم السياسة الأميركية في أفغانستان وباكستان بعد ثماني سنوات من الحرب الأميركية على "الإرهاب" هناك، في وقت يتصاعد فيه الحديث ـ داخل واشنطن وخارجها ـ عن التأزم الأميركي في أفغانستان. ويزداد الوضع تعقيدًا نتيجة سرعة تدهور الأوضاع الأمنية في باكستان، والتي أضحت مركز الثقل للمتمردين الهاربين من حملات "مكافحة التمرد".


وفي هذا السياق أصدر مركز الأمن الأميركي الجديد Center for a New American Security تقريرًا تحت عنوان "حصر الأولويات: الاثنى عشر شهرًا القادمة في أفغانستان وباكستان Triage: The Next Twelve Months in Afghanistan and Pakistan" وأعد التقرير مجموعة من الباحثين المتخصصين في قضايا الأمن والإرهاب وفي الشئون الأفغانية والباكستانية. وفي بداية التقرير تحدث عن التأزم الأميركي في أفغانستان، وبروز القاعدة وحركة طالبان كمنافسين قويين للولايات المتحدة والقوات الدولية في أفغانستان والحدود الأفغانية ـ الباكستانية المشتركة. وبعد المقدمة تناول التقرير في جزئه الأول تقييم الأوضاع الأمنية الراهنة في كل من أفغانستان وباكستان. وفي جزئه الثاني توصيتين لمكافحة التمرد في كلٍّ من أفغانستان وباكستان. وفي جزئه الثالث والأخير المقاييس والمعايير المختلفة لمحاربة المتمردين.


تقدير وتقييم الوضع الأمني في أفغانستان
أوضح التقرير أن سياسة الولايات المتحدة في حملتها لمكافحة التمرد تُعد سببًا من أسباب خسارة الحرب في أفغانستان في حملات مكافحة التمرد. وأن السبب وراء الانتصار السريع على نظام طالبان عام 2001 يرجع إلى تحالف قوات العمليات الخاصة والقوات الجوية مع الأفغان المحليين، والتي أعقبها تزايد في هجمات المتمردين عام 2002 ليتخلى الأفغان المحليون عن دعم القوات الغربية. فقد أشار التقرير إلى تردى الوضع الأمني في أفغانستان بصورة مطردة على مدى السنوات الماضية، وذلك راجع إما لعدم قدرة أو عدم رغبة الجيش الأميركي وحلف شمال الأطلسي في حماية الشعب الأفغاني. فوفقًا للأمم المتحدة، فإن عدد المدنيين الذين قتلوا في أفغانستان قد ارتفع بنسبة 41% من عام 2007 إلى عام 2008، ومع ارتفاع الاعتداءات العنيفة .


وأوضحت منظمة العفو الدولية، أن قوات التحالف مسئولة عن 25% من أعمال العنف المرتكبة ضد المدنيين الأفغان مع الحكومة الأفغانية. فالتصدي لحركة طالبان في إبريل 2009، تطلب ما يقرب من 58 ألف من قوات حلف شمال الأطلسي المنتشرة في أفغانستان كجزء من القوة الدولية المساعدة الأمنية (إيساف ISAF). بالإضافة إلى تزايد القوات الأميركية المقاتلة كجزء من القيادة الانتقالية الأمنية المشتركة لأفغانستان (CSTC) ، والجيش الوطني الأفغاني. لذلك تعهد الرئيس الأميركي "أوباما" بزيادة القوات المقاتلة. كما أعلن حلف شمال الأطلسي في إبريل 2009 بنشر قوات إضافية لتأمين الانتخابات الأفغانية.


ويرى التقرير أن الزيادة في عدد القوات هو أمر ضروري ، إلا أنه غير كافٍ، حيث إن الطبيعة الجبلية لأفغانستان تتطلب تركزًا عاليًا من القوات والموارد، بجانب ضرورة توافر دعم من السكان الأفغان ، وإلا سيكون هناك فجوة كبيرة بين قوات التحالف ومواردها المتاحة . وسيتطلب هذا قيام القوات الأميركية بحصر الأولويات لتخصيص قواتها إلى المناطق التي تكون فيها عدد قوات التحالف قليلة، وذلك لحماية أكبر عدد من الأفغان.


وقد حدد التقرير العوامل التي تزيد من صعوبة تنفيذ عمليات حصر الأولويات، منها: تزايد معدلات الفقر، والنمو ، والفساد وانعدام الكفاءة مما أدى لانعدام الثقة في الحكومة الأفغانية في السنوات الأخيرة . ويزداد الأمر سوءًا ، حيث ينظر إلى الشعب الأفغاني إلى أن حكومة "كرزاي" غير شرعية، ناهيك عن التشكيك في نوايا الولايات المتحدة ، والنظر إليها على أنها تدعم حكومة "كرزاي" الفاسدة .

ويوضح التقرير الفرق في نتائج الانتخابات الرئاسية الأفغانية الأولى في أكتوبر عام 2004، حيث كانت انتخابات حرة ونزيهة بشكل ملحوظ ، على النقيض من ذلك ، انتخابات عام 2009 التي يشوبها الشك والاتهامات وضعف التأييد الشعبي.


ويؤكد التقرير على أهمية بناء الثقة بين الشعب الأفغاني والحكومة وقوات التحالف. فالتعاون والدعم الشعبي من المتطلبات الأساسية لمكافحة التمرد، وللحصول على المعلومات عن المتمردين. لكن ذلك يتطلب فترة طويلة من الوقت قد تسمح لحركة طالبان للحفاظ على قواتها وتوسيع نطاق سيطرتها ، وإعطائهم فرصة لإقناع الشعب الأفغاني لمقاومة الحكومة ، وقوات التحالف ، خاصة مع ازدياد سقوط عديدٍ من الضحايا المدنيين. وأظهرَ التقرير أن المشاكل التي تواجه الولايات المتحدة وحلفاءها في أفغانستان معقدة ومتعددة الأبعاد، سياسيًّا، واقتصاديًّا، واجتماعيًّا.


باكستان وراء تصاعد المتطرفين
قد أوضح التقرير أن المد المتصاعد للمتمردين والهجمات الإرهابية يهدد باكتساح باكستان وعدم استقرارها ، ويزيد من خطورة ذلك عدم اعت