وصفات "صندوق النقد" الدولي ونتائجها الكارثية على الاردن!

وصفات
الإثنين ٠٩ أكتوبر ٢٠١٧ - ٠٦:١٦ بتوقيت غرينتش

ابدأ حديثي اليكم اليوم من توقعات اتت عليها تقارير صادرة عن البنك الدولي وكان هذا في شهر يوليو / تموز 2017 حيث توقعت تلك التقارير بأن تظل آفاق النمو الاقتصادي في الأردن “خجولة” على المدى المتوسط حيث أن التحدي الرئيسي الذي تواجهه السلطات الأردنية ما يزال يتمثل في تحفيز النمو وتوفير فرص العمل

العالم - الاردن

وفي الوقت عينه ضبط العجز المالي الذي ترتهن له الموازنة العامة للدولة والذي من المتوقع أن يصل بعد المنح إلى 693 مليون دينار (977.4 مليون دولار) ، وفيما يتعلق بسوق العمل، أكد التقرير أنه يواجه ” ضغوطاً كبيرة ” ، حيث أظهرت منهجية جديدة اعتمدتها دائرة الإحصاءات العامة أن نسبة البطالة بلغت 18.2 % في الفصل الأول من العام الحالي 2017، وأن معدلات المشاركة في القوى العاملة ومعدلات العمالة بلغت 40.5 % و33.1 % على التوالي، وكانت النسب المتلعقة بالنساء الأسوأ ضمن هذه المعدلات ، ويبدو أن مؤشرات سوق العمل ازدادت سوءاً خلال العام 2016 وحتى هذه الفترة منتصف 2017، كانت قد سجلت مستويات أعلى من البطالة واستمر الانخفاض في معدلات المشاركة في القوى العاملة ومعدلات العمالة، ولا سيما في صفوف الشباب.

من المتوقع أن تُحمّل الموازنة العامة للدولة – المواطنين – للعام 2018 مزيدا من الأعباء المالية بسبب ارتفاع الأسعار الذي شهده الأردن خلال السنوات القليلة الماضية، مما يشير الى قيام الحكومة باتخاذ إجراءات صعبة بذريعة مواجهة التحديات الاقتصادية وارتفاع عجز الموازنة العامة والمديونية، وذلك من خلال زيادة الضرائب والجمارك على السلع والخدمات لزيادة حجم الإيرادات المحلية وتخفيض العجز المالي، وأن ذلك لا يأتي إلا من خلال رفع الضرائب والأسعار ، والذي عجز الفريق الاقتصادي في الحكومة عن ايجاد الحلول الناجعة والقابلة للتطبيق ، وفي هذا المقام هل نحن بحاجة الى وصفات القيسوني (دكتور عبد المنعم القيسوني (1916 – 1987) اقتصادي مصري لعب دوراً بارزاً ومباشراً في رسم السياسة الاقتصادية لمصر بين عامي 1954 و1978 ، وظل واضعاً خبراته ومعرفته بتصرف وطنه بصفة استشارية حتى وفاته) ، واعتقد ان الرئيس هاني الملقي قد عاصر هذا الوزير المخضرم عندما كان طالبا يدرس الهندسة في القاهرة في ستينيات القررن الغابر.

وعودا الى زيارات ومباحاثات صندوق النقد الدولي مع الحكومة الاردنية وذلك عبر البدء في برنامج مالي للتعاون مع الصندوق على مدى السنوات القادمة لتوفير التمويل اللازم لسد الفجوة التمويلية التي يعانى منها الاقتصاد الاردني ” يقدره بعض المسؤولين ما بين (1-2) مليار دولار امريكي ” وبما يحقق الاستقرار في الأسواق المالية والنقدية، ويساعد في تحقيق معدلات النمو المستهدفة ، وذلك من خلال جملة من الاملاءات التي يفرضها هذا الصندوق الاستعماري على كاهل بلادنا والذي على اساسة متوقع قيام الحكومة العتيدة باتخاذ اجراءات وبحسب ما هو متداول من معلومات على الصعيد المحلي بفرض حزما جديدة من الضرائب ، بحيث ان هذه الإجراءات الضريبية المتوقعة تهدف لدعم وتغطية تكاليف النفقات التي اشتملت عليها مشاريع الموازنة للعام 2018.والذي تبررة الحكومة إلى تفادي الآثار السلبية الكبيرة على الاقتصاد الاردني وذلك مردة الى تداعيات اللجوء السوري في البلاد ” التي لم يتم التعامل معها على اسس موضوعية اقتصادية وسياسية منذ البداية ” ، من أجل تغطية تكاليف النفقات المتزايدة ولمنع الإضرار بالاقتصاد.

لو قدر الله ومنح ”صندوق النكد” القرض الذي تقدمت به الحكومة ، فهل هناك امل في انتعاش اقتصاد بلادنا وللتذكير فقد حصل الاردن على أضعاف هذا القرض خلال السنوات العشرة الماضية – فقد وسبق للأردن أن تلقى خط ائتمان من صندوق النقد الدولي في شهر يونيو 2012 بقيمة ملياري دولار لفترة 2012- 2015  ، فلم يحدث ما قالته وما وعدت به المواطنين الحكومة السابقة ، وكان رئيس الحكومة النسور قد قاد ” ترويجية ” من على شاشة التلفاز الحكومي الاردني، مخيرا الأردنيين بين “ الوقوف مع الوطن” أو انهيار الدينار الأردني ” ، إلا ان المواطن لم يلمس نتائج هذا ” التصحيح ” عمليا، بعد أن أظهرت أرقام ومؤشرات رسمية تراجع نمو الاقتصاد الأردني وارتفاع الدين العام ومعدلات البطالة وهروب الاستثمار وتآكل الطبقة الوسطى وارتفاع معدلات الفقر وايضا.فلا المالية العامة استقر حالها وانخفض عجزها، ولا النمو زاد ولا تحققت تنمية حقيقية يشعر بها المواطن ، والبطالة في ازدياد، وتزداد الحياة صعوبة كل يوم على الأسر الاردنية من جراء الارتفاع الجنوني للأسعار، ولم تفلح أي حكومة في تحقيق إنجاز واحد في ظل ما جاء من عشرات المليارات خلال الفترات السابقة ولا حتى في ظل هذه الحكومة برغم صغر فترتها الزمنية.

وامام هذا المشهد اعان الله الرئيس هاني الملقي على هذا الحصاد المر ، اذن فكيف تستطيع حكومتة بمليار او مليارين أن تحقق كل ما تعهدت او ستتعهد به امام مجلس النواب من تحسينات اقتصادية ينتظرها المواطنين بفارغ الصبر، خاصة أن الحكومة ” وصندوق النكد ” يضعان العربة أمام الحصان فيما يتعلق بحل مشكلة الاقتصاد الاردني، وللتوضيح فإن من الأهداف الرئيسية لبرنامج الصندوق، خفض إجمالي الدين العام الأردني الذي يعادل حاليا 94% من الناتج المحلي الإجمالي، إلى 77% بحلول عام 2021. وقد تضخمت ديون الأردن بمقدار الثلث تقريبا في خمس سنوات لتتجاوز 33 مليار دولار، مع تراجع الإيرادات والمساعدات الأجنبية.ولذلك فإن السعي للاقتراض من صندوق النقد يلقي الاقتصاد في هاوية تبعية مقيتة ويهدد حياة غالب الاردنيين ومستقبلهم عبر إجراءاته التقشفية الفاشلة التي ما طبقت على اقتصاد إلا وتركته جثة هامدة ، وفي هذا الصدد ما احوجنا اليوم إلى وضع سياسة لإعادة انطلاق التنمية وتبنى الرؤيا الملكية التي اتت عليها دعامات وثيقة ” الأردن 2025: رؤية واستراتيجية وطنية ” بصورة تشاركية حوارية مع كافة الجهات المعنية ، من قطاع خاص وعام ومؤسسات المجتمع المدني ومجلس الأمة ، والتي تم إطلاقها تحت الرعاية الملكية السامية والتي جسدت ”الأردن ” الذي نطمح أن يكون في العام 2025 آخذين بعين الاعتبار التحديات الجسام التي يواجهها الأردن من محيطه ، ورفض برامج المواءمة الهيكلية التي يعمل بها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في رؤيتهما للإصلاح – لا بل (الإفساد) الاقتصادي.

بدى واضحا ان هذه الحكومات باتت عاجزة عن تقديم ما هو النافع للاردنين وانهم أي الاردنيين لم يعد يثقوا في المناورات وان الشعب ينتظر دوما قيام الحكومات بإصلاحات كبيرة وعميقة من حيث الاهتمام بإصلاح الإدارة وتصحيح الوضع الاقتصادي في اجهزة الدولة والذي يتطلب تعديل وتحديث مدونات السلوك الوظيفي كما إن إدارة الاقتصاد لا تعني مجرد تحقيق النمو الاقتصادي، أو إنجاز استقرار اقتصادي كلي، على حساب التنمية الاقتصادية والإنسانية المستدامة ” لا ” ولكنه أداة لتحقيق الحياة الكريمة لعموم المواطنين، فدور الحكومات أن تتيح لكل إنسان فرصة عادلة لكي يتقدم في الحياة، لا أن تراكم عليه ديونًا وتغلق أمامه أبواب العمل والأمل، ثم تطالبه بضرائب ورسوم لقاء معيشته على تراب بلده، لذا، فإن حل مشكلة الاقتصاد في بلادنا تستلزم نوعين من التحرك هما:

أولاً: الإصلاح السياسي الاداري

وهنا لا بد من التركيز على سيادة القانون في عملية الاصلاح السياسي والاداري للدولة الاردنية ومن خلال تجربتنا السابقة بأن الحكومات دوما تلجأ للمناورات وهو ما بدى جليا بأن حبل المناورات والمكر السياسي قصير وان هذه الاستحقاقات كان لها عواقب إيجابية على المواطنين الاردنيين حيث بدى واضحا ان هذه الحكومات باتت عاجزة عن تقديم ما هو النافع للاردنين وانهم أي الاردنيين لم يعد يثقوا في المناورات وان الشعب ينتظر دوما قيام الحكومات بإصلاحات كبيرة وعميقة من حيث الاهتمام بإصلاح الإدارة في اجهزة الدولة وفي هذا السياق نقدم بعض المقترحات العملية وبعيدا عن التنظير الممل والتي تتعلق فيما يلي:

عمل تعديل وزاري واسع ” ليس لاحداث تغييرات محدودة على القشرة الخارجية لنهج سياسي واقتصادي ضعيف ” انما يتطلب باخراج وزراء  – اعتلاهم الصدأ ” وقد جثموا على صدر وزارت بعينها لخمس سنوات اختبأوا خلف المحسنات الاعلامية ولم يضيفوا جديدا لادائهم الا تحميل هذه الوزرات واثخانها بالقروض والاختباء خلف متنفذين من اصحاب رؤوس الاموال الضخمة ناهيك عن تنفيذ المشارع الفاشلة والتي اذا ما قدر لفتح ملفاتها يوما سيظهر منها العجب العجاب والعبث الاداري!!

وجود نظام ديموقراطي يخضع لقيم العدل والمساواة والحرية بين المواطنين على اختلاف مشاربهم ومنابتهم ، ويخضع للمعايير العالمية للحوكمة والشفافية، ويتم فيه فصل المال عن السياسة.

ان يمارس رئيس الحكومة امر العامة من خلال ” ولايته العامة ” وان يراعي بامانة المسؤلية في منح فرص التعيين واشغال المناصب بعدالة والايتان بالرجل المناسب في المكان المناسب بعيدة عن نظام الواسطة والمحسوبية المقيت.

تطوير وتحديث الممارسات الناظمة للحياة الديموقراطية والدور المطلوب لا بل والمأمول من جميع اطراف العملية السياسة ” التنفيذي والتشريعي والقضائي ” في البلاد وما يؤل في النهاية الى الاستقرار المستدام  والمستقبل الواعد وحصول جميع فئات الشعب على حقوقهم كما ضمنها دستور البلاد ودونما تميز بين احد على احد.

ثانيًا: النهوض الاقتصادي والاجتماعي

لا يزال اقتصادنا الوطني الاردني بحاجة الى تحقيق اداء قوي في العديد من مؤشراته المالية والقطاعية بما فيها النمو الاقتصادي ، وتحقيق رؤية واضحا للحلول الاقتصادية المجتمعية وعلى راسها بطالة مرعبة تدحض كل البيانات الرسمية والتي تجاوزت حاجز 15 % حسب الاحصائيات المتداولة والتي تلزم خطط دولة وليست حكومة لمنح المجتمع صفة الاستقرار في منطقة تتلاطمها النيران من جميع الجهات ، وامام هذه المعطيات فإن الحكومة ملزمة باتخاذ جملة من الاجراء نوردها فيما يلي:

إعادة توزيع الدخول بين رأس المال والعمل، وأن تعكس السياسة العامة الهم الإنساني الأساسي، بدلاً من الاهتمام بالنمو فقط.

إصلاح الاقتصاد يتطلب خطط لإعادة توزيع الدخول، وسياسات لرفع المستوى المعيشي للناس، وتيسير سبل العمل والاستثمار، وترشيد الإنفاق الحكومي.

غلق ومحاربة منافذ الفساد بكل أنواعه في أجهزة الدولة وبلا هواده ، فالترهل والفساد يعني سوء استخدام المنصب لغايات ومآرب ضيقة وشخصية ، ولعلنا نتابع هذه الايام اضخم سرقة كهرباء في تاريخ المملكة والتي قد تطال بعض من هم على رأس عملهم من علية القوم في اجهزة الدولة.

من هنا لن يكون الطريق لأي إصلاح اقتصادي حقيقي ، إلا عبر مشاركة أبناء الاردنيين في العملية السياسية بكل قوة، واختيار العناصر الكفؤة الأمينة القادرة على التصدي لمهام التنمية بجد وإخلاص، فالسلبية السياسية، هي التي تنتج القيادة الرديئة، وتلك تأتي معها بالخراب والفقر وصندوق النكد التسلطي، لذا، فالسياسة هي أرض المعركة الحقيقية التي ينبغي النضال عليها إن أردنا لاقتصادنا نهوضا ، وهنا ادعو رئيس الحكومة الافخم على مبادرة يقف الشعب معكم على تنفيذها وهى:

عقد مؤتمر اقتصادي اردني بامتياز يتم دعوة جميع الاردنين للمشاركة به وبخاصة الذين لديهم خبرات وممارسات وتجارب اقتصاديه ممن هم في داخل البلاد أو خارجها وطلب ” اوراق عمل لخطة اقتصادية خمايسة ” لوضع خطة بالنهوض الاقتصادي.

وبغير ذلك لن يكون هناك تحسن لان تجربتنا مع وزراء المكاتب كانت فاشلة بامتياز.. وسأكون اول المتقدمين بورقة عمل شاملة للتنمية الادارية والاقتصادية.

أحمد عبد الباسط الرجوب/راي اليوم

106-4