سيناريو ذكي تعمل عليه دمشق وموسكو .. إدلب فوهة جحيم للعالم السفلي

سيناريو ذكي تعمل عليه دمشق وموسكو .. إدلب فوهة جحيم للعالم السفلي
الخميس ١٦ مارس ٢٠١٧ - ٠٧:١٤ بتوقيت غرينتش

عوضاً عن الزيتون ستتم زراعة البارود وستُغرس في التربة أقذر البذور، لن تنمو أشجار الزيتون بل ستنتشر طحالب الوهابية مبشرةً بشتى أنواع الشرور، إدلب الخضراء باتت سواداً الآن، حيث تتجمع فيها كل الميليشيات المسلحة والبيئات المتطرفة الحاضنة لها.

استنفرت ربات الغضب والثأر في أرض سوريانا القديمة، وتصاعدت أبخرة اللعنة الفينيقية لتلاحق صاحب كل لحية أثيمة، كل حجر تحول إلى لغم وكل حبة تراب صارت لدغة مميتة، لقد أصبح الموت سائحاً في البلاد، ارتدى سواده وحمل مقصلته ماشياً الهوينا بين تلال من جثث مخلوقات ستُعاد إلى العالم السفلي لتصلى سعيراً.
لقد تحولت مدينة إدلب وريفها إلى ما يشبه مكب نفايات، حيث يتم ترحيل جميع الميليشيات المسلحة وعائلاتهم والبيئات الحاضنة لهم إلى تلك المحافظة عند إبرام أي تسوية مع الحكومة بإشراف من قبل أصدقاء دمشق، كثيرة هي المناطق التي كان يسيطر عليها الإرهابيون فتركوه وتوجهوا إلى إدلب مثل داريا ومعضمية الشام والتل بريف دمشق، وصولاً إلى الأحياء الشرقية لمدينة حلب وأخيراً مسلحو حي الوعر بمدينة حمص.
بعض المراكز البحثية وعدد من المراقبين يرون بأن الحكومة السورية تتقصد إرسال جميع هؤلاء إلى ذات الوجهة، والهدف الرئيسي هو جعل كل تلك الميليشيات تحارب بعضها بعضاً دون حاجة الجيش السوري وحلفائه لإطلاق رصاصة واحدة، على اعتبار أن إدلب باتت تضم كثيراً من الميليشيات التي تختلف في إيديولوجياتها وأهدافها وتبعياتها، ولعل الحرب الدائرة بين ميليشيا أحرار الشام الإسلامية وجماعة جند الأقصى، خير دليل على ذلك، فضلاً عن التوتر والخلاف بين الحركة وما تُسمى بجبهة فتح الشام.
فيما يرى مراقبون آخرون أن الجيش العربي السوري يستعد لمعركة طويلة الأمد مع جميع الميليشيات المسلحة التي تم ترحيلها إلى إدلب وريفها.
بينما كان لافتاً ما قاله الصحفي الأميركي بيتر تيو كورتيس الذي كان أسيراً لدى جبهة النصرة أن هناك داعش ثانية تشق طريقها للنور، بتزاوج غريب، وبصمت مدهش من الدول الغربية، موضحاً أن من يزعمون بأنهم معتدلين بسبب خسائرهم أمام الجيش السوري يضطرون للتحالف مع الفصائل المتطرفة المصنفة إرهابية.
ما كشفه الصحفي الأميركي يشير إلى أن جميع الميليشيات المسلحة المتواجدة الآن في إدلب أو تلك التي ستتجه لاحقاً إلى هناك، سيكون هناك مصير أو خيار واحد بانتظارها ألا وهو الاندماج مع الفصائل الأقوى والأكبر، أي أنها ستكون مجبرة على الانضواء تحت مظلة الميليشيات المتطرفة التي تسيطر عليها القاعدة، وهذا سيحولها بشكل تلقائي إلى فصائل إرهابية لا يمكن لقوى مثل أميركا حتى أن تدافع عنها أمام المجتمع الدولي.
على ما يبدو فإن هذا الهاجس هو ما يجعل ما تُسمى بالمعارضة المسلحة تعارض أي خروج للمسلحين من أي منطقة يسيطرون عليها في إطار تسوية مع الدولة السورية، كما يحدث الآن في حي الوعر بحمص، حيث أعلنت الجماعات المسلحة ضمن بنود شروطها للمشاركة في اجتماع أستنة ضرورة وقف تهجير المسلحين وعائلاتهم من حي الوعر وباقي المناطق، السبب بات واضحاً وهو الخوف من أن تقوم جبهة النصرة بابتلاع هؤلاء المقاتلين ومن ثم هضمهم كفضلات جهادية تقاتل تحت لوائها، وهذا سيجعل قادة العصابات المسلحة في موقف ضعيف لأنهم عندها لن يتمتعوا بأي قرار ميداني وستكون كل الكلمة لجبهة النصرة وأمثالها، والأخيرة مدرجة دولياً على لائحة الإرهاب، فتأملوا إذاً ذلك السيناريو العبقري الذي تعمل عليه كل من الحكومة السورية وحليفتها القيصرية روسيا.
*علي مخلوف ــ عاجل الاخبارية

4