الأسد يَصف المسؤولين “بالمرعوبين” .. هل يثور ويُسقط الفساد؟

الأسد يَصف المسؤولين “بالمرعوبين” .. هل يثور ويُسقط الفساد؟
الخميس ٢٢ يونيو ٢٠١٧ - ١٠:٣٧ بتوقيت غرينتش

بدا الرئيس السوري بشار الأسد خلال ترؤسه اجتماعاً للحكومة السورية في مقرها أمس الاول (الثلاثاء)، مُرتاحاً وواثقاً بوضعه السياسي، مع تقدّم جيشه العربي على جميع المحاور، وتمسّك الحليف الروسي بحمايته لأبعد ما يُمكن توقّعه، ويبدو أن أمور الأزمة العالقة، لم تعد تحتاج إلا لبعض الوقت لإنهائها، فالرئيس بدأ يضعها خلف ظهره، وبدأ بالحديث عن مشروع إداري إصلاحي، والإصلاح والإعمار عادةً يأتي بعد أن تنفض الدولة غُبار الأزمات والحروب عنها.

الرئيس الأسد، يُدرك برأينا تماماً، أن نظامه بغض النظر عن العاصفة الكونية التي عصفت به لإسقاطه، يحتاج للكثير من الإصلاحات والتعديلات، وحتى قرارات لافتة وغير مسبوقة، حتى يتوافق مع تطلّعات الشعب السوري الذي وقف إلى جانب بلاده وقيادتها، وحتى إن صمد هذا النظام بكل العلّات التي فيه، فهذا لا يعني أن يتم غض الطرف عن سلبياته التي ترتقي لمستوى الفساد، وحتى الظلم والقهر الذي يطال المُواطنين.

الرئيس السوري، لم يلجأ في اجتماعه مع وزراء حكومته إلى خطابٍ إنشائي، وعبّر بشكلٍ مُباشر عن انزعاجه من تصرّفات المسؤولين في نظامه، وهي تصرّفات خارجة عن القانون في مُعظمها، وتسلّطيّة في ظاهرها وباطنها، ومن زار سورية قبل الأزمة أو خلالها، يعلم كيف يحصد المسؤولون وأبناؤهم في الدولة كل خيرات الوطن على حساب الوطن والمُواطن، التي لا تليق بالأول (الوطن)، وتُسيء للثاني (المُواطن)، وذلك بحسب توصيف الرئيس نفسه.

أحد الزملاء الصحفيين السوريين، والذي كان زميلاً لنا في صحيفة خليجية، قال لي بالحرف الواحد، أن نظام بلاده، لا يُمكن له أن يُحاسب المسؤولين فيه، أو حتى انتقادهم علناً، لأن هؤلاء هم الركائر والدعائم الأساسية التي تضمن وجوده، وبالتالي عليه أن يقبل ويسمح بتجاوزاتهم، ويُغلق عينه عنها، حتى تستمر المنظومة الأبدية في الحكم، ويستمر معها توارث الفساد والقهر والظلم.

لا بُد، أن الرئيس الأسد، يُدرك ما قاله زميلي جيّداً، ويُريد أن يُغيّر الوضع القائم منذ سنوات حُكم والده حافظ الأسد، والذي ربّما دفع البعض للنزول بمظاهرات في بداية الأزمة، واستغلال الثغرات لتحويلها إلى “ثورة مُسلّحة”، حيث شن الرئيس هجوماً حادّاً على من أسماهم المسؤولين “المرعوبين”، والذين يستخدمون مواكب ضخمة، ويقطعون الطرق، ويستغلّون السلطة، كما هاجم أبناء المسؤولين، ووصفهم بأنهم بلا قيمة أو وزن، كما أكّد أن المسؤولين سيتحمّلون مسؤولية تصرّفات أبنائهم.

الرئيس السوري، بلا شك أنه يُعلن ثورة على نظامه، ولكنه قرّر هذه المرّة أن يقودها بنفسه، ومن يرصد كلامه الأخير، يُدرك أنه ماضٍ بتغيير الصورة النمطية البائسة المعهودة عن نظامه، وهو لن يسمح بأن يُحمّله أحد جميل الوقوف إلى جانبه، وجانب الجيش على حساب الإساءة للمواطن، والدولة، والنظام العام، حيث لا فرق بينهم، وبين الإرهابيين، وبالتالي هو ينسف مقولة خشية النظام من التعرّض لأساساته، أي المسؤولين فيه، لو على الأقل في قادم الأيام من حكمه.

النظام السوري، يختلف عن باقي الأنظمة العربية بممانعته، ووقوفه إلى جانب حركات المُقاومة، لكن ومع رفع شعار المُمانعة الدائم، يُعبّر المُواطن عن سخطه من طريقة الحياة اليومية التي كان، ولا يزال بشكلٍ أو بآخر يفرضها النظام على الشعب، فهناك في سورية وفي ذات سياق مقولة ألوهية المسؤولين، كانت “الشاورما” تحتاج إلى واسطة مسؤول، حتى تستطيع أكلها ساخنة لذيذة، وبزيادة “مايونيز″ ونقول هذا عن تجربةٍ شخصية، وهذا يعود بطبيعة الأحوال إلى مدى تسلّط المسؤول في الدولة السورية وفساده، ونحن لا نُعمّم هُنا، وهو بالتأكيد هذا المسؤول الذي لا يتشرّف الرئيس كما قال بوجوده في مؤسسات دولته.

نعتقد أن مُشكلة سورية قبل الأزمة وخلالها، وبعد انتهائها ليست في بقاء الرئيس الأسد أو رحيله، وإنما بقُدرة الشخص الذي يشغل منصب الرئيس على مُحاربة مظاهر الفساد، والظلم، والقهر الذي تُمارسه السلطات بجميع أشكالها على المواطنين ضمن منظومة مؤسسات النظام القائمة، ونعتقد أن الرئيس الأسد وبعد ثباته، وصموده في الأزمة، التقط الإشارة، وفهم جيّداً أن الجمهورية التي يحكمها، تحتاج إلى عقلية مُنفتحة، وأكثر تفهّماً، وعليه أطلق المشروع الوطني للإصلاح الإداري، والذي نتمنّى ألا يكون حِبراً على ورق، ويُعلن فعلياً إسقاط الأسد للنظام السوري الذي عهدنا، فساده، وظُلمه، وقهره، لتتعافى “سورية المُتجدّدة” نهائياً!

راي اليوم : خالد الجيوسي الكاتب والصحافي الفلسطيني

112