التبرع بالأعضاء البشرية بعد الوفاة في مصر يثير جدلًا بين رجال الدين

التبرع بالأعضاء البشرية بعد الوفاة في مصر يثير جدلًا بين رجال الدين
الثلاثاء ١٧ أكتوبر ٢٠١٧ - ٠٤:٣٥ بتوقيت غرينتش

أحدث تسجيل أول شابين مصريين لتبرعهما بأعضائهما البشرية بعد الوفاة، في دائرة الشهر العقاري، موجة جدل واسعة، وأدى إلى انقسام في الرأي بين علماء الدين، ففريق منهم يرى الأمر جائز شرعاً، وفريق يتمسك بعدم جواز ذلك بل يؤكد تحريمه.

العالم - منوعات 

وجاء إقدام الشابين كريم كامل ويوسف حنا على الخطوة بعد إعلان وزارة الصحة المصرية فتح باب قبول التبرع بالأعضاء من المتوفين حديثاً، واشتراطها لوجود وصية مكتوبة وموثقة لدى دائرة الشهر العقاري.

جائز لكن بشروط وضوابط

وقال مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء، الدكتور نصر فريد واصل، إنه يجوز أن يتبرع الإنسان في حياته ببعض أعضائه بعد الوفاة، “كون مصلحة الحي مقدمة على مصلحة الميت، فالإنسان الحي يقيم شرع الله ودينه لاستمرار الخلافة في الأرض، لافتاً إلى أن ذلك يستلزم أيضاً توافر عدة شروط وضوابط.”

وأوضح واصل،أن الشروط والضوابط اللازمة تتضمن وجوب أن يكون المتبرع بالعضو قد تحقق موته موتاً شرعياً.

وتوافر شرط الضرورة القصوى للنقل، إلى جانب وجود وصية مكتوبة من الشخص المنقول منه قبل وفاته بموافقته على هذا النقل، وأن يكتبها وهو بكامل قواه العقلية وبدون إكراه مادي أو معنوي، وأن يجرى النقل بمركز طبي متخصص معتمد من الدولة.

مسألة خلافية

لكن أستاذة الفقه المقارن في جامعة الأزهر، الدكتورة أمل ياسين، ترى أن التبرع بالأعضاء البشرية عبر كتابة وصية بها قبل الموت يبقى مسألة خلافية من الدرجة الأولى بين رجال الدين، مشيرة إلى أن السبب هو عدم وجود نص شرعي أو نبوي بجواز الأمر أو تحريمه.

وأشارت إلى أن هناك من يرى أن أخذ أعضاء الإنسان بعد وفاته بناء على وصية مكتوبة لن يضره لكنه يساعد في علاج إنسان آخر، ويستند هذا الرأي إلى عدة أدلة، من بينها الحديث النبوي الشريف: “ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاء”.

وقالت ياسين، باعتبار أن الدواء هنا هو عضو الإنسان المتوفى، يجوز التداوي به شرعاً، لكن بشرط أن يكون ذلك مسجلاً بوصية في الشهر العقاري.

 الرأي الآخر المعارض للتبرع، يرتكز إلى قاعدة أن الإنسان لا يمتلك جسده، وبالتالي فإنه لا يحق له التبرع بعضو من أعضائه، بحسب ياسين، التي أشارت  إلى أن الرأي الأول هو الأكثر منفعة لأنه يساعد على حماية النفس البشرية ومعالجة المرضى.

ممنوع التصرف بالجسد

وعلى النقيض من ذلك الرأي، اعتبر أستاذ الشريعة والقانون في جامعة الأزهر، الدكتور أحمد الشرقاوي، أنه لا يجوز شرعاً أن يتبرع الإنسان  بأعضائه إلا في حالات الضرورة القصوى، مستنداً في رأيه إلى الحديث النبوي: “إن هذا الإنسان بنيان الله، ملعون من هدم بنيانه”.

ووصف الشرقاوي إقبال الشباب على التبرع بأعضائهم البشرية بعد الوفاة أنه نوع من التعدي على النفس البشرية، ولا يكون إلا في حالات الضرورة القصوى.

مشيرًا إلى أن الحالة هنا هي الاضطرار فقط. وأما فتح الباب على مصراعيه للتبرع وانتشار تلك الحالات، فإنه، بحسب الشرقاوي، يرخص جسد الإنسان ويحوله إلى سلعة أو قطع غيار متاحة في أي وقت.

وقال الشرقاوي:”النفس البشرية معصومة، وجسد الإنسان أيضاً معصوم”، لذا لا يجوز التصرف به بأية صورة، وحذّر من أن ترخيص الأمر دون ضوابط يفتح الباب لتفكيك جسم الإنسان وتحويله إلى تجارة سرية.

وبدأت وزارة الصحة  المصرية بتلقي الطلبات من الراغبين في التبرع بأعضائهم بعد الوفاة بشرط توثيقها في دائرة الشهر العقاري أولاً.

حيث أكد خالد مجاهد، المتحدث باسم الوزارة، أنه تم منح تراخيص لـ 52 مستشفى و 15 ألف موافقة لزراعة الأعضاء،  مشيراً إلى أن “المجتمع ليس لديه الوعي الكافي لتقبل تلك المسألة، لذا تجب تهيئته قبل الإقدام على التبرع”.

المصدر : إرم نيوز 

120