أردوغان يستعرض أمام أوروبا بورقٍة خاسرة.. اليكم التفاصيل!

أردوغان يستعرض أمام أوروبا بورقٍة خاسرة.. اليكم التفاصيل!
الثلاثاء ٢١ مارس ٢٠١٧ - ٠٤:٥٥ بتوقيت غرينتش

مخاوف الرئيس التركي رجب الطيب اردوغان من عدم الفوز في الاستفتاء على التعديلات الدستورية المزمع حصوله بتاريخ 16 ابريل/ نيسان ٬2017 فتحت الباب على مصراعيه امام خلافات حادة مع بعض الدول الأوروبية.

العالم - مقالات

تلك المخاوف تتجلى في حاجة الرئيس التركي للأصوات التركية المقيمة خارج تركيا بالأخص القارة الأوروبية٬ في ظل عدم تأكيدات احصائية لفوزه بالاستفتاء اعتماًدا على الأصوات داخل تركيا فقط٬ مع انقسام الشارع التركي بين مؤيٍد ومعارض لها٬ بمعزٍل عن الانتماء السياسي لحزب "العدالة والتنمية".

تركيز حزب "العدالة والتنمية" على الأصوات التركية في القارة العجوز٬ يعود الى نسب الناخبين المرتفعة فيها٬ حيث تتوزع الاصوات بأغلبيتها بين المانيا٬ النمسا٬ هولندا٬ الدنمارك وغيرها من الدول.

ففي المانيا وحدها٬ يبلغ عدد الذين يحق  لهم التصويت على التعديلات الدستورية حوالي 4.1 مليون ناخب. اما في فرنسا يبلغ عدد الناخبين ٬326378 وفي هولندا 252864 ناخًبا٬ في حين يبلغ العدد في كل من سويسرا٬ بريطانيا٬ السويد والدانمارك حوالي 432000 ناخب.

بناء عليه٬ فإن الصراع التركي ­الاوروبي المتجدد٬ أخذ اتجاها مغايًرا٬ يرتبط برغبة اردوغان بتمرير التعديلات الدستورية٬ مهما كلف ذلك من خلافات٬ ممكن ان تصل الى حد العداوة مع الدول الاوروبية لا سيما المانيا٬ في الوقت الذي يعتبر فيه الاتحاد الأوروبي ان التعديلات الدستورية٬ انتكاسة كبيرة للديموقراطية.

وكانت "لجنة البندقية" التي تضم خبراء قانونيين في "مجلس أوروبا" ذكرت ضمن تقرير لها٬ أن التغييرات المقترحة التي ستعزز كثيرا من صلاحيات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تمثل "خطوة خطرة إلى الوراء" بالنسبة للديموقراطية.

في غضون ذلك٬ ومع تصاعد حدة التوتر بين انقرة ومعظم العواصم الأوروبية٬ على ضوء منع هذه الدول تنظيم لقاءات امنه انها تشكل جماهيرية لمسؤولين أتراك بالجاليات التركية على أراضيها٬ بدأ اردوغان يلّوح بالكثير من الأوراق٬ ضغطا على الاتحاد الاوروبي.

وفي السياق٬ تتمسك تركيا بملف اللاجئين٬ كورقة ضغط تمارسها على اوروبا٬ سبق وان استعملتها عندما أبدى البرلمان الأوروبي توجها لتعليق مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي العام الماضي٬ وقد حذر اردوغان حينها الاتحاد الاوروبي بأنه قادر على فتح الحدود التركية أمام اللاجئين باتجاه الدول الاوروبية٬ مستغلا نسبة اللاجئين التي تراجعت بشكل ملموس.

ففي العام 2015 تدفق حوالي 850 ألفً من المهاجرين واللاجئين قادمين من تركيا على أوروبا وفي عام 2016 اي بعد توقيع الاتفاقية انخفض عددهم إلى 173 ألف فقط.

في موازاة ذلك٬ وبحسب المعطيات الظاهرة لأعداد المهاجرين بعيًدا عن البنود٬ فإن اتفاقية اللاجئين الموقعة بين تركيا والاتحاد الاوروبي تعتبر ورقة رابحة بيد أنقرة٬ الا ان تصريحات المسؤولين الألمان ضد انقرة خلال الآونة الأخيرة٬ يؤشر الى غير ذلك٬ حيث ان وقوف برلين العلني الى جانب هولندا في معركتها الدبلوماسية ضد انقرة٬ يعطي انطباعا بأن تركيا لم يعد بإمكانها ابتزاز اوروبا باتفاقية اللاجئين٬ مقابل تقديم بعض الدول الأوروبية تسهيلا ت في ما يخص الحملة الانتخابية التي يخوضها حزب "العدالة والتنمية" خارج تركيا٬ لصالح التصويت بـ"نعم" على الاستفتاء الدستوري٬ لما يتركه إلغاء الاتفاقية من تأثيرات سلبية على تركيا أكثر منها على الاتحاد الأوروبي.

وحول ذلك٬ يؤكد الباحث في مجال الهجرة من المعهد العالي بمدينة كيل الالمانية٬ فاسيليس تسيانوس٬ أن تخلي تركيا عن اتفاقية الهجرة مستبعد ويشرح ذلك في حوار مع DW قائلاً : "الأشخاص الذين يضعون الاستراتيجيات الخاصة بالهجرة التركية والسياسة التركية في أوروبا أذكياء جًدا ولديهم تجربة كبيرة وقدرة على التخطيط الاستراتيجي٬ ولا يتأثر عملهم بالتأثير السياسي لدعاية أردوغان".

ويضيف تسيانوس٬ انه "لو أنهيت الاتفاقية المبرمة بخصوص اللاجئين٬ فإن الكثير من الأمور ستتعرض للخطر في تركيا٬ لأن الأمر لا يقتصر فقط على حصول أنقرة على أربعة مليارات يورو من أوروبا فحسب٬ ولكن أيضا تسهيل حصول الأتراك على التأشيرات إلى أوروبا. هذه النقطة مهمة للحكومة التركية لأنها ستعتبرها "نجاحا كبيرا لسياساتها".

من جهته٬ لا يتصور رئيس مكتب مؤسسة هاينريش بول ­ المقربة من حزب الخضر الألماني ­ في اسطنبول٬ كريستيان براكيل٬ إنهاء اتفاقية اللاجئين على المدى القريب٬ معتبرا ان "الفوائد الحالية لتركيا من الاتفاقية تفوق فوائد الاتحاد الأوروبي منها. لذلك فالأتراك لديهم مصلحة كبيرة للتمسك بالاتفاقية لأنهم لا يمتلكون بدائل أخرى".

ويشير براكيل٬ الى انه حتى لو تخلت تركيا عن الاتفاقية٬ فإن تأثير ذلك على أوروبا لن يكون كبيرا٬ لأن عدد اللاجئين انخفض بشكل كبير حتى بدون الاتفاقية المبرمة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا٬ موضحا أن "عدد الحشود الكبيرة من الناس المستعدين للنزوح والذين يمتلكون المال من أجل ذلك تراجع.

والأشخاص المتبقون لا ينزحون في الغالب". كما يؤكد براكيل إن المستشارة الألمانية ميركل "أوضحت أمام أردوغان بأن أهمية اتفاقية اللاجئين بالنسبة للحكومة الاتحادية تراجع بشكل كبير"٬ وهذا يعني أن أهميته هي رمزية أكثر لـ"سياسة الدفاع الناجح بين دول الاتحاد الأوروبي في مواجهة تدفق اللاجئين".

والجدير ذكره٬ في هذا الصدد٬ ان اتفاق اللاجئين الموقع٬ ينص على منح تركيا مزايا مالية٬ حيث وافق الاتحاد الأوروبي فور توقيع الاتفاق على تسريع صرف مبلغ 3 مليارات يورو تعهدا سابقا بدفعها إلى تركيا٬الى جانب دفع 3 مليارات أخرى بحلول عام 2018 .ويشدد الاتفاق على إعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرة الدخول لدول التكتل وتسريع
محادثات عضويتها في الاتحاد الأوروبي.

بناء عليه٬ وضع اردوغان نفسه امام نتائج لا تقل سوءا عن بعضها البعض٬ رغم اختلافها. فطموح اردوغان الساعي للسيطرة التامة على مفاصل الحكم في تركيا٬ في حال التصويت بـ "نعم" على التعديلات٬ ستخوله حكم بلٍد يعاني من عزلة دولية٬ بدأت معالمها تظهر في الخلاف التركي­الأوروبي الحالي٬ في الوقت الذي تحتاج فيه تركيا٬ لأي حلف يضمن لها تواجدها المؤثر على الساحة الإقليمية.

وفي حال عدم اقرار التعديلات٬ فإن التهديدات التي اطلقها اردوغان باتجاه اوروبا الى مفاوضات انضمام تركيا سترتُّد عليه ضغوطا اكبر٬ تسلبه جميع الأوراق التي هدد بها٬ من ملف اللاجئين وصولاً  للإتحاد الأوروبي.

عباس الزين - بيروت برس ­

102-2