على وقع مفاوضات استانا: اقتتال سعودي قطري بين فصائل الغوطة

على وقع مفاوضات استانا: اقتتال سعودي قطري بين فصائل الغوطة
السبت ٠٦ مايو ٢٠١٧ - ٠٦:٣٤ بتوقيت غرينتش

انطلقت جولةُ أستانا الرابعة وسط ظروف سياسية وميدانية متغيّرة ومتسارعة، أبرزها الصراع الدائر بين الجماعات الإرهابية، والذي وُصِفَ بحرب الإبادة والإفناء في الغوطة الشرقية لدمشق، وما يُمكنُ أن يُشكّل من تطورات مُؤثّرة في مجريات اجتماع أستانا قد تُقلّل من مؤشرات قطف ثمار هذا الجُهد السياسي القائم.

العالم - سوريا

من المؤكد أنّ تنافس هذه الفصائل فيما بينها على الرُقعة الجغرافية يرجع لأسباب عديدة منها ما هو إقليمي وآخر محلي لخدمة أطماع قادة تلك الفصائل، فتأكيد ما يُسمى "جيش الإسلام"، الاستمرار في حربه دون أي نيّة للتهدئة، إضافةً إلى أعداد القتلى الهائل في صفوف الأطراف المتقاتلة واستهداف المدنيين دون هوادة، يُعبّر عن الشقاق الحاصل بين القوى الداعمة للطرفين (السعودية الداعمة لـ"جيش الإسلام" و قطر حاضنة "جبهة النصرة".

الخبير والمحلل السياسي الدكتور أسامة دنورة قال لـ "موقع العهد" إن "الاقتتال الدائر بين الفصائل المسلحة في الغوطة الشرقية يرجع لأسباب عديدة، أبرزها ما هو متعلّق بالمصالح الموضعية والمحلية من حيث توسيع نطاق السيطرة الجغرافية والإحكام بالمواقع الاستراتيجية ونقاط التهريب الواصلة للغوطة الشرقية، إضافةً إلى التنافس على التحكم بالمناطق السكنية وفرض الأتاوات على المدنيين، وهذا ما سيُعزّزُ الثقل السياسي والعسكري للفصيل المنتصر وبالتالي توسيع نطاق سيطرته ومساحات نفوذه على حساب الفصيل المُباد".

وحول دور الجهات الاقليمية الراعية للفصائل المتقاتلة، يقول دنورة إن "التنافس الإقليمي حاضرٌ وبقوة في خلفية الجهات المتقاتلة"، لافتاً الى أن "الموقفين القطري والسعودي يعملان بمبدأ "المزايدة" كلّ على الآخر في تطرفه إزاء الحل في سوريا"، ويعتبر أن "خلاف داعمي الفصائل هو على توسيع نفوذ الفصائل التي تدعمها وذلك لتعزيز الأوراق السياسية التفاوضية".

ويشرح أن "هذا الاقتتال الدائر مرتبط بمحاولات فصل الإرهابيين الملتحقين بأستانا عن جبهة النصرة، كون الابتعاد عن الأخيرة قد أصبح مطلباً روسياً ضاغطاً على الأقل لدفع المسار السياسي وهو ما يتطلبه القرار رقم 2254 وسائر قرارات مجلس الأمن المتعلقة بهذا الشأن".

ويبدو أن اتفاق البلدات الأربع (الزبداني ومضايا وكفريا والفوعة) الذي نُفّذَ قبل أسابيع، والذي كانت فيه قطر وتركيا راعياً وضامناً للجماعات المسلحة المرتبطة بها، وما شهده من محاولات للفصائل المرتبطة سعودياً لإفشاله، ربما يعكس مخاوف الرياض من تكرار السيناريو ذاته في الغوطة الشرقية. ويستبعد دنورة أن يكون ذلك سبباً من أسباب الاقتتال بقوله إنّه "من الصعب اعتبار الإرهابيين المرتبطين بالسعودية أفضل أو أسوأ من إرهابيي قطر والعكس ليس بصحيح، فالهجمات الأخيرة التي شُنّت على شرق العاصمة دمشق قام بها إرهابيو قطر وأحجم عنها إرهابيو السعودية، على الرغم مما يُشاع أنّ الأخيرين أقرب ولو نسبياً لإمكانية إبرام اتفاق هدنة أو تسوية في الغوطة الشرقية، فجبهة النصرة رافضة بشكل كامل ومكفّرة لأي حل سياسي بينما إرهابيو "جيش الإسلام" أفرجوا مؤخراً عن عدد من المخطوفين في مدينة دوما، ولذلك فالتنافس الدائر بين تلك الفصائل هو من واقع تعزيز المواقف والأوراق وليس على خلفية التباين بالتشدّد والمرونة".

ويعتبر دنورة "أن السعودية تسعى للهيمنة على مجموعة الدول الضامنة للجماعات المسلحة انطلاقاً من هيمنتها على الجغرافيا عبر توسيع دائرة نفوذ الإرهابيين المرتبطين بها، فما عبّر عنه ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مؤخراً لا يشير إلى رغبة السعودية بفض الاشتباك الإقليمي أو تخفيف حدّته على الأقل، كما إن تصريحات وفد المسلحين إلى أستانا تُشير إلى تكرار ببغائي يفتقر إلى الواقعية السياسية حول الدور الإيراني، ولذلك فإنّ رغبة السعودية بتعزيز أوراقها على الساحة كجزء من تصليب موقفها في إطار الصدام الإقليمي هو مسعى سعودي مؤكد ومفهوم".

وحول أهمية ما يجري في أستانا يؤكد دنورة أنّ "الطرح الروسي المُمثّل بمناطق خفض التصعيد وبموافقة الدول الضامنة والحكومة السورية، يعتبر بمثابة تطور مهم في مشهد الحل السياسي، وتحوله إلى واقع على الأرض يتعلق بالدرجة الأولى بصدق التعهدات التركية وجديتها في الانفكاك التدريجي عن دعم جبهة النصرة والإيعاز لإرهابيي أنقرة بالانفكاك عنها"، وإذا لم ينجح هذا المسعى حسب "دنورة" فلن "يكون أكثر من محاولة للتصفيق بيد واحدة، ولكنه في هذه الحالة يدخل في إطار استراتيجية الاحتواء وسدّ الذرائع، وهذه هي الاستراتيجية التي يعتمدها الكرملين للحيلولة دون نفي المسار السياسي ومحاولة جر القدم التركية والاميركية لشراكة ينحو فيها الطرفان نحو مكافحة جديدة للإرهاب، وبالتالي خارطة طريق عملية لتفكيك عقد حل الأزمة السورية السياسي".

تسارع وتيرة ما يجري على الأرض السورية وما يحدث من تطورات سياسية وعسكرية معقدة قد يُمهّد لصيغة جديدة ستنعكس بشكل تام على مسار حل الأزمة السورية.

علي حسن /  العهد

109-1