هل أصبحت أيام خصوم الأسد معدودة؟

هل أصبحت أيام خصوم الأسد معدودة؟
السبت ٠٢ سبتمبر ٢٠١٧ - ٠٤:٤٣ بتوقيت غرينتش

هل أصبحت أيام خصوم الأسد معدودة؟ أعتقد أنه من حقنا كمراقبين للمشهد السوري خلال سنوات الأزمة أن نطرح هذا السؤال “الاستفزازي”، وذلك على خلفية العبارة التي طالما رددها السياسيون الغربيون والعرب أو من يدعون أنهم من نخب الفكر والإعلام في عالمنا العربي بأن “أيام الرئيس الأسد باتت معدودة”. هذه العبارة التي تحولت إلى أسطوانة مكررة و”مشروخة” تتناولها وكالات الأنباء العالمية إلى أن توهم مرددوها ومستمعوها إلى حتمية حدوثها.

العالم- سوريا

إن من يتأمل المشهد السوري بتمعن منذ بدء الحرب على سوريا في 2011 وما تبعها سيرى أن كل من كرر عبارة رحيل الرئيس الأسد إما قد فقد منصبه أو فقد من رصيده السياسي أو رحل عن دنيانا الفانية وهذا أمر طريف بحد ذاته. ولعل ما يزيده طرافة أن سياسيين من الوزن الثقيل كالرئيس الأمريكي السابق أوباما أو الرئيس الفرنسي السابق هولاند أو رئيس وزراء بريطانيا السابق براون كانوا من عرابي مقولة "رحيل الرئيس الأسد" وهذا ما جعل سياسيي دول الموز في عالمنا العربي يكررون ذات العبارة بكل إيمان ويقين وكأنها آية من آيات القرآن الكريم.

لقد كشفت الأزمة السورية عن المستوى الوضيع الذي وصلت إليه “النخب” السياسية الغربية إذا صح لنا أن نسميها بالنخب وهم يرددون كالببغاوات عبارات "دعائية" خالية من أي فكر سياسي أو براغماتية سياسية ليظهروا أمام شعوبهم كالبلهاء والحمقى سيما وأنهم استثمروا في "ثوار الحرية" ليتحول هؤلاء الثوار إلى "ذئاب منفردة" ترتكب حوادث الدهس والطعن في لندن وباريس وبرشلونة وستوكهولم وغيرها من المدن الغربية. ومن ثم أصبح المشهد أمام المواطن الأوروبي العادي جليا وواضحا بأن ما يكرره ساسة المنظومة الغربية عن "ثوار الحرية" ما هي إلا محض أكاذيب وأن هؤلاء الثوار ما هم إلا مجرمون قتلة يقطعون الرؤوس ويأكلون الأكباد وسط صيحات التكبير ومباركة تجار الدين من قرضاوي وعرعور وعريفي وقرني وغيرهم.

إن السقوط المهني كان سمة ملاصقة لتغطية  وسائل الإعلام الغربية الكبرى للأزمة في سوريا، حيث بات جليا بوجه لا يدع مجالا للشك بأنها لا تملك الكثير من هامش الحريات أثناء تغطيتها للأحداث السورية وأنها تقوم بتغطيتها الإعلامية ضمن الإطار الذي ترسمه لها الحكومات الغربية أو الشركات وجماعات المصالح التي تمثل الحكومات العميقة في الحكومات الغربية. كما أن المتابع لوكالات الأنباء العالمية كرويترز ووكالة الصحافة الفرنسية أو القنوات الإخبارية الغربية مثل BBC و CNN و FRANCE 24 و FOX NEWS  وغيرها خلال سنوات الأزمة سيرى تلازما بين تصعيد الأزمة على المسار السياسي وبين أحداث مركبة أو مفبركة في المشهد الميداني يتم تسويقها إعلاميا عبر هذه القنوات ليرتبط كل حدث ميداني بمستوى تصعيدي معين من مستويات الأزمة السورية.
المشهد الأكثر سريالية الآن هو أن الساسة الغربيون يتحدثون حاليا عن حل سياسي للأزمة السورية يكون للرئيس الأسد دورا فيه، كما أن عراب الحرب على سوريا السفير الأمريكي السابق في دمشق روبرت فورد يعلن انتصار الرئيس الأسد، لنجد صدى هذا التحول السياسي الغربي عند سياسيي دول الموز في عالمنا العربي الذين أصبحوا يقنعون المعارضة السورية بدور للرئيس الأسد في المرحلة القادمة!

أمام هذا المشهد السريالي الحالي وقبل أن تسدل الستارة على الأزمة المصطنعة في سوريا وقبل إعلان الانتصار النهائي لمنطق الدولة والنظام في سوريا، فإن من حقنا كمعايشين للأزمة السورية خلال سنواتها العجاف الماضية بأن نسأل بكل واقعية وليس سريالية: هل أصبحت أيام خصوم الأسد معدودة؟
 

المصدر: رأي اليوم

1-113

تصنيف :