معركة الحدود والوجود..

معركة الحدود والوجود..
الأربعاء ١٤ يونيو ٢٠١٧ - ١٢:١٣ بتوقيت غرينتش

متغيرات كبيرة تنتظرنا أكبر بكثير من المتغيرات الحاصلة حالياً، فاستكمال ربط الجغرافيا في العراق وسوريا ستكون له تداعيات سياسية ستغير من مشهد الصراع شكلاً ومضموناً.

العالم ـ مقالات وتحليلات

ورغم صدور بيان عن البنتاغون الأميركي يؤكد أن القوات الأميركية لن تتعرض لوحدات الجيش السوري وحلفائه، إلّا إذا تمّ الإقتراب من القواعد الأميركية والقوات المدعومة منها، إضافة إلى تضمن البيان إشارة إلى عدم رغبة أميركا ببناء قواعد ثابتة في سوريا، إلّا أنني أرى البيان مجرد مناورة لامتصاص نتائج العمليات التي نفذّها الجيش السوري وتمكن من خلالها من الوصول إلى الحدود العراقية – السورية، وهذا يعني أنه علينا أن نستعد لمفاجآت ما تحضرها أميركا التي لا تزال تمسك بعدد لا بأس به من أوراق الضغط في جبهات أخرى كجبهة إدلب وجبهة الجنوب السوري.

مقابل التقدم الذي أحرزه الجيش السوري، نفّذت القوات العراقية اندفاعة سريعة من الرطبة ومعبر الوليد باتجاهين شمال وشمال شرق ووصلت إلى نقاط تمركز الجيش السوري شمال شرق التنف، حيث باتت تسيطر على 95 كلم من خط الحدود مع سوريا مقابل سيطرة الجيش السوري على 30 كلم من خط الحدود مع العراق، ما يعني أن الطريق بين سوريا والعراق أصبح مفتوحاً وهو ما يعني أيضاً تحقّق الربط بين طهران وبيروت، وهو تحول كبير لم يكن موجوداً قبل 38 سنة إلى الآن وهذا ما يجعلنا نصنف العمليات بالعمليات الشاملة الإستراتيجية.

في الجانب السوري انطلقت العمليات نحو خط الحدود من اتجاهين اساسيين:

1- اتجاه العليانية – الهلبا – جبل عش غراب – إشارة الوعر والذي يبلغ طوله 130 كلم.
2- اتجاه بئر العباسية التليلة – بير البيوّض – بير العاصي – بير أم سلابيخ – ساريات الوعر والذي يبلغ طوله 137 كلم.

اتجاهات هجوم أخرى نفّذ عليها الجيش السوري عمليات مشاغلة وتقدم، كان أبرزها محور السين التنف حيث تعرضت القوات هناك عند مثلث ظاظا والشحمة لثلاث ضربات أميركية، علماً إننا قلنا منذ البداية أن تقدم القوات من هذا المحور كان للمشاغلة وتثبيت جهد القوات الأميركية ليتم تنفيذ المناورة الكبيرة شمال شرق التنف عبر الاندفاع الخاطف والسريع والوصول إلى خط الحدود بعد تحطيم قوات "داعش"، عبر الضربات النارية بالطيران والمدفعية وعبر الدبابات والصواريخ المضادة للدروع التي كانت تنطلق ضمن خط مسير مُستطلع ومرصود مسبقاً وطيلة فترة الاندفاع، ما مكّن الجيش من توجيه ضربات قاتلة لتنظيم "داعش" كسرت كل نقاط تموضعه.

بالنظر إلى مسار العمليات الحالية، سنجد أن الجيش السوري ينفّذ عمليات متسارعة على أكثر من محور تصب جميعها في خانة ربط خط الجبهة ما قبل الاندفاع إلى الميادين ودير الزور:

1- على محور ريف حلب الجنوبي الشرقي وصلت وحدات الجيش إلى طريق الرصافة – أثرية – الرقة وسيطرت على مفرق الصافية جنوب غرب الطبقة، وهذا يعني أن الجيش السوري اختار الاندفاع بهذا الاتجاه للوصول إلى الكوم والتقاء قواته في هذا المحور مع القوات التي ستندفع باتجاه السخنة، ما يعني أن كامل قوة "داعش" الموجودة شرق سلمية وشمال شرق حمص قد وُضعت داخل الطوق إلا إذا اختارت هذه القوات الانسحاب باتجاه الشرق، وهو أمر شديد التعقيد إذا ما تم تطوير اتجاه اندفاع من أثرية جنوباً باتجاه الكوم، علماً بأن التقدم على هذا المحور هدفه برأيي تقليل عرض الاندفاع من السخنة باتجاه دير الزور.

2- على محور تدمر – السخنة، أن استكمال الاندفاع ينتظر تطهير منطقة أراك وتثبيت القوات وإعدادها لتنفيذ الهجوم باتجاه السخنة.

3- محور ثالث بدأ الجيش بتطوير الهجوم عليه هو اتجاه المحطة الثالثة جنوب شرق تدمر، والذي سيتم استكماله بالاندفاع جنوب شرق نحو حميمة حتى جنوب شرق البوكمال.

4- محور رابع سيكون بالتزامن مع انطلاق العمليات باتجاه المحطة الثالثة وحميمة هو الاندفاع من نقاط التمركز الحالية شمال شرق التنف نحو البوكمال.

5- محور خامس ستبدأ عمليات الاندفاع عليه بعد وصول الجيش إلى السخنة باتجاه دير الزور، سيكون باتجاهات مختلفة تتوزع بعد السيطرة على السخنة لتشتيت جهد "داعش" وتأمين الاندفاعة السريعة.

في الجانب العراقي تبدو العمليات قد دخلت مرحلة الاندفاع المتزامن والمتوازي مع اندفاعات الجيش السوري، حيث ستشهد الأيام القادمة تحولات كبيرة لجهة تغير خرائط السيطرة، لكننا سنبقى ضمن المراحل الأساسية الأولى لتحقيق الطوق والبدء بعمليات العزل وتطويق الأوصال، وهو ما سيحقق نجاحات كبيرة على اتجاهات الاندفاع المذكورة أعلاه في الجانبين السوري والعراقي.

ولأن الجماعات الإرهابية اعتمدت على خطوط الحدود في عملياتها لتحقيق أهداف المشروع الأميركي، على الحدود نفسها تجري العمليات الآن لضرب ما تبقى من فلول الإرهاب ولإخراجنا من التهديد الوجودي الذي كان محيطاً بنا طيلة سنوات.

* عمر معربوني - بيروت برس

104-3