هل تستطيع الدبلوماسية الروسية حل الازمة السورية؟

هل تستطيع الدبلوماسية الروسية حل الازمة السورية؟
الجمعة ٠٣ نوفمبر ٢٠١٧ - ٠١:٥٦ بتوقيت غرينتش

من قبل ان يبصر النور مؤتمر الحوار الوطني السوري والذي كان يسمى “مؤتمر شعوب سوريا” تم اغتياله، فمن جانب عارضت تركيا دعوة الاكراد للمشاركة بالمؤتمر الذي لن ينجح فعليا ان لم يشاركوا فيه، ومن جانبا اخر اعلن كلا من هيئة الرياض والائتلاف المعارض الانسحاب.

العالم - سوريا 

مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، هدد بشكل واضح المعارضة السورية بالبقاء خارج العملية السياسية، في حال رفضت أو وضعت شروطا مسبقة للمشاركة في المؤتمر المزمع عقده في مدينة سوتشي. وذلك في دليل على ان موسكو تعول بشكل كبير على المؤتمر ولكن هل فعلا ينجح او يسمح له ان ينجح؟ وهل موسكو وجدت الطريقة المثلى لنجاح مثل هذا المؤتمر؟

وزارة الخارجية الروسية وجهت الدعوة لـ33 حزبا وتيارا 20 منها يعملون داخل العاصمة السورية دمشق، اذا ما الفائدة من مثل هذا اللقاء والسفر لسوتشي لاجراءه، طالما ان 20 حزبا وتيارا يعملون في سوريا، اذا لماذا لا يكون في دمشق؟ موسكو ربما تصورت في بداية الامر ان ما طبق في روسيا تستطيع تطبيقه في سوريا واسمت اللقاء في بداية الامر “مؤتمر الشعوب السورية” ولكن سرعان ما افهمتها القيادة في دمشق ان ما يطبق في روسيا من الصعب تطبيقه في سوريا، وهو ما اكد عليه الرئيس السوري بشار الاسد، في احدى مقابلاته.

لنعود الى المؤتمر الروسي، وعندما نشاهد اسماء التيارات والاحزاب التي وجهت لها الدعوة نرى ان موسكو ركزت على المجتمع المدني والسياسي في سوريا بشكل كبير، ولكن هل هذا المجتمع هو من يتحكم في مسار الحرب المفروض على البلاد؟ فمثلا هل يستطيع ائتلاف قوى التغيير السلمي ام حزب الشباب الوطني السوري ام مجلس الحكماء، من اقناع “جيش الاسلام” عدم قصف دمشق والعودة لطاولة الحوار والموافقة على ما يتم التوافق حوله؟ او هل يستطيع تيار قمح او الجبهة الشعبية للتحرير والتغيير، من اقناع الجماعات المسلحة المنتشرة في الجنوب السوري الانسحاب وتسليم معبر نصيب مع الاردن للدولة السورية؟

واذا ما عقد المؤتمر ما هي المخرجات التي سيصدرها؟ تعديل الدستور او اجراء انتخابات برلمانية ومن ثم رئاسية مثلا؟ هذه الامور وافقت عليها الدولة السورية بدون مؤتمرات ولم تعلن معارضتها لأي خطوة باتجاه الحل السياسي.

 المؤتمر دعي لحضوره الاقليات الدينية والاسلامية حسب التصريح الروسي، وعندما نشاهد من تمت دعوته نجد ان جميعهم او النسبة الاكبر منهم يقفون الى جانب الدولة السورية، لانهم وجدوا في الملجأ والحضن الامن الذي هربوا اليه خوفا من سكاكين الارهابيين او من يسميهم الغرب بالمعارضة المعتدلة مثل “الجيش الحر” و”جيش الاسلام” و”فيلق الرحمن” وغيرها من الجماعات، اذا لماذا تتم دعوتهم وهم اساسا الى جانب الدولة وليسوا في الجانب الاخر.

مثل هذا المؤتمر اذا اريد له فعلا ان ينجح فلا يحتاج الى هذا الكم الهائل من الاحزاب والتيارات الذي يقدر عدد الاشخاص المدعوين له بين الـ1000 و الـ1300 شخص، ولكن يحتاج المؤتمر لدعوة اللاعبين الرئيسين على الساحة السورية، ونطلب من ممثلين عن “جيش الاسلام” و”فيلق الشام” وحتى “احرار الشام” المشاركة في هكذا مؤتمرات من اجل احداث خرق في صفوف “النصرة”، وهنا نستطيع القول عن مؤتمر ناجح وسيساهم في حل الازمة وايقاف الحرب، لان مؤتمرات الحوار الوطني لاتناقش فقط القضايا السياسية، بل تناقش القضايا العسكرية والانسانية مثل المناطق المحاصرة امثال كفريا والفوعة، وقضية المخطوفين والاسرى والمعتقلين، وقضية اللاجئين.

لبنان عندما اريد لحربه الاهلية ان تنتهي جلست قيادات من القوات والكتائب وجها الى وجه مع قيادات من حركة امل وحزب الله والحزب الشيوعي وغيرها من التيارات والاحزاب، وبحثوا النقاط والخلافات بينهم، وانتهت بعدها الحرب، اذا الحرب السورية تحتاج لمؤتمر مماثل تجلس عليه قيادات اللاعبين الاساسين في الساحة لكي يحسم الوضع، وغير ذلك لايكون له اثر على الارض السورية طالما ان الساحة السورية محكومة بصراع الارادات وطالما ان المتصارعين يتحركون وفق رؤى متناقضة مما يتوجب على الجميع تحكيم مصلحة الوطن ومصلحة الشعب لتعود سوريا الى سابق عهدها كونها دولة الامن والامان والاستقرار.

ابراهيم شير _  كاتب واعلامي سوري 

f

كلمات دليلية :