حرام الأمس حلال اليوم… "قيادة المرأة " في #السعودية مطية للعرش

حرام الأمس حلال اليوم…
الخميس ٢٨ سبتمبر ٢٠١٧ - ١٢:٤١ بتوقيت غرينتش

27 عاماً من نضال خاضته المرأة السعودية لنيل حق قيادة السيارة، تكلل بالنجاح بعد قرار ملكي صدر مساء أمس الثلاثاء 26 أيلول/سبتمبر 2017. وما كان محرّماً حتى مساء الأمس من هيئة كبار العلماء، حوّله قرار سلمان بن عبدالعزيز إلى حلال “متوافق مع الشريعة ومواكب لحاجات العصر” وفق دعاة المملكة نفسهم.

العالم - السعودية

في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 1990، سُجل خروج أول تحرك علني للنساء للمطالبة بحق القيادة. يومها انطلقت من مدينة الرياض 13 سيارة تقودهن نساء، وشارك في التحرك 47 إمرأة من أكاديميات وسيدات أعمال وطالبات.

فعاقبتهم السلطات بفصلهن من أعمالهن ومنع أولياء أمورهن من السفر لمخالفتهما فتوى كبار علماء المملكة التي تحرّم قيادة النساء للسيارة.

ورغم وقوف السلطة بشكل حاسم ضد هذه المطالب، مدعومة بمواقف كبار العلماء والدعاة، لم تغب  مطالبات النساء السعوديات بحقهن في قيادة السيارة. وفي بدايات العام 2005، قدمت 60 إمرأة سعودية  و 42 رجلاً خطاباً إلى الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان  طالبوا من خلاله الحكومة السعودية برفع الحظر عن قيادة المرأة السعودية للسيارة.

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، لم تتوقف نساء سعوديات عن التذكير بهذا الحق من خلال تنفيذ حملات أو تصوير مقاطع لنساء يقدن السيارة لكسر المنع الرسمي.

وفي وقت كانت الانتقادات فيه تتكرر من قبل منظمات حقوق الإنسان للمملكة السعودية على خلفية التعاطي مع المرأة ومنها منعها من قيادة السيارة، لم تكن السلطة السياسية وخلفها الدينية تجد حرجاً في تقديم التبريرات الدائمة التي تؤكد حرمة السماح للمرأة بالقيادة.

موقف كبار “العلماء”
فكان المفتي الأسبق للمملكة عبد العزيز بن باز يصف قيادة المرأة للسيارة  بأنها تؤدي إلى الرذيلة، و”إلى مفاسد لا تخفى على الداعين إليها، منها: الخلوة المحرمة بالمرأة، ومنها: السفور.

ومنها: الاختلاط بالرجال بدون حذر، ومنها: ارتكاب المحظور الذي من أجله حرمت هذه الأمور”، على اعتبار أن “الشرع المطهر منع الوسائل المؤدية إلى المحرم واعتبرها محرمة”.

ويضيف ابن باز: “الشرع المطهر منع جميع الأسباب المؤدية إلى الرذيلة بما في ذلك رمي المحصنات الغافلات بالفاحشة، وجعل عقوبته من أشد العقوبات صيانة للمجتمع من نشر أسباب الرذيلة.. وقيادة المرأة من الأسباب المؤدية إلى ذلك”.

وفي بيان صادر في العام 1999 قالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء السعودية  “ولاة الأمور” إن قيادة المرأة للسيارة، فيها “هتك الحجاب الذي أمرها الله به”.

وفي نيسان/أبريل من العام الماضي، جدّد مفتي السعودية عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، التحذير من ما وصفها بـ “فتن قيادة المرأة السيارة”، بالقول: “قيادة السيارة قد تفتح عليها أبواب شر ولا تنضبط أمورها، فالواجب والمطلوب منا إلا نقرَّ هذا؛ لأن هذا أمر خطير يعرضها للشرور”.

هيئة كبار العلماء: قرارات الملك هي الأصلح والأنفع

وفور صدور القرار الملكي يوم أمس،  صدر موقف عن الهيئة من خلال تغريدة نشرها حسابها على تويتر: “حفظ الله خادم الحرمين الشريفين الذي يتوخى مصلحة بلاده وشعبه في ضوء ما تقرره الشريعة الإسلامية”. لتكون بذلك قد اصطفت خلف قرار الملك، متجاهلة كل مواقف كبار العلماء السعوديين السابقة.

 

ودرءاً للحرج، عمدت الهيئة إلى إصدار بيان لاحقاً فندت فيه الأسباب التي دفعتها للإشادة بقرار الملك، رغم مواقفها السابقة تجاه تحريم قيادة المرأة. وبعد أنّ نوهت بقرار الملك، قالت إن اجتهادات الملك تهدف إلى “تحصيل المصالح وتكميلها، ودرء المفاسد وتقليلها.

وعلى ذلك أيضا: فإن ولي الأمر يختار في كل قراراته، الأصلح والأنفع والأيسر.” ولفتت إلى أن فتاوى العلماء السابقة “فيما يتعلق بقيادة المرأة للمركبة… لم تتعرض للقيادة ذاتها التي لا يحرمها أحدٌ لذات القيادة”.

وبعدما نام أهالي المملكة على كون قيادة المرأة من الأمور الحرام المسببة للفتنة، استفاق هؤلاء ليقرؤوا مواقف جديدة للدعاة منسلخة تماماً عن ما عهدوه. كموقف الداعية عائض القرني الذي أشاد بالقرار الملكي لكونه “يتوافق مع سماحة الشريعة الإسلامية ومواكبتها لحاجات العصر”.

معتقلو تأييد حق المرأة
 

وفي وقت كان موقف هيئة العلماء والدعاة مدار جدل وسخرية من قبل الناشطين على منصات التواصل الاجتماعي، أثار مغردون سعوديون آخرون استمرار اعتقال بعض الشخصيات السعودية على خلفية تأييدهم مطلب قيادة المرأة للسيارة، رغم صدور القرار الملكي.

من بين هؤلاء المعتقلين الصحفي السعودي علاء البنجي، الذي حكم عليه في العام الماضي بالسجن لمدة 5 سنوات.

وفي تقرير لمنظمة العفو الدولية يومها، قالت غن المحكمة السعودية أمر بإغلاق حساب البنجي على “تويتر”بسبب “تغريدات نشرها على الموقع الإلكتروني، ودعم في بعضها حق المرأة في السعودية بقيادة السيارة، والمدافعين عن حقوق الإنسان وسجناء الرأي.”

وخلال موجة الاعتقالات الأخيرة، اعتقل الباحثين السعوديين مصطفى الحسن و عبدالله المالكي بسبب تأييدهم للمطالب نفسها.  وذكّر مغردون سعوديون بأنه جرى اعتقال محمد القحطاني بسبب قيادة زوجته للسيارة. ونشرت زوجة المعتقل محمد العتيبي ما يفيد بأن احدى التهم التي وُجهت إلى زوجها كانت تأييده ومناصرته لحق المرأة بالقيادة.

القرار الذي حاول الإعلام تصويره على انه تاريخي، وكأنه صدر من نظام غير النظام والسلطة التي حكمت السعودية طيلة العقود الماضية، لم يقرأه الناشطون السعوديون إلا انتصاراً للجهود التي لم تيأس من المطالبة بالحقوق.

ولم تتوقف عن استخدام منع قيادة المرأة من ورقة تُحرج فيه المملكة التي تحاول من خلال هذا القرار أن تصل إلى مصاف الدول المتقدمة في سلسلة تغييرات يحاول ولي العهد السعودي أن يحدثها في المملكة مقابل ضمان وصوله للعرش والسماح له بإبعاد كل منافسيه.

ومن هذه التغييرات تقليص دور الدعاة، والاتجاه نحو العلمنة وهي توجهات أخذت تتمظهر مع طرح مجلس شورى المملكة إلغاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعض تقليص صلاحياتها.

وفي الوقت الذي يتم التعاطي مع الخبر على أنه انتصار للنضال النسوي في السعودي، ثمة من يؤكد ذلك ويضيف أن قرار سلمان بن عبدالعزيز يشكل خطوة مهمة أمام تنفيذ وعوده بشأل تقليص دور الدعاة لضمان العرش.

المعارضة السعودية مضاوي الرشيد لمحت إلى ذلك بقولها: ” مبروك للناشطات الذين فرضن انفسهن على اجندة الدولة وعقبال الحقوق السياسية والمدنية والحكومة المنتخبة”… ”

سأذكركم في المستقبل ان محاولة النظام السعودي فصل نفسه عن الوهابية ستكون رمزيتها المرأة وسيصدق المغفلون”، ولعل كلام الرشيد يفسر قرار السعودية قبل ساعات بتعيين أول إمرأة ناطقة باسم سفارتها في واشنطن!

 

المصدر : المنار

120