السعودية تبدأ إنتقامها.. تطويق لبنان ومطاردة عون!

السعودية تبدأ إنتقامها.. تطويق لبنان ومطاردة عون!
الخميس ٠٩ مارس ٢٠١٧ - ٠٤:٣١ بتوقيت غرينتش

شرعت المملكة السعودية بممارسة مطاردة سياسية بحق لبنان ونظامه الرسمي برزت بصورة واضحة بعد مشاركة ممثل الحكومة اللبنانية الوزير محمد فنيش في مؤتمر "الارهاب والتنمية الاجتماعية" الذي عقد مؤخراً في مصر ومن خلال بيانات مجلس جامعة الدول العربية والأكيد أن الملاحقة لن تنتهي في عمّان بل سينتقل ثقلها إلى بيروت مع رفع سقف الإبتزاز السياسي من خلال التهويل بإلغاء زيارة الملك سلمان. سبب الغضب السعودي المستجد مرده إلى مواقف الرئيس العماد ميشال عون التي لا تزال اصداؤها تُسمع في المملكة والمتعلقة بالربط بين سلاح حزب الله وحماية الدولة وأهمية دوره الحالي الذي يحفظ لبنان بوجه "إسرائيل".

العالم ـ مقالات وتحليلات

الأسلوب الذي يأخذ شكل المطاردة يأتي من خلفية سقوط رهان المملكة على إخراج عون من إلتزامه مع حزب الله عند جلوسه على كرسي بعبدا، لكن وفي أول مطب تكاتف الرئيس مع حليفه الأقرب إلى القلب رافضاً طعنه في الظهر، واقع أثار غضباً سعودياً بلغ حد الوقاحة ويتجلى في عدة مستويات أبرزها قرار التحفظ المدعوم خليجياً من الإمارات والبحرين على البند التقليدي الذي يرد في بيان جامعة الدول العربية والمتعلق بدعم لبنان في صراعه مع "إسرائيل".

الموقف أعلاه كان ثمرة جنون السعودية الذي بدأ فعلياً من مصر بعد أن وجهت دعوة لممثل حزب الله في الحكومة الوزير محمد فنيش لحضور مؤتمر عقد في شرم الشيخ نهاية شهر شباط المنصرم يتعلق في كيفية مكافحة الإرهاب في المنطقة وكانت للوزير كلمة فيه رفعت من حرارة المملكة التي ذهبت إلى السلطات المصرية تشتكي وتثير الاعتراضات على مشاركة "وزير لحزب إرهابي"، لكن القاهرة نفضت يديها على إعتبار أن الشخص الحاضر هو وزير في حكومة لبنان وهي عليها إحترام التمثيل اللبناني الرسمي.

ويبدو أن الموقف المصري وإستشعار السعودية بأن دولاً لا تسير في مواقفها التي تبنى على قياس مصالحها قد أجج غضبها وصولاً إلى بلوغ ضرب الرأس في الحيط، ودون أي خجل ارتأت وحلفائها الخليجيين التحفظ على بيان دعم لبنان بمواجهة "إسرائيل" معللةً ذلك بـ"موقف رئيس الجمهورية الذي شرع عمل حزب إرهابي" والمقصود هنا حزب الله الذي جُز في قوائم المملكة المصدرة للوهابية موقف فسر على أنه سحب للمظلة العربية في ذروة التهديدات الإسرائيلية نحو لبنان بل ذهب مراقبون حد إعتبار أنه مظلة لأي تحرك "إسرائيل" قادم.

الحملة تعززت بعد أيام وفق تكتيك يمكن استشراف الكثير منه خاصة بعد تسريب خبر تأجيل زيارة الملك السعودي التي كانت مقررة إلى بيروت. وعلى الرغم من أن دوائر القصر ردت التسريب بالتسريب عبر الـOTV لكن المشهد قرأ في بيروت على أنه اُسلوب يندرج ضمن سياق يظهر أن السعودية بدأت تتبعه في العلاقة مع لبنان وسياسية تصفية الحسابات مع حزب الله الذي مثل لها حجر عثرة في تنفيذ مشاريع من اليمن حتى سوريا. ولا يبدو أن السعودية ستكتفي في مشهدية الإشتباك المصرية بل ستنقل المطاردة من دهليز جامعة الدول إلى العاصمة الأردنية عمّان حيث ستعقد دورة القمة العربية العادية الـ27. وكنوع من أنواع الرد، ثمة مؤشرات تظهر أن السعودية تسعى إلى إحراج رئيس الجمهورية عبر تكبيله بخطاب يلائم هواها السياسي ويبعد "حساسية حزب الله" لأنها باتت تتألم عند سماع إسمه على المنابر الرسمية العربية، مع إشارات تتعلق بإعطاء ضوء أخضر لخطابات تستفز عون في عمان من بوابة حزب الله، على ما تقرأ أوساط قريبة من قصر بعبدا.

في السياسية الداخلية بدأ أوساط تتحدث عن إستطلاع سعودي أطلق العنان له في بيروت يراد عبره إلتماس نوعية خطاب الرئيس في القمة المقبلة وكيف سيكون شكل مواقفه.

الإستطلاع هذا مرّرت عبره رسائل على مبدأ التحذير والتنبيه من أي تكرار لمشهدية مقابلة دعم الحزب التلفزيونية على منصات عمّان. وكون عون ليس بالرئيس الذي يفرض عليه، يعمل فريقه على سحب أمواج التوتر العاتية من الرياض عبر إعداد خطاب هادئ ينطلق من المرتكزات المعلنة في خطاب القسم بالمجلس النيابي والبيان الوزاري مع حفظ موقف لبنان من الصراع مع "إسرائيل" والإستفادة من السبل المتاحة، اي من خلال خطاب دبلوماسي مرن لا يذهب حق لبنان في متاهة مطامع السعودية.

ولا يبدو أن القصر الجمهوري يرى مصلحة في تأزيم العلاقة مع السعودية تحديداً حفاظاً على الإستقرار في الحكم وعليه سيذهب إلى عمان على مبدأ سياسية سحب الذرائع وإمتصاص الغضب تحت هامش سيادي لبناني لن يقبل بلي ذراعه أو فرض إملاءات عليه خاصةً بعد أن وجهت لبنانياً ثلاث صفعات للسعودية في أقل من شهر!

* عبدالله قمح - ليبانون ديبايت

104-4