الشهيد الشقاقي وتغيير الفكر العربي

الشهيد الشقاقي وتغيير الفكر العربي
الأربعاء ٠١ نوفمبر ٢٠١٧ - ٠١:٥٦ بتوقيت غرينتش

قبل ايام كانت الذكرى الثانية والعشرون لاستشهاد قائد حركة الجهاد الاسلامي فتحي الشقاقي، في عملية اغتيال نفذها الاحتلال الاسرائيلي في مالطا، وهي العملية التي باركتها ضمنيا عدة انظمة عربية وذلك لخوفها من مواقف الشهيد الشقاقي الذي كان لا يخاف بالله لومة لائم ولا عتاب معاتب.

العالم - مقالات 

 حيث كانت القضية الفلسطينية هي بوصلته والترمومتر الذي يقيس فيه علاقاته مع الانظمة العربية ومواقفه منها وهو ما جعله على خصام مع عدد لا بأس من الانظمة العربية سواء سرا او علانا.

القيادي الفلسطنيي استطاع في عمر لم يتجاوز الـ44 عاما من تغيير الفكر العربي والاسلامي بشكل كامل واحداث ثورة بهذا العقل وطريقة تفكيره واولوياته، فقبل عام 1979 اي قبل ان تبصر حركة الجهاد الاسلامي التي اسسها الشهيد النور، كان العالم العربي يعيش في تخبط واضح بالمواقف، وكان من يحمل راية المقاومة ضد الاحتلال هي الحركات اليسارية والقومية، والتي بدأت شيئا فشيئا بذلك الوقت في فقدان الحاضنة الشعبية نتيجة لمواقفها العربية وانحيازها لهذا النظام او ذاك على حساب القضية الفلسطينية تارة او لتبدية المصالح الشخصية تارة اخرى.

عندما ولدت حركة الجهاد الاسلامي كانت غريبة ولم تتقبلها الانظمة العربية بسهولة، حيث ان الحركات الاسلامية في العقول العربية كانت جميعها تشبه جماعة الاخوان المسلمين، وللانظمة العربية عداء مع هذه الجماعة، فمثلا سوريا كانت في بدايات معركتها الدموية مع الاخوان، ومصر كانت ايضا على خلاف مع الجماعة ايضا، ولم يكن هناك رؤوية منطقية لاي حراك سياسي اسلامي او مقاوم، حيث ان جميع الحركات كانت تخرج من رحم الاخوان.

فكر الدكتور الشقاقي كان على عكس فكر جماعة الاخوان تماما، حيث ان مبدأه الاساسي هو الحركة من اجل الوطن، وليس كما تؤمن جماعة الاخوان بأن الوطن من اجل الحركة، بالاضافة الى ان حركة الجهاد الاسلامي كانت اكثر علمانية من الاخوان، وكانت تؤمن بتعدد وجهات النظر وان الاختلاف هو الغنى الحقيقي، وهو امر جعلها قريبة من حركات المقاومة الفلسطينية التي يمكن ان نسميها بالعلمانية، وهي التي سهلت لها الطريق للعمل في سوريا، وفي نفس فترة تأسيس حركة الجهاد الاسلامي، تأسست المقاومة الاسلامية اللبنانية حزب الله، فكانا الجهاد والحزب جناحا طائر المقاومة الاسلامية الذي وضع تحرير الاراضي من الاحتلال الاسرائيلي واولها القدس على رأس هرم اولوياته، وهو ما مهد ايضا لخروج حركات مقاومة اسلامية اخرى مثل حركة حماس، وليكون الشهيد الشقاقي السباق في اخراج فكر جهادي اسلامي يتقبله العالم العربي العلماني قبل الاسلامي ويقف خلفه.

الشهيد الشقاقي كانت له مواقف حازمة وشجاعة من قرارات بعض الدول العربية بخصوص القضية الفلسطينية، فمثلا كان ضد التطبيع المصري مع الاحتلال والاردني لاحقا ومن ثم اتفاق اوسلو، وقبل استشهاده باسابيع ساهم بحل ازمة انسانية كبيرة عاشها الفلسطينيون في ليبيا، وذلك عندما عمد الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، الى طرد مئات الالاف من الفلسطينيين من الاراضي الليبية ووضعهم في مخيمات على الحدود مع مصر لاشهر في ظروف معيشية غير انسانية، ووقف الشهيد وقفة قوية ضد القذافي ولم يخف منه عندما قال له بأن يشبه الاحتلال الاسرائيلي عندما يقوم بطرد الفلسطينيين.

هذه المواقف سارعت بلا ادنى شك في اغتيال الشهيد وذلك الى جانب عمله وتخطيطه العسكري لضرب الاحتلال الاسرائيلي، وبعد استشهاده بقيت حركة الجهاد الاسلامي على المبدأ الاساسي الذي وضعه وهو عدم الدخول في الخلافات العربية والتركيز فقط على القضية الفلسطينية ورفع شعار الشهيد الشقاقي (فلسطين هي نقطة التماس بين تمام الحق وتمام الباطل).

 

ابراهيم شير _ كاتب واعلامي سوري / رأي اليوم