أبو مهدي المهندس: ثورة في رجل

أبو مهدي المهندس: ثورة في رجل
السبت ١٧ يونيو ٢٠١٧ - ٠٦:٢٥ بتوقيت غرينتش

بعزيمةٍ مجبولة بالثقة والإيمان، اختار أبو مهدي المهندس درب الجهاد والكفاح. ابن الثلاثة وستين عامًا، بات اليوم اسمًا لامعًا يُعنون ميدانيات الحرب ضدّ الإرهابي التكفيري في العراق، بعدما أصبح قائدًا بارزًا في الحشد الشعبي في وجه آلة القتل الداعشية. فمن هو؟

العالم - العراق

جمال آل ابراهيم المولود عام 1954 عراقي الجنسية من البصرة من أمّ إيرانية، حائز على بكالويوس في قسم الهندسة المدنية من الجامعة التكنولوجية في بغداد. انضمّ في العام 1970 الى حزب الدعوة الإسلامية، قرارٌ اتّخذه بفعل الظلم الذي ألحقه النظام البعثي بالعراقيين، ولكنّه سرعان ما بات مطلوبًا يُلاحَق من قبل “الصداميين”، الى أن لجأ الى الكويت بعدما أمر الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين باغتيال المرجع الكبير السيد محمد باقر الصدر عام 1980 عقب حملة شعواء شنّها على الناشطين في حزب الدعوة، أعدم خلالها معظم أصدقائه.

مرّت سنواته في الكويت داخل السجن، بعدما اعتقل بتهمة تفجير السفارتين الأمريكية والفرنسية على أراضيها عام 1983، الى أن استطاع الفرار الى الجمهورية الإسلامية الإيرانية بينما كان صدام حسين يغزو الكويت عام 1990. إيران اعتُبرت نقطة انطلاق جديدة لأبي مهدي في عمله السياسي ولاسيّما في “فيلق بدر” الذي أصبح لاحقًا قائدًا عسكريًا بارزًا فيه حتى أواخر التسعينات.

عام 2003 عمل أبو مهدي المهندس على تأسيس مقاومة في العراق مع بدء الإحتلال الأمريكي، وبعد 9 سنوات من اندحار القوات الأمريكية، انصرف الى التركيز على النشاط السياسي، فكانت له أدوار في تشكيل الإئتلاف الوطني الموحّد والإئتلاف الوطني العراقي ومن ثم التحالف الوطني، الى أن صبّ تركيزه على قيادة العمليات العسكرية ضد تنظيم “داعش”، ومواجهة الإرهابيين ولاسيّما أولئك الذين يُرسلون انتحارييهم لتفجير أنفسهم بالأبرياء في مختلف مناطق العراق.

وقّع أبو مهدي المهندس أكثر من إنجاز في مواجهته “داعش”، فسجّل انتصارات عدّة، لعلّ أبرزها استعادة مناطق كانت محتلة تمامًا من قبل التنظيم الإرهابي ولاسيّما في ديالى وصلاح الدين وبيجي وجرف الصخر حيث الحقول النفطية الضخمة.

عندما يروي أبو مهدي ذكرياته الجهادية، يُسارع الى القول “إنني أحارب من أجل الإسلام”، ولأجل هذا الهدف لا يهدأ لحظة، متنقّلًا بين المخيّمات مُعيرًا أهمية قصوى للعائلات المرتبطة بـ”داعش” أي التي لاذ أحد أفرادها الى صفوف الإرهابيين.

يرفض أبو مهدي تطييف مقاتلي الحشد الشعبي، لذلك يحرص على تنوّعهم لأن الغاية واحدة: هزيمة “داعش”. للراحة لدى أبي مهدي مفهوم آخر، فهو يرى في الجهاد “راحة ونزهة”، لا يحتاج الأمر لديه الى ما هو أعظم.

ولأنه عازم على مواصلة الجهاد حتى آخر حياته كما يقول دائمًا، يفضّل أبو مهدي مرافقة أبناء رفاقه الشهداء في جميع تحرّكاته الميدانية، وعليه، لا يصدّ طلب أي مقاتل من الحشد أراد التقاط صورة معه، فلعلّه يرتقي المقاوم شهيدًا غدًا.

رفيق قائد “فيلق القدس” الحاج قاسم سليماني وصديق القائد الجهادي الكبير في المقاومة الإسلامية في لبنان السيد مصطفى بدر الدين يفتخر بماضيه النضالي العتيق، ويعتزّ بإدراجه اسمه على القائمة الأمريكية السوداء لأنه سيشعر بالخزي كثيرًا لو أُدرج على القائمة البيضاء.

أودع أبو مهدي المهندس عائلته الصغيرة وصيةً وحيدة، يتمنّى تنفيذها بعد مماته، وهي دفنه في مقبرة بهشتي زهراء أو جنة الزهراء، أكبر مقبرة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حيث يرقد آلاف الشهداء الإيرانيين.

106-10