نائب رئيس حركة «النهضة» يؤدي مشهدا هزليا ويثير جدلا كبيرا في تونس

نائب رئيس حركة «النهضة» يؤدي مشهدا هزليا ويثير جدلا كبيرا في تونس
الأربعاء ٣١ مايو ٢٠١٧ - ٠٥:٥٢ بتوقيت غرينتش

أثار نائب رئيس حركة «النهضة»، الشيخ عبد الفتاح مورو، جدلاً كبيراً في تونس، إثر تجسيده لشخصية مخرج في أحد البرنامج التلفزيونية الهزلية، فبينما أشاد البعض بما قدمه باعتباره يمثل «الوجه الجديد» للحركة الإسلامية التي أعلنت مؤخراً تحولها إلى حزب مدني بمرجعية دينية، اعتبر البعض أنه أساء لصورته كمفكر إسلامي وحقوقي وشخصية وطنية رصينة، وخاصة أنه نائب لرئيس البرلمان.

العالم - تونس
وشارك مورو قبل أيام في برنامج «مهما صار» الذي يقدمه الفنان جعفر القاسمي، وهو برنامج هزلي يستضيف شخصيات عامة (سياسية وفنية وغيرها) ويقوم على فكرة «التحدي»، حيث يفرض على الضيف أداء مشهد تمثيلي مرتجل لشخصية تتناقض كلياً مع شخصيته.

وخلال الحلقة الأولى للبرنامج قبِل مورو بتجسيد شخصية مخرج سينمائي معروف في مهرجان دولي، حيث تخلى عن لباسه التقليدي المعروف (الجبة والعمامة) ليرتدي بزة رسمية ويؤدي مشهداً كوميدياً أكد فيه أن «الفن يربط بين السماء والأرض ويفتح آفاقاً أمام الإنسان ويحوله إلى محرك للحياة»، قبل أن يؤدي لاحقاً مشهداً من فيلمه المفترض «أماّه».

«الشخصية الجديدة» لمورو عرّضته لسلسلة من الانتقادات والترحيب في آن واحد، حيث شاهد الآلاف الفيديو الخاص بالحلقة وتناقله عدد كبير من النشطاء.

وكتب الباحث سامي براهم على صفحته في موقع «فيسبوك»: «تابعت الحملة على الأستاذ عبد الفتّاح مورو من دون مشاهدة البرنامج فذهب في سوء ظنّي من شراسة الحملة أنّ الرّجل ارتكب مسقطاً أخلاقيّاً، بعد المشاهدة بدا لي أنّ الرّجل يحمل في داخله روح فنّان مبدع مع ظُرف ولُطف نادرين، وحضور بديهة لافت، ارتجاله دور شخصيّة كانت بالمصادفة مخرجاً سينمائيّاً (هو) رسالة إلى أنصاره وخصومه السياسيين، على حدّ سواء، أنّ الجبّة والعمامة لا تتناقضان مع الفنون».

وأضاف «هذا أحد مؤسّسي تيّار «الإسلام السياسي» في البلد يؤدّي دور مخرج سينمائي، هي مفارقة لطيفة لظاهرة سياسية اجتماعيّة لم تستثمر في الثّقافة والفنون إلا قليلاً سواء لأسباب ذاتيّة أو موضوعيّة، لعلّها لفتة غير مقصودة ولكن معبّرة من مخرج المشهد الذي اختير للأستاذ مورو ليدعو ضمناً أنصاره للإبداع الفنّي والثقافي الذي يصل الأرض بالسّماء كما قال. ليس في هذا المشهد ما يسيء للرّجل أو يحطّ من قدره ومقامه إلا لدى قصيري النّظر وضعاف الإدراك وفقراء الذّوق والخيال. عبد الفتّاح مورو رجل نسيجُ وحده وفريدُ جيله، ولا يمكن تقييمه إلا بما يليق به من معايير».

وكتب الشاعر بحري العرفاوي تحت عنوان «مورو شخصية طوّافة في بيئة خوّافة»: قال: «الفن يربط عالم الأرض بعالم السماء»، لو أنه قال هذه الجملة فقط لكفته إبلاغ رسالة عميقة. كنت أجد فروقاً كبيرة بين شخصيتيْ الأستاذ راشد الغنوشي والأستاذ عبد الفتاح مورو، منذ بداية الثمانينيات وأنا أتابع دروسهما المسجدية في العاصمة. بقدر الصرامة الفكرية والحزم السلوكي اللذين نلحظهما لدى الاستاذ الغنوشي (وكنا نحب فيه ذلك) كان مورو شخصية مرحة منشرحة مع غزارة معرفية وعمق فكري وكثافة دلالية».

وأضاف «أعتقد أن مورو مسكون بـ»الإنسان» في كل تقلباته وتنوعه وتعدده، فهو لا يستنكف من التعامل مع أي وضعية ولا يجد حاجزاً يفصله عن أي كان ومهما كان طالما فيه نفخة من روح الله. عوالم الفنون والإبداع والجمال والأشواق والمحبة هي عوالم إنسانية شفافة لا يرقى إليها إلا من تطهر فعلاً من تكثّف الغريزة بما هي شهوة وبما هي حقد وكراهية وعقد نفسية هي من أخلاط النفس والذهن غير السّويّين».

فيما انتقد عدد من النشطاء ظهور شخصية دينية معروفة كمورو تحظى بمكانة كبيرة لدى التونسيين في برنامج هزلي. وكتب أحدهم «لأنه رجل دين فإني أحيله على قول الله تعالى «وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا»، فهؤلاء تدينوا بالهزل والغناء والرقص وكرة القدم وكل ما هو لهو ولعب». وأضاف آخر «محاولة فاشلة لكسب الشباب، مشكلة الناس يا شيخ ليس الدين وإنما الفشل في الحكم (لذلك) اشتغل وطور البلاد وسينتخبك الناس، بدلاً من أن تمثل مشهداً كوميدياً وتسيء لمكانتك، وخاصة أنك إمام جامع».

وأشاد مقدم البرنامج الفنان جعفر القاسمي بـ»الحرفية» التي يتمتع بها مورو، مشيراً إلى أن «فريق الإعداد اتصل بجميع الأطياف الحزبية للمشاركة في برنامج ”مهما صار”، وهناك من قبلوا المشاركة وآخرون رفضوا ذلك بسبب التزاماتهم. نافياً محاولته «استغلال» شخصية مورو للترويج لبرنامجه.

ويعتبر الشيخ عبد الفتاح مورو الشخصية الثانية في حركة «النهضة»، وهو من المحسوبين على التيار المعتدل والإصلاحي داخل الحركة الإسلامية، كما أن مواقفه وآراءه تثير جدلاً كبيراً في البلاد، حيث أشاد مؤخراً بالرئيس السابق الحبيب بورقيبة الذي قال إنه بات يشكل «تراثاً» لتونس، وهو ما عرضه لانتقادات من قبل عدد كبير من أنصار «الحركة» الذين يتهمون بورقيبة بـ»تغريب الشعب وإبعاده عن دينه».

المصدر : القدس العربي

109-4