أسباب تمنع حزب الله من الرد على "إسرائيل" في سوريا

أسباب تمنع حزب الله من الرد على
الثلاثاء ٠٩ مايو ٢٠١٧ - ١١:٤٠ بتوقيت غرينتش

ليس خفياً على احد ان حزب الله بات يعتبر سوريا (او تحديداً بعض اجزاء منها) بمثابة الحديقة الخلفية لمقرّه في لبنان، ولا يمكن لأحد ان يلومه على هذا التفكير نظراً الى حجم ضلوعه الكبير في الحرب الدائرة هناك، ومدى التأثير الذي لعبه في مجريات الاحداث الميدانية.

العالم - سوريا

ولكن، بين الفترة والاخرى، تقوم الطائرات الاسرائيلية بغارات على الاراضي السورية، وغالباً ما يكون حزب الله هو هدفها اما من خلال الاستهداف المباشر لمقرّاته، واما عبر استهداف مصالحه في سوريا. وفي ظل الاسلحة التي يملكها الحزب والتي اعربت "اسرائيل" اكثر من مرة عن قلقها منها ومن قدراتها، وخصوصاً ما تردد عن امتلاكه نظام اسلحة متطور قادر على الحاق الاذى بالطائرات الاسرائيلية، فما الذي يمنع الحزب من استعمالها في سوريا، وارسال رسالة شديدة اللهجة لـ"اسرائيل" لمنعها من التفكير بخوض اي مواجهة عسكرية على الارض اللبنانية؟.

هناك من يطرح هذا السؤال بدافع الحماس لتأييد حزب الله، وهناك من يطرحه بدافع التشكيك بالحزب وبنيته مواجهة "اسرائيل" فعلياً. في الواقع، لا يمكن دفع الجميع لرؤية الامور من منظار واحد، انما هناك الكثير من العوامل والمعطيات التي تمنع الحزب من استعمال مثل هذه الاسلحة على الاراضي السورية. ولعل ابرز هذه الموانع، هو تواجد دول كبرى في المعادلة وفي مقدمها روسيا والولايات المتحدة الاميركية، ولو ان الثانية أخفّ ضلوعاً بالاعمال العسكرية الميدانية، الا انها حاضرة سياسياً ودبلوماسيا ولوجستياً وفي مرات قليلة عسكرياً، لتثبت انها لا تزال فاعلة على الساحة وليس كما يعتقد البعض انها باتت خارجها. وليس من السهل ضرب عرض الحائط بمثل هذا الوجود المهم، لان مواجهة دول كبرى عسكريا ليس على اجندة الحزب.

ومن الاسباب ايضاً التي تدفع الحزب الى عدم الرد في سوريا، هو انه يدعم النظام السوري، واذا كان الجيش السوري غير قادر على الرد، فسيكون اكثر من محرج اذا ما ردّ حزب الله نيابة عنه، وهو (اي الجيش السوري) لا يزال عرضة للانتقاد من قبل اخصامه بأنه لم يكن قادراً على الدفاع عن مراكزه ومناطقه لولا دخول حزب الله على الخط، ومدّه بالعناصر والامكانات اللازمة لابقاء سيطرته على بعض المناطق، فهل سيرضى بانتقادات شديدة اكثر اهمية وثقلاً من السابقة؟.

سبب اضافي يصب في خانة ابقاء الستاتيكو على حاله، وهو ان الحزب لا يرغب في كشف كل اوراقه العسكرية، خصوصاً على الارض السورية حيث لن يقدّم الرد ولن يؤخّر بالنسبة إليه، فيما انه لو تمت المواجهة -لا قدر الله- على ارض لبنانية، فسيكون الوضع مختلفاً وسيتمتع الحزب بالحجج الشرعية لاستخدام مثل هذا النوع من الاسلحة، اضافة الى امتلاكه عندها لعنصر المفاجأة ضد "اسرائيل" وهو امر يعوّل عليه الحزب كثيراً في أيّ معركة مقبلة مع "اسرائيل" في الجنوب او على ارض لبنانية...

وهناك ايضاً اسباب اخرى كثيرة تدفع الى غضّ الحزب النظر عن أيّ ردّ قوي وخارج عن المألوف في سوريا ضد "اسرائيل"، ومن المؤكد ان الحزب سيكتفي بالاستراتيجية العسكرية التي حددها للتدخل في سوريا وهو لن يخاطر بها، وليس في وارد تعريضها للخطر من أجل عملية محدودة النتائج ضد "اسرائيل"، وتفتح النتائج على مصراعيها بالنسبة الى سوريا و"حزب الله"، فتزداد النقمة عليهما وتتصاعد عندها الاصوات المطالبة بعودة الحزب الى لبنان، وعدم "هدر" ترسانة أسلحته على مواجهة يخوضها نيابة عن غيره في أرضٍ ليست له.

ومن المؤكد أنّ الضغط سيخف عن الحزب في الايام المقبلة، بفضل اقامة المناطق الآمنة التي منعت روسيا وتركيا وايران اي طائرات من خرقه، بما فيها الطائرات الاميركية والاسرائيلية.

طوني خوري / النشرة

109-3