أسرار مايجري على حدود الأردن الشمالية مع سوريا

أسرار مايجري على حدود الأردن الشمالية مع سوريا
الأربعاء ١٢ أبريل ٢٠١٧ - ٠١:٠٣ بتوقيت غرينتش

أسرار مايجري على حدود الأردن الشمالية مع سوريا بعد الهجوم على قاعدة “التنف”: تهيئة لمرحلة الانسحاب الأمريكي وبقاء المعارضة “المتطوعة” السورية.. تدخل عمان مقرون بالنظام السوري “وفق التاريخ”.. توجس وحساب لأسوأ السيناريوهات..

اقتراب طلائع الانتحاريين "الدواعش" من الحدود الأردنية الشمالية ومحاولة التفجير في قاعدة للتحالف الدولي قبل يومين، لم يكن السبب الوحيد الذي أسهم في زيادة التعزيزات الامنية على الحدود الشمالية الأردنية بصورة ضخمة وبإسناد فرنسي- بريطاني.

الأسباب لدى الأردن كثيرة اليوم، رغم أن الهدف واحد متمثل بضمان أمن الحدود الاردنية وسلامة الاردنيين، ما استدعى إعلان حالة التأهب القصوى مجددا على الحدود الشمالية، وهذه المرة بصيغة مختلفة تملؤها الجنسيات المقاتلة في التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب الذي تقوده الولايات المتحدة الامريكية، كما التواجد البريطاني فيها يتوسع بعد زيارة رئيسة وزراء لندن تيريزا ماي للأردن.

بيان التحالف الذي صدر قبل أيام تحدث بدقة عن كون التحالف ومقاتلي المعارضة السورية تصدّيا لهجوم واسع للتنظيم ضد قاعدة “التنف” القريبة من مخيم الركبان في جنوب سوريا.

الهجوم- وفق البيان- تكون من نحو ثلاثين انتحارياً يرتدون سترات ناسفة كانوا يسيرون خلف سيارة مفخخة.. ووفق البيان فقد دافعت (قوات) التحالف وشركاؤها عن أنفسهم بفتح النار مباشرة على هؤلاء المهاجمين، قبل تدمير الآليات المعادية والمقاتلين المتبقّين بفضل ضربات جوية عدّة للتحالف.

البيان المذكور ذكّر بالتحالف الامريكي مع المعارضة السورية، مفرّقاً بين قوات المعارضة السورية (التي شاركت في هذه العمليات)، وقوات ميليشيا سوريا الديمقراطية التي تنتشر في الشمال السوري، معتبرا ان القوات "المتطوعة" في جنوب سوريا، تهتم خصوصاً بتطهير صحراء الحماد من عناصر تنظيم داعش، وانها كانت ضرورية للغاية لاحتواء هذا التهديد من جانب التنظيم وللحفاظ على الأمن على طول الحدود الأردنية.

كل التفاصيل في البيان توحي بمرحلة مؤقتة تشترك فيها المعارضة مع التحالف، وتتسلم بعدها القوات السورية المعارضة (أو المتطوعة) زمام الامور في الجنوب السوري وفي صحراء حماد خصوصا، قبل ان ينتقل التحالف الى الرقة لإنهاء العمليات في الشمال السوري، وهذا وحده بالنسبة للأردن لا يدعو للكثير من الاسترخاء.

طبعا الأردن يدرك تماما أن تنظيم الدولة اليوم ليس أمامه مفرّ من الرقة السورية الا نحو الجنوب (أي مباشرة نحو الحدود الأردنية)، وهنا طبعا تبدأ سيول الفارّين في الذوبان في المجتمع والكمون التكتيكي لمعاودة الهجمات المنظمة لاحقا، ما يجعل عمان اليوم في أشدّ لحظات يقظتها بينما تمنع العديد من اللاجئين الدخول الى البلاد قبل فحصهم الامني الكامل.

خطر داعش الواضح تماما بالنسبة للاردن ليس وحيدا في المشهد، فعمان تترقب وتخشى أي تحركات من الحرس الثوري الايراني في الجوار السوري، معتبرة أن التصعيد الدبلوماسي الأخير بين البلدين قد يتسبب في تصعيد على الأرض - وان كانت تضع ذلك ضمن احتمالية ضئيلة -، وهنا تعي عمان جيدا أنها خلال ترحيبها بالضربة الامريكية الاسبوع الماضي على مطار الشعيرات التابع للنظام السوري، قد كسبت بعض العداء في حسابات النظام السوري والروس معا، ما يجعلها اليوم تتحسب للجميع.

القوات الأردنية تحسب أيضا عواقب وجود فصائل متشددة أخرى على حدودها مع سوريا وهنا يتركز الحديث عن جيش خالد بن الوليد الذي تحدث عنه قائد الجيش الاردني الجنرال محمود فريحات في إطلالته الوحيدة عبر شاشة بي بي سي.

كل هذه الخطورة على الحدود، دعت عمان لتعزيز حدودها الشمالية بينما تراوغ كل الضغوطات عليها من كل الجهات للتدخل في الجنوب السوري والتعامل مع درعا كمشكلة أردنية فعلا، كما كان يقول النظام السوري سابقا.

في قضية التدخل حصرا تفضل عمان “تاريخيا” أن تظل بعيدة وإن كانت زادت كثيرا من قواتها المسلحة والمدربة على الحدود، وان كان ذلك يتم بالتزامن مع وجود بريطاني- فرنسي- أمريكي- ألماني على الاقل، إلا ان استقراء ما بعد زيادة القوات على الحدود يظل في حدود الدفاع وليس الهجوم أو الدخول لسوريا، خصوصا والاردن لا يزال متمسكا بموقفه من الأزمة السورية وبضرورة الحل السياسي فيها.

عمان لم تدخل منفردة إلى الجنوب السوري إلا في مرحلة يتيمة قبل قرابة شهرين، حين تم التنسيق بين الاردن وبين الجيش السوري النظامي، أي أن عمان رغم كل الاختلافات في الاراء تصر على كون سوريا دولة ذات سيادة لا تريد لنفسها التدخل في شؤونها، وهنا طبعا تتقاطع مع هذا الموقف فقط في فكرة كون الارهاب مشكلة عالمية، وتقاتل الارهاب ضمن التحالف الدولي.

بكل الاحوال، تبدو عمان متوجسة من الجانب السوري كثيرا في الاونة الاخيرة وهنا تم ذكر الاخطار المحدقة، بينما لا تنام عينها وهي تراقب الحدود الشرقية أيضا، كل هذا يتم بينما يتسلل القلق إلى نفوس الأردنيين الذين يخشون تبعات زيادة التضييق على تنظيم “داعش” في الرقة السورية على الشمال الأردني.

*رأي اليوم- فرح مرقه

3