جولة جديدة من الحرب السورية بدأت.. من ستُطحن عظامه أولاً؟

جولة جديدة من الحرب السورية بدأت.. من ستُطحن عظامه أولاً؟
الإثنين ٣٠ أكتوبر ٢٠١٧ - ٠٤:٣٥ بتوقيت غرينتش

رحى الحرب السورية لم تتوقف بعد عن طحن المزيد من المدن والمناطق، ولا يبدو أنها ستتوقف قريباً، جولةٌ جديدة من المعارك أطلقت شرارتها من شرق البلاد وشمالها، ومن المؤكد أنها تختلف عن سابقتها، فكسر العظام هذه المرة بات واضحاً بين الأطراف الفاعلة السورية والأمريكية والروسية والإيرانية ناهيك عن تنظيم "داعش" الذي يُعتقد أنه سيدافع بشراسة عن آخر مواقعه شرقي سوريا.

العالم - مقالات 

ليس مستغرباً أن يعلن المتحدث باسم قوات التحالف بقيادة واشنطن رايان دايلون النية لتوجه القوات الأمريكية والميليشات المتحالفة معها نحو البوكمال، تزامناً مع تقدم الجيش السوري باتجاه المدينة الاستراتيجية شرقي البلاد.

البوكمال عقدة أساسية في الاتصال مع العراق، ومن دونها لن يبقى للقوات الأمريكية ذريعة للبقاء في المنطقة الشرقية من سوريا، إضافة لكونها ستفتح المجال أمام اتصال سوري عراقي لا شك بأن الأمريكي سيبذل كل الجهود لمنع حصوله، ناهيك عن كونها منطقة نفطية من شأنها أن تأمن موارد اقتصادية هائلة لقوات سوريا الديمقراطية التي سيطرت مؤخراً على عدة حقول نفطية في محيط البوكمال، ومن خلفها واشنطن.

يبقى السؤال عن موقف واشنطن، هل ستتخذ مرة جديدة من ذريعة حماية قواتها المتجهة نحو المدينة سبباً لاستهداف القوات السورية المتقدمة؟ هنا يجب الإشارة إلى أن أي قذيفة أمريكية على دبابة سورية هي قذيفة على دبابة روسية أيضاً كون الروس يشاركون في العملية ويضعون مسألة تأمين دير الزور نصب أعينهم، خصوصاً أن ميدان الشرق أصبح منطقة مناكفة روسية أمريكية لن تنتهي بسهولة إلا بتوافق في كواليس الحرب إما في موسكو أو في واشنطن.

السباق نحو البوكمال يقابله سباق آخر باتجاه مطار أبو الظهور العسكري في ريف إدلب، مطارات الشمال خط أحمر للسوري والروسي في آن معاً، رسالة ظهرها الروسي من خلال إجباره قوات سوريا الديمقراطية على الإنسحاب من مطار منغ العسكري وتسليمه للقوات الروسية وفق توافق معين، وهي رسالة يتحداها التركي بإرساله مبعوثين عسكريين زاروا مطاري تفتناز وأبو الضهور بهدف الإعداد لإنشاء قواعد عسكرية تركية فيهما لاحقاً، بحسب ما أوردت مواقع تابعة للمعارضة السورية، وهي أهداف ليست مستبعدة، لكنها لن تكون محققة بسهولة أيضاً.

الجيش السوري أعلن نيته للسيطرة على أبو الضهور وبحسب المؤشرات فإن قواته بدأت تحشد عديدها وتتجهز لمعركة جديدة في إدلب، تنتهز فيها فرصة تاريخية في عمر الحرب الدائرة لتوسيع نطاق سيطرتها في إدلب والسيطرة على مطار استراتيجي ووضع الحدود أمام التمادي التركي في الشمال.

ومن يعلم ربما رحى المعركة في إدلب لن تقف عن حدود أبو الضهور وقد تتوسع إلى ما هو أبعد من ذلك، طالما أن اتفاق تخفيف التصعيد ما زال غير منضبطاً في تلك المنطقة، وأن للروسي ذريعة كبيرة لشن معركة جديدة ضد النصرة في المحافظة الشمالية، لرد الصاع صاعين للجبهة التي هاجمت مواقعه على حدود ريف حماه الشمالي وحاولت السيطرة عليها وإفشال الجهود لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار.

اللافت في المسألة أن الأمريكي في معركة البوكمال لا يتحدى الروسي فقط، وإنما الروسي والسوري والإيراني والعراقي في آن معاً، فمن المعروف أن لبغداد وطهران مصلحة كبيرة بإنهاء وجود "داعش" في المنطقة الشرقية من سوريا تزامناً مع إنهاء القوات العراقية لوجود التنظيم غربي الأنبار.

أيضاً السوري في معركة أبو الضهور لا يتحدى التركي فقط، والروسي لا يتحدى النصرة فقط، وإنما كلاهما يضربا مشروعاً لاستمرار النزاع والصراع في الشمال الذي بدأت المجريات فيه تتخذ منحاً خطيراً مع رواج عملية التتريك والنية التركية للتمدد واتخاذ اتفاق استانا ذريعة للتمادي بهدف تحقيق مصالحها في إدلب وعفرين.

واللافت أكثر من ذلك، أن غالبية مواقع المعارضة السورية الإلكترونية ما زالت تصر على أن البادية بأكملها ما زالت تحت سيطرة "داعش"، وبدأت بالترويج لمعركة يهدف النظام لشنها على المناطق المحيطة بأبو الضهور متناسية أن تلك المناطق تخضع لسيطرة جبهة النصرة الإرهابية، وهنا تُطرح التساؤلات مجدداً عن الدور الذي يؤديه إعلام المعارضة ووسائلها.

إذاً، حلبة السباق السورية لم تنته جولاتها بعد، وشلال الدماء لم تجف منابعه، وكل ذلك دليل على استمراريتها إلى مدة أطوال ومافي التصريحات الأمريكية الأخيرة سوى الدليل الواضح على ذلك والتي عبر عنها وزير خارجية إدارة واشنطن ريكس تيلرسون، بالقول لا مكان للأسد في المرحلة المقبلة، معيداً الأزمة إلى مربعها الأول والذي ستحاصر واشنطن فيه نفسها مجدداً كما حاصرت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما نفسها في خيار رحيل الأسد أو نحرق سوريا.

حيدر مصطفى / رآي اليوم 

109-1