دمشق تتحضّر لمعارك الشرق: خطوة أولى نحو «الدير» والحدود

دمشق تتحضّر لمعارك الشرق: خطوة أولى نحو «الدير» والحدود
الثلاثاء ٠٩ مايو ٢٠١٧ - ٠٤:٢١ بتوقيت غرينتش

تبدو دمشق اليوم أقرب إلى التحرك الميداني نحو دير الزور أكثر من أي وقت مضى، مدفوعة بخطورة التهديدات على وجودها في كامل الشرق السوري. ومع تحريك تعزيزات عسكرية إلى الجبهات المحيطة بمدينة تدمر، يأتي تأكيد وزير الخارجية وليد المعلم، لـ «أولوية» معارك البادية، وعلى رأسها «الوصول» إلى الدير المحاصرة، ليدلّ على قرب التحرك نحو عاصمة الشرق السوري.

العالم - سوريا

في الوقت الذي تبدأ فيه مفاعيل اتفاق «مناطق تخفيف التوتر» في التبلور على الأرض، بدأت معالم معارك الشرق السوري تتضح أكثر من أي وقت مضى، مع استعداد الجيش السوري وحلفائه للمضي نحو دير الزور، في الوقت الذي تتحرك في الفصائل التي تديرها قوات «التحالف الدولي» لاستباق هذا التحرك عبر توسيع سيطرتها في بادية دير الزور الجنوبية.

وبينما تشير المعلومات الميدانية إلى وصول تعزيزات كبيرة على محاور الجبهات المحيطة بمدينة تدمر، استعداداً لعملية عسكرية باتجاه بلدة السخنة، يأتي تقدم الجيش في محاذاة تلال القلمون الشرقي انطلاقاً من شمال شرق مطار السين، ليلاقي تحركه الذي بدأه عقب تحرير تدمر جنوباً، باتجاه عقدة طريق البادية التي تربط دمشق وتدمر وبغداد. العقدة التي وصلتها نيران الجيش أمس من على بعد كيلومترات قليلة، تشكّل مفترق الطريق الأقرب نحو العراق من وسط سوريا، عبر معبر التنف الخاضع لسيطرة فصائل تتبع لـ«التحالف» الأميركي. وتضاف إلى أهمية تقدم الجيش الاستراتيجية أهمية ميدانية تكتيكية، تكمن في تضييق الخناق على مناطق سيطرة المسلحين في بلدات القلمون الشرقي وجباله، وعلى رأسها الرحيبة وجيرود. ويبدو لافتاً في هذا السياق أنَّ هذه المنطقة لا تخضع لأيٍّ من شروط التهدئة المقرّة في أستانا، ما يتيح للجيش التحرك فيها، من دون أية قيود سياسية.

وعقب أشهر من العمليات العسكرية التي مكّنت الجيش من تأمين محيط نقاطه العسكرية في تدمر ومطار «T4» العسكري، الذي يُعَدّ أحد أهم مراكز الدعم للقوات البرية على جبهات الشرق، تدلّ المعطيات على أن عمليات الجيش ستستكمل نحو استعادة منطقة الحقول النفطية والغازيّة في ريف حمص الشرقي، والتوسع شرقاً نحو السخنة فكباجب، وصولاً إلى مشارف دير الزور.

ويبدو توقيت القرار بالتحرك نحو الدير المحاصرة متّسقاً مع باقي المشهد في سوريا، ففي الوقت الذي تُعدّ فيه واشنطن العدّة للسيطرة على المناطق السورية المحاذية لمعبر القائم الحدودي مع العراق، تتضاعف أهمية احتفاظ دمشق بوجودها في دير الزور، على الرغم من تعاظم التهديدات من جانب تنظيم «داعش»، الذي تشكل المدينة له منطقة نفوذ قويّ بديلة من «عاصمته» الرقّة التي وصلتها قوات «التحالف» البرية، ممثّلة بـ«قوات سوريا الديموقراطية، وتستعد لحصارها بنحو كامل بعد حسم معارك أحياء مدينة الطبقة.

وبالتوازي مع التحركات الميدانية الأخيرة، جاء كلام وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أمس، ليؤكد «أولوية البادية» في معارك الميدان، إذ أوضح في مؤتمر صحافي أنَّ الوصول إلى دير الزور هو «التوجه والهدف الأساسي»، مضيفاً أنَّ «الأولوية الآن لما يجري في البادية، إن كان جنوباً نحو الحدود مع الأردن، أو في وسط البادية باتجاه السخنة أو ربما الحدود مع العراق». وحول مراعاة نشاط قوات «التحالف» وأذرعها البرية في تلك المنطقة، وما قد يولّده ذلك من احتمال صدام مع الجيش السوري، رأى المعلم أنه «إذا كان هدف الولايات المتحدة التعدي على الجيش السوري، فمن الطبيعي أن ندافع عن أنفسنا»، لافتاً إلى أنه «حتى الآن ما تعلنه الولايات المتحدة هو دعمها للقوات التي تسمى (قسد) وهي تحارب (داعش)... نحن في هذه المرحلة نعتقد أنَّ ما يقوم به المواطنون الأكراد في سوريا في محاربة (داعش) أمر مشروع».

ومع حديث المعلم عن احتمال التوجه نحو الحدود العراقية، يعود إلى الواجهة حديث عديد من الجهات العراقية عن ضرورة توحيد الجهود في معركة الحدود المشتركة ضد «داعش»، وهو ما أكدته شخصيات عديدة زارت دمشق، وعلى رأسها مستشار الأمن الوطني العراقي ورئيس «هيئة الحشد الشعبي» فالح الفياض. ولقيت تلك الرؤية صداها في تصريحات المعلم أمس، إذ رأى أنَّ من الضروري «المشاركة الميدانية في محاربة (داعش)»، معرباً عن أمله في أن «يتعمق التنسيق مع الأخوة في العراق من أجل مواجهة هذا الخطر المشترك». وفيما ينتظر التحرك من الجانب العراقي تغطية سياسية رسمية من بغداد، لن تمرّ بسهولة في ضوء الضغوطات الأميركية، ستكون الجبهة السورية أكثر تحرراً، مع دخول اتفاق «أستانا» الجديد قيد التنفيذ، الذي سيتيح تفرّغ قوات عسكرية على عدد من الجبهات للانتقال وتركيز جهودها على محور عمليات البادية.

وحول تطبيق اتفاق «مناطق تخفيف التوتر»، قال المعلم إنَّ دمشق ستلتزم بنوده، غير أنها «سترد بحزم، إذا جرى خرق من قبل أي مجموعة»، موضحاً أنَّ «من السابق لأوانه الحديث عن نجاح تطبيق هذه المذكرة... ونحن لا نستبعد إطلاقاً خرقها من قبل تركيا، وهي أحد الضامنين الموقِّعين عليها». ولفت إلى نقطة «مهمة» تتمثّل في رفض الحكومة السورية لنشر أيِّ «قوات دولية تحت إشراف الأمم المتحدة»، مبيّناً أنَّ «الضامن الروسي أوضح أنه سيكون هناك نشر لقوات شرطة عسكرية ومراكز مراقبة لهذه المناطق».

وفي معرض تعليقه على تصريحات الأردن الرسمية بأنَّ القوات المسلحة ستقوم بالدفاع عن حدودها في العمق السوري عند الضرورة، قال المعلم إنَّ «هذا التصريح بعيد عن الواقع ويجهل ما يجري في الميدان... نحن لسنا في وارد المواجهة مع الأردن الآن، لكن إذا دخلت قوات أردنية إلى أراضينا دون تنسيق، فسنعتبرها قوات معادية».
المصدر / الأخبار

109-3