لماذا غيَّرت قطر قوانين الإقامة؟

لماذا غيَّرت قطر قوانين الإقامة؟
الخميس ١٠ أغسطس ٢٠١٧ - ٠٤:٢٧ بتوقيت غرينتش

خطوة قطر لتغيير قوانين الإقامة بها، توضح كيف أنَّ الحصار الذي فرضته الدول الأربع بقيادة السعودية قبل أكثر من شهرين قد أتى بنتائجٍ معاكسة لما كان مخططاً له، بحسب تحليل لصحيفة واشنطن بوست الأميركية.

العالم ـ قطر

ففي الأسبوع الماضي فقط، وافقت الدوحة على مشروع قانون يمنح حق الإقامة الدائمة لبعض قاطني البلاد من غير القطريين، ومنهم أطفال النساء القطريات المتزوجات من رجالٍ غير قطريين.

واعتبرت الصحيفة في التحليل المنشور الأربعاء، 9 أغسطس/آب 2017، أن الدوحة استطاعت استثمار الحصار وما خلَّفه من آثار على المواطنين القطريين وأوضاع إنسانية تحقيق بعض الأهداف السياسية المحلية، والتي من شأنها تغيير مجلس التعاون الخليجي كله، وليس قطر فقط.

وتدلل هذه الخطوة كذلك على أن نفوذ السعودية على الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون يتضاءل، حيث كان هدف الحصار هو إجبار قطر على العودة إلى الصف مرةً أخرى إلى جانب دول المجلس، التي تتسم سياساتها بطابعٍ محافظ أكثر من الدوحة، ولكن خطوة تغيير قوانين الإقامة تثبت أن النتائج جاءت على عكس ما اشتهت دول الحصار.

قوانين المواطنة في مجلس التعاون: حصرية وأبوية

وتماشياً مع سياسات مجلس التعاون، كانت قطر تُطبِّق دوماً قوانين مواطنة تُوَرِّث فقط حقوق المواطنة من الأب إلى الابن. ومولد أي شخصٍ في قطر لم يكن يمنحه أي حق في المطالبة بالجنسية، حتى أطفال النساء القطريات المتزوجات من رجالٍ غير قطريين لم يكونوا يحصلون على الجنسية عند مولدهم.

إلا أن القانون الجديد يُعد الأول من نوعه في دول مجلس التعاون ، الذي يمنح المواطنين غير القطريين مزايا اقتصادية، تماثل تلك التي يحصل عليها من يتمتعون بحقوق المواطنة الكاملة، والتي تشمل التعليم المجاني، والرعاية الصحية المجانية، والأولوية في شغل الوظائف المتوفرة، بالإضافة إلى التمتع باستقرار الإقامة الدائمة بدلاً من تأشيرات الإقامة المؤقتة التي يجب تجديدها سنوياً.

ويؤيد تسعة من بين كل عشرة قطريين من النساء والرجال فكرة تغيير القوانين، للسماح للنساء القطريات بتوريث الجنسية لأطفالهن، بحسب استطلاع رأي أجراه مراسل واشنطن بوست عامي 2013 و2014.

ولا يصمت القطريون فيما يتعلق بهذه المخاوف؛ إذ تنشر وسائل الإعلام المحلية على نحوٍ متكررٍ شكاوى هؤلاء المحرومين من حقوق المواطنة الكاملة، وما يستتبعها من المزايا الممنوحة من قبل الحكومة، والتي تشمل زيادة رواتب موظفي القطاع العام، وامتلاك الأراضي، والمنح التعليمية، والتوظيف، وحتى القدرة على الزواج والإنجاب.

وبينما اعترفت الحكومة القطرية بهذه المخاوف، وتعهَّدت بمراجعة هذه القوانين ضمن استراتيجية التنمية القومية، إلا أنَّها لم تتخذ أية خطوات في هذا الشأن، حتى تهيأت الظروف في ظل الحصار.

لماذا تغيَّر القانون في هذا الوقت تحديداً؟

بينما رسمت قطر في كثيرٍ من الأحيان مساراً مستقلاً فيما يتعلق بالشؤون الخارجية، منعها الضغط السعودي وأصوات المُحافظين من الأُسَر الراسخة في البلاد من تجربة التغيير الداخلي.

ويبدو أنَّ الأزمة الإنسانية الناجمة عن الحصار قد أعطت قطر الغطاء السياسي المحلي الكافي لاتخاذ مثل هذه الإجراءات. حيث يتزوج آلاف المواطنين من دول مجلس التعاون بشكل مختلط، ومع صعوبة نقل الجنسية بعد الزواج، يحتفظ معظمهم بجنسية بلادهم حتى حين يتزوجون ويعيشون ويعملون في دولةٍ أخرى.

وحين بدأت الأزمة، استدعت دول الحصار مواطنيها من قطر، وأجبرت المواطنين القطريين على مغادرة بلدانهم، مما أدى إلى تقسيم الأسر عبر المنطقة خلال شهر رمضان الماضي.

ويُعَدُّ منح قطر الإقامة الدائمة لأفرادٍ في المجتمع كانوا محرومين منها سابقاً تحركاً سياسياً ذكياً، لاستغلال الأزمة الإنسانية الحالية في حلِّ مشكلةٍ محلية أطول أجلاً.

مجرد بداية

قد يُبشِّر قانون الإقامة الدائمة بحدوث مزيدٍ من التغيير. وعلى غرار الاستراتيجية التي اتَّبعتها الكويت في الستينات والتسعينات من القرن الماضي للحصول على شرعيةٍ سياسية في مواجهة التهديدات العراقية الإقليمية، قد نشهد تغيراتٍ سياسية متزايدة في قطر، في إطار سعيها لتمييز نفسها، بما في ذلك الانتخابات التي طال انتظارها لتكوين مجلس تشريعي وطني (استشاري).

وربما يترقب المواطنون القطريون أنفسهم هذه الخطوة؛ إذ أظهر استطلاع رأي أجراه مراسل الواشنطن بوست في عام 2013، أنَّ الأغلبية الساحقة من القطريين (نحو 90%) يرون أنَّ انتخاب مجلس تشريعي وطني يُمثِّلهم، كما وعدهم دستور عام 2004، سيكون أمراً جيداً.

وقال مواطنٌ قطري مؤخراً: "لو كانت هناك أي رقابة على الموضوعات السياسية في أي وقتٍ مضى، فقد اختفت حالياً، والمحادثات السياسية تجري في المجلس وبين عامة الشعب كذلك"، بحسب المصدر ذاته.

المصدر: هافينغتون بوست

104-1