القصة الكاملة لأكبر "سرقة كهرباء" في تاريخ الأردن

القصة الكاملة لأكبر
الإثنين ٠٩ أكتوبر ٢٠١٧ - ٠٣:٤٤ بتوقيت غرينتش

يبدو أن «المصادفة» وحدها دفعت الأمور تجاه تصعيد سياسي وشعبي نادر في الأردن، على هامش ما سمي بأكبر قضية «سرقة كهرباء» في تاريخ الأردن

العالم - الاردن

وامتدت ذيول القضية وتدحرجت الكرة على نطاق سياسي بعد سلسلة مواقف ودعاوى قضائية رفعها سياسيون وبرلمانيون لتحذير «الأطراف جميعهم» من الزج بأسمائهم في هذه القضية الشائكة.

مستوى تفاعل الشارع الأردني مع المسألة لا يسمح إطلاقاً باحتواء الملف بسبب عاصفة من التعليقات تجتاح منذ أكثر من أسبوع وسائط التواصل الاجتماعي جميعها.

القصة فيها الكثير من الإثارة، وتظهر كيف تتفاعل المسائل شعبيًا عندما يتعلق الأمر بقضايا «فساد»، خصوصًا أن مزاج الشارع لا يتقبل تسويات بهذا السياق، بسبب شغفه للبحث عن أي تقصير من السلطة في مواجهة خطتها العلنية للإصلاح الاقتصادي والمالي.

القضية بدأت مع «فاتورة كهرباء» مسروقة وغير مسددة، ضخمة يصل سعرها لنحو نصف مليون دولار، لتؤدي إلى تداعيات إضافية لاحقاً، فقد تبين أن المسألة لا علاقة لها بالكهرباء المسروقة، بل بمولدات كهرباء ضخمة جداً سرقت من ميناء حاويات العقبة عام 2004 ثم ظهرت عام 2017 في قضية لص الكهرباء التي أثارت في عمّان العاصفة الجديدة.

بدأ النقاش على المستوى الشعبي عندما اعترض الناس على «تكفيل» «لص كهرباء» رفيع المستوى سرق بقيمة تصل إلى 300 ألف دينار وفي مواجهة ضغط الرأي العام اضطرت السلطات الإدارية في مدينة الزرقاء لإعادة توقيف المتهم بعد «تكييف تهمة جديدة» له بهدف احتواء الجدل الشعبي.

التهمة الأولى كانت عبارة عن «جناية « فقط، لا تجيز للمحكمة توقيفه خلافاً لإرادة الجمهور، بسبب تعديلات تشريعية منعت القضاء من سجن المتهمين في مثل هذه الجنايات، ما أدى لتغيير نمط التهمة حتى تتمكن السلطات من إلقاء القبض على الرجل بعد ساعات فقط من تركه حراً.

لاحقاً تداعت الأحداث لتتكشف تفاصيل عملية فساد ونصب وسرقة في منتهى الطرافة، تواطأت معها فيما يبدو على مدى سنوات إدارة شركة الكهرباء، ولم تتخذ أي إجراءات بخصوصها.

الطريف في الأمر أن المحولات المسروقة من العقبة قبل 13 عاماً ضبطت في مزرعة خاصة يتولى أمورها الموقوف المتهم في منطقة الحلابات الصحراوية شرق المملكة.

وفقاً لشهادات مهندسين فنيين تبين أن «العصابة» المعنية التي لم يتضح رموزها كلهم بعد، قاموا بتركيب المعدات المسروقة وسعرها بمئات الآلاف من الدنانير في المزرعة الخاصة، ولاحقاً تمكنت من الاعتداء على الكهرباء، من خطوط الضغط العالي بسحبها من دون بدل مالي.

تلك المسألة فنيًا لا يمكن أن تتم من دون فريق متقدم من المهندسين الفنيين، ومن دون ما يسمى إطفاء خطوط الضغط العالي، بمعنى؛ من الصعب تحصيل كهرباء مسروقة بمحولات مسروقة وتركيب المعدات والأجهزة كلها من دون تنسيق مع غرفة عمليات فنية داخل مقرات شركة الكهرباء، وهنا من المرجح أن يبرز التواطؤ.

الطريقة التي مكنت عصابة الكهرباء من تركيب معدات ضخمة وإطفاء خطوط التزويد، ثم الحصول على كهرباء مجانية لا زالت مجهولة.

لكن الإعلامي النشط على فيسبوك علي الطراونة، ربط بين ملف مزرعة الحلابات وسرقة المحولات في العقبة عام 2004 ببعض الوثائق التي نشرها علناً.

المفاجآت في السياق لم تتوقف، فقد دخلت وزارة المياه والري على الخط أيضاً، إذ كشفت سلطة المياه في المزرعة عينها عن عملية اعتداء على المياه الجوفية، حيث بدأت وزارة المياه والري على الفور بجمع المعلومات والتقصي للوقوف على حيثيات الاعتداء، وإذا ما كان هناك اعتداءات على شبكة المياه أو حفر آبار مخالفة داخل المزرعة من خلال التنسيق مع الأجهزة الأمنية المختلفة.

بيان رسمي لوزارة المياه تحدث عن الكشف عن اعتداءات داخل المزرعة التي تزيد مساحتها على ألف دونم مزروعة بمحصول الذرة الموسمي، تتمثل بحفر المعتدي 12 بئراً مخالفة عاملة وغير عاملة، وبناء 50 بيتاً بلاستيكياً و3 برك ضخمة، تتسع الواحدة منها إلى مئات الآلاف من الأمتار المكعبة من المياه الصالحة للشرب والري.

يعني ذلك ببساطة؛ أن عصابة المزرعة إياها لا تحصل على الكهرباء مجاناً بمعدات مسروقة، بل على المياه أيضا بصورة مجانية وتعتدي على الحقوق القانونية.

الضائقة الاقتصادية على المستوى الوطني تزيد من حساسية الشارع والحكومة إزاء قضايا اعتداء على المال العام من هذا النوع.
لكن وبرغم عدم وجود أي دلائل على اتهامات لأشخاص من الطبقة السياسية، وبعد تلميحات مستعجلة على فيسبوك وبعض المواقع الإلكترونية، لوّح سياسيان باللجوء إلى القضاء في حال محاولة الزج باسميهما في هذه القضية.

المصدر: القدس العربي

106-4