على الصين فعل المزيد لإعادة التوازن إلى اقتصادها

الأحد ٢٧ سبتمبر ٢٠٠٩ - ٠٤:١٢ بتوقيت غرينتش

كانت لدى الصين أزمة جيدة. أصبح ذلك واضحاً خلال منتدى دافوس الصيفي الاقتصادي العالمي. كانت الثقة الصينية واضحة في داليان قبل أسبوعين. لكن القلق كان واضحاً كذلك. تبين أن العملاق الصيني نجا من الصدمة، إلا أن تعافيه مدفوع بارتفاع حاد في الائتمان والاستثمار الثابت. وإن الصين بحاجة في الأجل الطويل إلى إعادة توازن اقتصادها من خلال زيادة الاستهلاك. لقد آن الأوان كي يزيد الصينيون من إمتاع أنفسهم. فما مدى عدم السرور الذي يمكن أن يكون عليه ذلك؟

الرجل الذي حاز كلا من الثقة، وعدم اليقين، هو رئيس الوزراء، وين جيابو. فقد أبلغ الاجتماع أن الأزمة المالية العالمية غير المسبوقة ألحقت إصابات شديدة بالاقتصاد الصيني. ومع ذلك، ارتقينا إلى مستوى التحديات وتعاملنا مع الصعوبات بثقة كاملة . لكنه اعترف كذلك بأن استقرار وتعافي الاقتصاد الصيني لم يصبحا بعد ثابتين، وقويين، ومتوازيين .

وتفيد البيانات الواردة من الصين أن هناك في الطريق تعافيا قويا. ولاحظ رئيس الوزراء أن الناتج المحلي الإجمالي زاد خلال النصف الأول من العام الحالي بنسبة 7.1 في المائة. وتفيد توقعات أيلول (سبتمبر) التي تحظى بتوافق، أن الاقتصاد الصيني سينمو بمعدل 8.3 في المائة عام 2009، وبمعدل 9.4 في المائة عام 2010. ومن المتوقع أن يصبح هذا العملاق الآسيوي الاقتصاد الثاني في العالم عام 2010، حتى بأسعار السوق.

وفقاً لمعلومات وحدة المعلومات في مجلة ذي إيكونوميست ، الطلب المحلي يمكن أن يزداد بنسبة 11.5 في المائة بالأسعار الحقيقية هذا العام. ومثل هذه الزيادة الحادة في الطلب الداخلي الصيني هي بالضبط ما كان مطلوباً. ومن المتوقع كذلك أن يزداد استهلاك الأسر الصينية بنسبة 9.3 في المائة. ومع ذلك، وكالعادة، الاستثمار الثابت الفعلي هو القاطرة. ومن المتوقع أن ينمو بنسبة 14.8 في المائة في العام الحالي. وإذا تحقق ذلك، فإنه يكون قد نما بما يزيد على معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي خلال السنوات العشر الماضية، باستثناء سنة واحدة فقط. غير أن هذا المعدل المتزايد للاستثمارات مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي ـ انطلاقاً من معدل مرتفع بالفعل ـ ليس نقطة قوة، وإنما علامة ضعف. فهو يفيد بوجود عوائد متراجعة على رأس المال، ويهدد بإيجاد طاقة فائضة دائمة التزايد. أكثر من ذلك، حين تتراجع معدلات النمو في النهاية، فإن انهيار الاستثمارات سيحدث فجوة ضخمة في الطلب.إن الاعتماد الشديد على الاستثمار ليس الخطر الوحيد المقبل. هناك أيضا الارتفاع الشديد للائتمان والنقد.

ويعتقد كثيرون أن من شأن ذلك أن يؤدي إلى زيادة أخرى حادة في الديون الهالكة، وكذلك في فقاعات الموجودات التي تؤدي إلى عدم الاستقرار.

يبدو أن الصين أنقذت نفسها، لكن هل كانت تنقذ العالم كذلك؟
إن التطور الأكثر تشجيعاً هو تقلص فائض الحساب الجاري والفائض التجاري في الصين. فقد تراجعت الصادرات والواردات بحدة، لكن تراجع الصادرات كان أعلى.

ومع ذلك كانت التجارة الصينية متقلبة للغاية (حالها مثل حال كل البلدان الأخرى) لدرجة أن من الصعب أن يبرهن هذا التطور على أنه نقطة تحول. وسيعتمد الكثير على طبيعة وسرعة التعافي العالمي. وأكثر من ذلك أن الصين ستستمر في أن يكون لديها مزيد من احتياطيات العملات الأجنبية، حتى وإن كانت هذه الاحتياطيات أكبر بكثير مما تحتاج إليه الصين لأغراض التأمين. وقد بلغت الاحتياطيات 2132 مليار دولار في حزيران (يونيو) هذا العام، أي أنها كانت أكثر من 40 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ذلك يعادل نسبياً ما لدى حكومة الولايات المتحدة رسمياً من الاحتياطيات البالغة ستة آلاف مليار دولار التي هي بعملات دول أخرى. لذا لا عجب في أن يجعل مثل هذا الانكشاف الضخم الحكومة الصينية في حالة من العصبية. غير أن أحداً لم يطلب من الصين أن تفعل ذلك. بل على العكس، ظل صانعو السياسة الأميركية ينصحون الصينيين بصورة مستمرة، وبحكمة، بأن يفعلوا عكس ذلك. أما وأن الحكومة الصينية ارتكبت ما أعتقد أنه غلطة كبرى، فلا يمكنها أن تتوقع أن ينقذها أحد من عواقب ذلك.

إن زيادة رئيسية في قيمة العملة الصينية أمر حيوي ومرغوب فيه خلال السنوات المقبلة. وكلما طال أمد مقاومة السلطات الصينية لذلك، ازدادت الخسائر وارتفعت حدة آلام التعديل. ما ينبغي للصينيين فعله هو تقليص هذه الخسائر من خلال التوقف عن مراكمة مزيد من الاحتياطيات المالية. وكما يجادل موريس غولدشتاين ونيكولاس لاردي، من معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، في دراسة ممتازة وحديثة لهما، السياسة المطلوبة للقيام بذلك مطلوبة كذلك للمساعدة في إعادة توازن الاقتصاد في الأجل الطويل.

من المهم أن نفهم مدى التشوه الذي عليه الاقتصاد الصيني في الوقت الراهن، إذ كان الاستهلاك الشخصي 35 في المائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي عام 2007. وكانت الصين أثناء ذلك تستثمر ما قيمته 11 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في موجودات أجنبية