إنفجار مانشستر يكشف نفاق الغرب في مكافحة الإرهاب

إنفجار مانشستر يكشف نفاق الغرب في مكافحة الإرهاب
الأربعاء ٢٤ مايو ٢٠١٧ - ١٢:٥٩ بتوقيت غرينتش

التفجیر الارهابي الذي وقع ليل الاثنين الثلاثاء من هذا الاسبوع داخل قاعة آرينا في مانشستر في شمال غرب بريطانيا وتسبب بمقتل 22 شخصا وإصابة 59 آخرين بجروح ، وتبنت مسؤوليته “داعش” ، يختلف عن باقي التفجيرات الارهابية التي ضربت اوروبا من قبل، لانه يأتي مباشرة بعد قمة عربية اسلامية امريكية لـ”محاربة الارهاب” احتضنتها العاصمة السعودية الرياض يوم الاحد من نفس الاسبوع.

العالم - مقالات

الرئيس الامريكي دونالد ترامب حاول تحت بريق الذهب وصفقات الاسلحة والاستثمارات التي قاربت الـ500 مليار دولار مع مضيفيه، ان يحرف بوصلة الارهاب التي كانت ومازالت تشير الى صانعيه ومموليه وداعميه، نحو جهات لم تُبتل بالارهاب التكفيري فحسب، بل حاربته وتحاربه حتى الان، مثل ايران وحزب الله والحشد الشعبي وانصار الله وحماس، وهي محاولة كان المقصود منها ليس استهداف محور المقاومة فحسب، بل للتغطية على البلدان والجهات التي صنعت واحتصنت ومولت ودعمت الجماعات الارهابية منذ ايام القاعدة وطالبان في باكستان وافغانستان وانتهاء بـ”داعش” في العراق وسوريا وفي العالم اجمع.

ترامب خلال زيارته الى السعودية افتتح مركزا لمكافحة الإرهاب واتهم إيران بأنها “مصدر رئيسي لتمويل ودعم الجماعات المتشددة في الشرق الأوسط “، ودعا الى “ضرورة التصدي لها وعزلها” وهي عبارات كررها مضيفه عندما قال ان “ايران رأس حربة الارهاب الدولي” ، والارهاب الذي يقصده ترامب ومضيفه هو حزب الله وحماس وانصار الله والحشد الشعبي وكل من يحارب “داعش” والقاعدة والجماعات التكفيرية في العراق وسوريا واليمن وليبيا، وهي عبارات كررها ترامب ايضا في “اسرائيل”، ولم يمر يوم واحد على هذه الدعوات حتى وجدت طريقها الى التطبيق فشددت طائرات التحالف السعودي غاراتها على المدنيين العزل في اليمن الذين يصارعون الجوع والمرض، كما جرّأت السلطات البحرينية على شن هجوم دموي على المحتجين السلميين  حول منزل المرجع الديني الابرز في البحرين اية الله الشيخ عيسى قاسم، فقتلت وجرحت واعتقلت المئات منهم.

لما كان الارهاب الذي دعت القمة العربية والاسلامية والامريكية في السعودية الى مواجهته عبر “التحالف الدولي” الذي تقوده امريكا، هو “الارهاب الايراني” المتمثل بحزب الله وحماس وانصار الله والحشد الشعبي، فمن الواضح ان الارهاب الحقيقي المتمثل بالجماعات التكفيرية ومن يمدها باسباب القوة من فتاوى وافكار منحرفة واسلحة وعتاد واموال وتغطية اعلامية، ستجد مساحة كبيرة للحركة والانتقال من مكان الى اخر بسهولة ويسر، كما هو الحال في تركيا، العضو الابرز في التحالف الدولي ضد الارهاب! ، حيث تعتبر اراضيها نقطة عبور رئيسية بين العالم وبين تركيا، اذ عبر عِبر اراضيها مئات الالاف من الارهابيين التكفيريين دون اي عوائق ومنذ عام 2011 وحتى الان.

هذا التحالف الاستعراضي والمنافق ضد الارهاب، هو الذي يحول دون اجتثاث الارهاب من جذوره، ويمكن تلمس هذه الحقيقة من اداء اعضاء هذا التحاف مثل امريكا وتركيا و”اسرائيل”، فطالما تدخلوا عسكريا لصالح الجماعات التكفيرية كلما ضيق الجيشان العراقي والسوري عليهم الخناق، وما الغارة الجوية التي شنتها امريكا مؤخرا على قافلة عسكرية للجيش السوري وحلفائه في منطقة التنف الحدودية مع العراق الا بعض جوانب هذا الدعم للقاعدة في سوريا والعراق.

التحالف الدولي الاستعراضي ضد الارهاب الذي تقوده امريكا، بالاضافة الى اعطاء عناوين خاطئة للارهاب كما حدث في قمة الرياض العربية الاسلامية الامريكية، هي التي جعلت عناصر الجماعات التكفيرية تتنقل بهذه الطريقة السلسة بين مختلف دول العالم، فقد عاد، تحت علم ونظر الحكومات الغربية، المئات بل الالاف من عناصر الجماعات التكفيرية الى بلدانهم بعد ان دمروا سوريا والعراق، ومن المؤكد ان الارهاب التكفيري سلمان عبيدي الذي ارتكب جريمة مانشستر المروعة، اما ان يكون عائدا من سوريا او العراق، او تاثر بالافكار التكفيرية الوهابية في المساجد المنتشرة في اوروبا، شانه شان كل الارهابيين التكفيريين الذي ارتكبوا اعمالا ارهابية في اوروبا وامريكا وكندا واستراليا، ومن المؤكد ايضا لا يمكن ان تجد بين كل هؤلاء التكفيريين من يمكن اتهامه بالتعاطف مع ايران او حزب الله او انصار الله او الحشد الشعبي او حماس، بل على العكس تماما فهؤلاء التكفيريون يكنون نفس الحقد الذي تكنه امريكا و”اسرائيل” ومحورهما على محور المقاومة.

تفجير مانشستر الارهابي فضح نفاق وازدواجية المعايير في محاربة الارهاب الذي تدعيه امريكا والغرب، كما فضحت اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر وباقي الاعتداءات الاخرى التي نفذتها الجماعات التكفيرية في اوروبا والعالم، امريكا الغرب ايضا، فالغرب يعلم علم اليقين ان لا ايران ولا حزب الله ولا حماس ولا انصار الله ولا الحشد الشعبي يمكن ان يتعرضوا للامنين من اي قومية او دين كانوا، فالعقيدة التي يحملونها ترفض الظلم والعدوان، الا انه وضع محور المقاومة على قائمة الارهاب، لانه يهدد “اسرائيل” وليس اي جهة اخرى، وانه يكذب وينافق عندما ينعت محور المقاومة بالارهاب، ومادام هذا الكذب والنفاق يهيمنان على سياسة الغرب وعلى راسه امريكا، فسيبقى الارهاب التكفيري الذي يحتضنه حلفاء امريكا قائما، ولن يكون تفجير مانشستر الارهابي التفجير الاخير الذي تشهده اوروبا.

المصدر : شفقنا

109-3