ألف باء الانتصار والإباء في محافظة حلب الشهباء

ألف باء الانتصار والإباء في محافظة حلب الشهباء
الأحد ١٨ ديسمبر ٢٠١٦ - ٠٨:٤١ بتوقيت غرينتش

ورد في قصص يوسف النبي "عليه وعلى نبينا وآله الصلاة والسلام" أن تعبير رؤياه تحقق بعد أربعين سنة، وورد أن بعض الأقوام الذين وعدهم الله المتعال دخول الارض المقدسة لم يدخلوها وانما دخل أحفادهم، وهكذا في سيرة نبينا "صلى الله عليه وآله وسلم" فإنه بقي 23 سنة حتى تحقق اكمال الدين واتمام النعمة وارتضاء الاسلام!! هذا فضلا عن 40 سنة قبل ذلك من العمل والجهد والتعبد والتخشع وسمو الاخلاق!!.

العالم - العالم الاسلامي

بدأت بهذه المقدمة لاقول: ان الانتصارات الحقيقية لا تتحقق بين ليلة وضحاها!! فإذا رأيتم انتصارا يتحقق بسرعة فلتعلموا أنه سيناريو قوة استكبارية استعمارية!! نعم بعد الجهد المضني والتضحية والفداء، وبعد جملة من البلاءات؛ اذا ظهر النصر بليلة وضحاها كنتيجة وثمرة لتلك التضحيات والفداءات والبلاءات فيكون نصرا حقيقيا.و

كلنا رأينا كيف تحققت انتصارات وهمية في عالمنا العربي والاسلامي بين ليلة وضحاها؛ وبعدها تبين انها كانت مندرجة في مخطط امريكي يقتضي بتسليم الشرق الاوسط لجهة اسلامية معروفة تحكم بعد تدمير سورية والقضاء على المقاومة في لبنان وتفتيت العراق بشرط عقد صلح مع الكيان الاسرائيلي شبيه بصلح الحديبية يسوق له عبر الدعاة ليلقى مقبولة شعبية عارمة وعامة!!.

ولكن الامور جرت بعكس ما يشتهون ببركة التضحيات الجسام التي قدمها ابناء المقاومة في لبنان والجيش العربي السوري جنبا الى جنب مع الشعب السوري المقاوم؛ وببركة دعم الشعب الايراني المسلم وتضحياته الجسام التي ادت الى انتصار الثورة الاسلامية على مدى اعوام لا ايام او شبه يوم!! نعم لقد تم اجهاض المخطط الامريكي الذي شارك فيه كل من النظام التركي والقطري ومن استفاد من احداث مصر بعد الاطاحة بحسني مبارك!! تم اجهاض مخطط هؤلاء الذي كان يرمي الى الصلح مع "اسرائيل" بموازرة تفتيت سورية وتسليمها الى جهة من نفس مشروعهم، وضرب المقاومة في لبنان، ومحاصرة ايران وعزلها تمهيدا للقضاء على نظامها الصالح!!.

وهذا لم يتم لولا سنوات متمادية من الجهاد والاستشهاد والتضحيات والعذابات!! انه اجهاض معمد بالدماء والجراح واليتم والفقد والحصار الاقتصادي والسجن والتعذيب والاقصاء والنفي!!.

إن ما يشهده الشعب السوري العظيم من انتصار ساحق وماحق وحتمي في حلب الشهباء لم يكن ليتحقق لولا الف باء انتصار الثورة الاسلامية في ايران، ولولا انتصارات المقاومة الاسلامية في لبنان على "اسرائيل"، ولولا انتصارات الشعب العراقي على امريكا وعلى التكفيريين، ولولا التضحيات الجسام للشعب السوري وجيشه ومن بإزائه لا سيما ابناء المقاومة الاسلامية اللبنانية منذ اعلان الحرب الكونية على سورية والى الان!!.

ان انتصار حلب الذي كسر ظهر تركيا وابكى رعاة التكفيريين واخزاهم، وجعل امريكا حيرانة طائشة، ونكس رؤوس انظمة الخليج الفارسي الذين يعملون في خدمة امريكا ومشاريعها، لم يتحقق بين ليلة وضحاها وانما هو نتيجة الجهد والجهاد والاستشهاد المتراكم على مديات متمادية من الاعوام.

أن انتصار حلب الشهباء هو ثمرة الجهد والجهاد والاستشهاد لمديات متمادية من السنوات الذي انتج انتصار الثورة الاسلامية في ايران الاسلام بقيادة الامام الخميني العظيم "قدس سره"، وهو ثمرة الجهد والجهاد والاستشهاد لمديات متمادية من السنوات الذي انتج انتصار المقاومة الاسلامية في لبنان على "اسرائيل"، وهو ثمرة الجهد والجهاد والاستشهاد لسورية الحبيبة شعبا وجيشا وقيادة الذي انتج صمودا وممانعة على طول خط الهزيمة والخنوع والخضوع الذي لحق باغلب الانظمة العربية!! هذا الصمود لسورية الذي بقي صلبا بالرغم من الحرب الكونية التي شنت عليها منذ بدء الاحداث وحتى الان!!.

إن محور المقاومة والممانعة لم يتشكل بين ليلة وضحاها وانما هو كل هذا الجهد والجهاد والاستشهاد الذي عرفته الشعوب العربية والمسلمة في ايران ولبنان والعراق وفلسطين وسورية!!.

لولا انتصار الجمهورية الاسلامية في ايران لما وجدت سورية شعبا وجيشا وقيادة حليفا استراتيجيا على طول هذه الظروف الصعبة التي مرت بها سورية، ولولا انتصارات المقاومة الاسلامية في لبنان ضد "اسرائيل" لما وجدت سورية الحبيبة كل هذا الدعم والمساندة من المقاومين الذين حملوا شعار (سنكون حيث يجب أن نكون)، ولولا انتصارات الشعب العراقي على امريكا والتكفيريين في العراق لما وجدت سورية الحبيبة تلك والمساندة العظيمة المضمخة بالدماء والجراح والتي اقلها عدم السماح باستغلال الحدود!! وهكذا جهد وجهاد واستشهاد الشعب الفلسطيني!! ولا ننسى ايضا جهد وجهاد واستشهاد الشعبين البحريني واليمني في هذا المجال، فإن لهما الدور المشهود في اجهاض المشروع السعودي الامريكي الخبيث هناك في بلديهما؛ الامر الذي ساعد على ضعف محورهما هنا في سورية!!.

إن انتصار حلب الشهباء الحتمي هو ثمرة تمازج الدماء العربية والمسلمة الايراني واللبناني والعراقي والسوري!! هو ثمرة عرق وتعب الجيش السوري ومسانديه وشباب المقاومة الاسلامية في لبنان والايرانيين والعراقيين!! هو ثمرة الحصار الاقتصادي وتحمل الضغط السعودي الخبيث ومن معه من الانظمة الخليجية بوجه هذا المحور وشعوبه المخلصة!!.

إن انتصار حلب الشهباء الذي هو حتمي وناجز ولا نقض لابرامه؛ هو شاهد على أن يوم انتصار حلب له ما بعده، وما بعده سيظهر انه تحول تاريخي نوعي عظيم له تأثيراته وارتداداته الايجابية على محور المقاومة والممانعة والسلبية على محور الاستكبار والرجعية والعنصرية!!! ولولا ألف باء الجهد والجهاد والاستشهاد والانتصارات لما تحقق انتصار حلب الشهباء!! لولا الف باء النصر والاباء في ايران وجنوب لبنان والعراق وفي سائر المحافظات السورية لما تحقق نصر حلب الشهباء!!.

الشيخ توفيق حسن علوية - العالم

103-4