الصوفية والوهابية... صراع أكبر من سيناء !

الصوفية والوهابية... صراع أكبر من سيناء !
السبت ٢٥ نوفمبر ٢٠١٧ - ٠٧:٣٤ بتوقيت غرينتش

تفجير مسجد بئر العبد في العريش بسيناء شمالي مصر، اعاد للاذهان الصراع بين ابناء المدارس المختلفة في المذهب السني، فالتفجير قامت به جماعة داعش الارهابية، والتي تتخذ من الوهابية عقيدة وفكرا وتنظيرا وتشريعا .

العالم - مقالات و تحليلات

وتعتبر الوهابية الإمتداد والوريث الشرعي للمذهب الحنبلي، اما الصوفية في فرع من فروع الاشاعرة، الصوفيون هم مؤمنون ينبذون العنف والارهاب والتطرف وهم من المحبين لآل البيت (( عليهم السلام ))  وهو ما يجعلهم على صدام مباشر مع الحركات المتطرفة، وعلى مدار التاريخ ينظر إلى الصوفي على أنه الشخص المتدين الذي يتطلع لأن يكون قريبا من الله. وتنتشر الصوفية بشكل كبير في السودان ومصر وسيناء وغالبية الشعب المصري من الصوفيين وذلك بحكم التقارب الواضح بين المذهب الشافعي والافكار الصوفية.

بين الصوفية والوهابية يوجد خلاف عقائدي وجوهري مهم، حيث ان الصوفيين يؤكدون على ضرورة تعلم المعرفة الإسلامية من المعلمين والتفكر بها وليس من الكتب والنقل الحرفي الظاهري فقط كما تعتقد الوهابية. وهو ما جعلهم على صدام مباشر معها وكثر هم علماء المذهب الوهابي او المنظرين له قبل ان يبدأ من ابناء المدرسة الحنبلية مثل ابن تيمية وابن قيم الجوزية وابن كثير، ومن ثم محمد بن عبد الوهاب مؤسس الوهابية وابن عثيمين والمفتي السعودي السابق عبد العزيز بن باز، والمفتي الحالي عبد العزيز ال الشيخ.

الخلاف بين الوهابية والصوفية بلغ اشده قبل اكثر من ثلاث قرون اي عند تأسيس الدولة السعودية الاولى في عام 1744 بقيادة محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب، واخذت بالتوسع في الجزيرة العربية، وخلال توسعها قامت بمجازر مروعة بحق ابناء الطرق الصوفية التي كانت منتشرة في تلك المنطقة، وكان يسموهم بالكفار ويسبون النساء وياخذون الاموال كغنائم وذلك بحسب كتاب تلك المرحلة مثل عبد الرحمن بن حسن برهان الدين الجبرتي. وبعد نحو اربع وسبعين عاما قامت الدولة العثمانية والتي تتخذ من الفكر الاشاعري الصوفي مذهبا للدولة قامت بحملة ضد الوهابية في الجزيرة العربية بقيادة محمد علي باشا وابنه إبراهيم باشا، وقاموا بالقضاء عليها وتدمير عاصمتها الدرعية، ومن هنا بدأت الصراعات بين ابناء المدرستين. والصوفيون دورا في رسم التاريخ والفكر الإسلامي وساهموا في نشر الإسلام بالمناطق البعيدة وخاصة في افريقيا والهند والشرق الأقصى.

هذه الامور جعلت اتباع الطريقة الصوفية على رأس اهداف الوهابية، في الوقت الحالي، وخلال السنوات العشر الاخيرة باتت تجمعات الصوفية عرضة للهجمات الارهابية بشكل مركز، وخاصة في باكستان واندونيسيا والعراق وافغانستان، وذلك بفعل انتشار الفكر الوهابي والجماعات التي تتخذ من الوهابية عقيدة وفكرا وتنظيرا وتشريعا وفي مقدمتها "داعش والقاعدة وانصار بيت المقدس"الارهابية . وقامت الجماعات الارهابية في التاسع عشر من تشرين الثاني - نوفمبر من العام الماضي بخطف أحد كبار مشايخ الطرق الصوفية وهو سليمان أبو حراز البالغ من العمر ثمانية وتسعين عاما وقتله. واخر الاحداث تفجير مسجد بئر السبع في سيناء.

الملفت بعد الهجوم هي تصريح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بأن مصر تواجه الارهاب منفردة نيابة عن العالم، وكأن سوريا والعراق يواجهون كائنات فضائية وليس نفس الارهاب ولكن ليس الان، بل من قبل سبع سنوات، حيث ان الوهابية دمرت الاضرحة والمقامات الدينية السنية والشيعية والعلوية واماكن والكنائس المسيحية في كلتا البلدين، وفتك الارهاب في البلدين فتكا، في وقت نأت معظم الدول العربية عن نفسها في نصرة الشعب السوري، ولكن لم تنأ في ارسال ارهابيها الى البلدين.

احداث مصر تؤكد مرة اخرى ان الجماعات الارهابية تستهدف المسلمين ككل "سنة وشيعة" ولا تستثني احدا، وتعمل على طريقة (( من ليس معنا فهو علينا )) ، ما يجعل الاسلام في خطر دائم من قبل الارهابيين.

ابراهيم شير
كاتب واعلامي سوري