لماذا الانقلاب في سياسة فرنسا حول رحيل الرئيس الأسد؟

لماذا الانقلاب في سياسة فرنسا حول رحيل الرئيس الأسد؟
الجمعة ٢٣ يونيو ٢٠١٧ - ٠٢:٢٦ بتوقيت غرينتش

لا نعتقد أن الرئيس الفرنسي الشاب إيمانويل ماكرون كان يعبر عن نفسه، وبلاده، عندما أكد في مقابلة صحافية نشرتها ثماني صحف أوروبية أمس أن رحيل الرئيس السوري بشار الأسد لم يعد أولوية بالنسبة إليه، لأن "هدف فرنسا الرئيسي هو محاربة التنظيمات الإرهابية التي تتدرب على تنفيذ هجمات دموية في أوروبا".

العالم ـ مقالات وتحليلات

الرئيس ماكرون الذي يترأس بلداً كانت من أكثر الدولة الأوروبية "صقورية" في الملف السوري، وتتزعم التيار المطالب بإسقاط الرئيس بشار الأسد ونظامه، بات يدرك أن الأولويات الأوروبية والعالمية تغيرت في سوريا، وأن بقاء الدولة متماسكة فيها هو الخيار الأمثل لمحاربة الإرهاب.

هذه التصريحات ستكون صادمة للمعارضة السورية بشقيها المسلح والسياسي في آن، وهي المعارضة التي كانت تعتبر فرنسا سنداً لها في حربها لإسقاط النظام، وتتخذ من باريس مقراً لنسبة كثيرة من أنشطتها السياسية والإعلامية.

نقطة التحول الرئيسية التي تقف خلف هذا "الانقلاب" في موقف الرئاسة الفرنسية، تتمثل في الهجمات الإرهابية التي تعاظمت واستهدفت عدة عواصم أوروبية، كان للعاصمة الفرنسية منها النصيب الأكبر، وهذا ما يفسر تشديد الرئيس ماكرون على أن الأولوية باتت الحفاظ على تماسك النظام السوري، والتركيز على محاربة الجماعات الإرهابية المتشددة، ومنع وصول إرهابييها إلى الشوارع والمؤسسات الغربية.

الرئيس ماكرون كان مصيباً، في رأي الكثيرين في أوروبا والغرب عموما، عندما طالب بخريطة طريق دبلوماسية جديدة "تحقق السلام وتنهي الحرب الأهلية"، مع الحفاظ على الاستقرار في سوريا، والحيلولة دون تحولها إلى دولة فاشلة مثلما حصل في دول عديدة مثل ليبيا واليمن.

الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها، واعترف بها الرئيس ماكرون في هذا الحديث، أنه لا توجد، وبعد ست سنوات من الأزمة السورية، مشاريع حكم بديلة للنظام السوري، الذي حافظ على تماسكه، واستطاع الجيش السوري أن يصمد في المعارك، ويحافظ على الدولة ومؤسساتها، بينما انهارت معظم مظلات المعارضة السياسية بسبب الخلافات والاحتراب الدموي، والتدخلات الإقليمية والدولية.

الرئيس ماكرون الذي يمثل الدماء القيادية الشابة في أوروبا، كان من أكثر الصقور شراسة في الإصرار على إطاحة الرئيس السوري، وأكد في أكثر من مناسبة أثناء حملته الانتخابية على هذا الهدف، ولكن الحديث في الحملات الانتخابية شيء، والحديث من قصر الإليزيه شيء آخر، لأن الأول غير ملزم، وهدفه اقتناص الأصوات، وأكثر عدد ممكن منها، أما الثاني فيضع في حسابات صاحبه مصالح فرنسا واستقرارها وأمن مواطنيها.

* رأي اليوم

104-10