عن اسباب السباق الروسي-الاميركي حول الشرق والشمال في سوريا

عن اسباب السباق الروسي-الاميركي حول الشرق والشمال في سوريا
الأحد ٠٨ أكتوبر ٢٠١٧ - ٠٦:٣١ بتوقيت غرينتش

من يظن أن الأميركيين تركوا الساحة السورية للروس او الايرانيين فهو واهم، بدليل الكلام الروسي التصعيدي بشأن دور ​واشنطن​ العسكري في شمال وشرق ​سوريا​ ضد الجيشين السوري والروسي. لم تقل ​موسكو​ كلّ ما عندها من معلومات، هي إكتفت بإتهام الاميركيين بالتورط أو إعطاء الاشارة للإرهابيين لضرب ​القوات الروسية​ والسورية وحلفائهم انطلاقا من قاعدة “التنف” الحدودية، التي يسيطر عليها الأميركيون.

العالم - مقالات

 سبق وأن وضعت واشنطن خطوطا حمراء لمنع تجاوز ​الجيش السوري​ ​نهر الفرات​ أو التمدد نحو ​الميادين​، لكن دمشق وحلفاءها لم يكترثوا للتحذيرات الأميركية، ومضوا في طريقهم الميداني لتحقيق إنجازات سريعة ونوعية في ​الشرق​، والوصول الى قلب الميادين التي تعتبر المعقل الاساسي وغرفة عمليات “داعش”.

بانت في الساعات الماضية مؤشرات السباق الروسي-الأميركي على الارض السورية، وصارت على المكشوف، لكن ضمن ضوابط لا تزال تسري منذ اتفاق وزير خارجية ​الولايات المتحدة​ السابق ​جون كيري​ ووزير خارجية ​روسيا​ ​سيرغي لافروف​. السبب المباشر للنزاع السياسي-الدبلوماسي هو تمدد السوريين نحو مناطق تصنّفها واشنطن بمساحات رمادية أو تخطط لوضعها تحت نفوذها العسكري بعد دحر “داعش” منها. تريد الولايات المتحدة ترسيخا لوجودها وبناء قاعدة عسكرية ضخمة في شرق سوريا لمنع تفرد الروس والايرانيين في الاستثمارات الضخمة للثروات الطبيعية الموجودة في بطن ارض شمال وشرق سوريا، من فوسفات ويورانيوم وغيرها. بالنسبة للأميركيين، لا يجوز ترك سوريا للروس من دون فرض تواجد او شراكة أميركية في النفوذ. انها حسابات الجبابرة الاقتصادية بالدرجة الاولى.

يتواجد الأميركيون في مساحات واسعة، لا تقتصر على قاعدة التنف الحدودية، بل ينتشرون في بضع قواعد عسكرية أميركية تعطي الدعم والرعاية الكاملة للقوات الكردية التي تتزعم مجموعات مسلحة يشارك فيها أيضا مقاتلون عرب من ​العشائر​ يتقاضون مبالغ مالية شهرية قيّمة نسبيا. هناك من يقول أن ​القوات الأميركية​ تؤدي الدور الابرز والافعل في معارك الكرد ضد الارهابيين، لا بل يحاول الأميركيون التودد للاهالي والعشائر العربية شمالا بغاية ترسيخ علاقة بين تلك العشائر والقيادة العسكرية الأميركية.

هنا تبدو رغبة الأميركيين بالبقاء في سوريا، او إغراء الناس بمميزات المرحلة الحالية بعيدا عن احضان الدولة. هل تقبل دمشق وموسكو و​طهران​ بالرغبة الاميركية؟ مجرد الكباش السياسي والاعلامي على خط واشنطن-موسكو، وبطبيعة الحال بين الاميركيين والايرانيين يعني أن لا قبول بالرغبة الاميركية، ولا سماح لها بالبقاء. لكن واشنطن مصممة على عدم ترك الساحة، لا بل وراثة نفوذ “داعش”، خصوصا ان تواجدها في سوريا يقوم على نية السيطرة على المعادن والثروات الطبيعية السورية-حيث تتواجد القواعد العسكرية الأميركية الآن شرقا وشمالا، كمنطقة الكُبَر مثلاً.

روسيا لن تُذعن للنوايا الأميركية، رغم قتل ضباط قياديين روس بصورة وبزمن لافت، بدت كرسالة “من التنف” لكبح الاندفاعة الروسية. غير ان موسكو خطت بإتفاقها مع السعوديين وتوقيع اتفاقيات في الساعات الماضية نحو الامام، ومدت يداها الى مساحة تعتبرها واشنطن من ضمن حصتها. فهل هي بعثرة للاوراق والمحاصصات؟ الى أين تقود؟ لا تسعى لا واشنطن لمواجهة ميدانية مع موسكو، ولا روسيا تريد حربا ضد الأميركيين. لكن لا تراجع في قاموس الفريقين. ستكون المرحلة المقبلة مكرّسة للمحاصصات والاستثمارات، ولذلك أتى ​الوفد الاقتصادي​ الروسي الى دمشق منذ أيام يحمل نوايا وطلبات وخطط عملية لترجمة الاتفاقيات. في آخر صفحات الحرب في سوريا، يحتدم السباق الروسي-الأميركي، لكن الايراني الذي يهتم بالاقتصاد أيضا الى جانب الميدانيات، يخوض معارك على اكثر من جبهة، واهمها محاولة "​اسرائيل"​ ابعاد حلفائه اللبنانيين والسوريين عن حدودهم الجنوبية، بحجة ان “​تل ابيب​ لن تسمح لأن تكون ايران على حدودها”.

في ظل سباق الروس والاميركيين، والايرانيين والاميركيين، ثمة مسار غامض لحجم التسوية المرتقبة، هل تكون شاملة؟ ام تنسفها التباينات حول ​المحاصصة​ والنفوذ؟ كل شيء وارد، مع ميل كفة الحلول والصفقات.
عباس ضاهر/ النشرة

109-4