من سجنه.. نبيل رجب: استرضاء ترامب للبحرين له عواقب مميتة

من سجنه.. نبيل رجب: استرضاء ترامب للبحرين له عواقب مميتة
الثلاثاء ١٢ ديسمبر ٢٠١٧ - ٠٤:٠٧ بتوقيت غرينتش

نشرت صحيفة الواشنطن بوست ما قالت إنه رسالة مسربة من سجن الحقوقي البحريني البارز نبيل رجب تحت عنوان: "رسالة من السجن: استرضاء ترامب للبحرين له عواقب مميتة"، وفيما يلي نص الرسالة:

العالم ـ البحرين

أكتب هذه من السجن. سجنتني حكومة البحرين، بلدي، لانتقادي تورطها في الحرب الوحشية الدامية على اليمن. وأواجه عقوبة السجن لمدة تصل 15 عاما على هذه التهمة، بالإضافة إلى الحكم بالسجن لمدة سنتين أقضيها في قضية منفصلة.

هذا الأسبوع، تعقد الحكومة البحرينية منتدى دولي يسمى حوار المنامة، وهو عبارة عن تمرين للعلاقات العامة تهدف جزئيا إلى تبييض سجلها الكئيب في مجال حقوق الإنسان. ولكن لا تتوقعوا أي انتقادات من واشنطن. قبل أسبوعين، شاهدت من زنزانتي الرئيس ترامب وهو يعلن بسعادة عن بيع أسلحة بقيمة 9 مليارات دولار إلى البحرين، بما في ذلك استكمال شراء طائرات أمريكية من طراز F-16. في الوقت الذي تواجه فيه البحرين تحديات اقتصادية خطيرة ويرجع ذلك جزئيا إلى تراجع أسعار النفط، تأتي هذه الصفقة بمثابة راحة كبيرة لمنتهكي حقوق الإنسان. إنها إشارة سياسية من واشنطن بأن النظام البحريني يمكن أن يستمر في ارتكاب الفظائع في الداخل والخارج ويبقى يتلقى دعما أمريكيا. في ظل عهد الرئيس باراك أوباما، تم بيع طائرات F-16 الأمريكية إلى الحكومة البحرينية مشروطا بتحسين سجل النظام في مجال حقوق الإنسان. الآن، تعرف الحكومة البحرينية أنها تستطيع أن تفعل ما تريد من دون عقاب. وسوف تستمر في الحصول على دعم الولايات المتحدة مهما أصبحت يديها دموية.

في مايو/ أيار، قرأت بيان ترامب لملك البحرين خلال زيارته للرياض، والتي تضمنت عبارة "لن يكون هناك توتر مع هذه الإدارة". لم يكن من قبيل المصادفة أنه بعد أيام، استخدمت الشرطة البحرينية القوة الأكثر دموية التي شهدناها منذ عقود، مما أدى إلى مقتل خمسة متظاهرين. وكان ذلك جزءا من نمط أكبر. وعلى مدى العام الماضي، أعدم أعضاء من المعارضة، وتم سحق المجتمع المدني وتهميش حقوق الإنسان لدينا تماما. وقد كثف النظام أعماله الانتقامية ضد نشطاء حقوق الإنسان. وقد سجنت الحكومة البحرينية أفراد أسرة صديقي وزميلي سيد أحمد الوداعي، الذي هو أبعد من متناولهم في المملكة المتحدة.

إن الحكم بالسجن لمدة عامين الذي أقضيه مرتبط بتهمة "نشر أخبار مزورة". وذلك لأنني قلت للصحافة بصدق إن الصحفيين ومنظمات حقوق الإنسان لا يمكنهم دخول البحرين، الحليف الرئيسي للولايات المتحدة والمشارك في القصف والحصار الكارثي الذي تفرضه المملكة العربية السعودية على اليمن. هذه الحرب، التي تسببت في معاناة وموت لا توصف، قد تأججت بدعم إدارة ترامب غير المشروط لكل من المملكة العربية السعودية والبحرين. كما تقوم الولايات المتحدة بتزويد الحكومتين بالأسلحة لتنفيذ هذا الصراع المفرط.

كثير من الناس في منطقتي يكرهون السياسة الخارجية الأمريكية، لأنهم يرون واشنطن الداعم الرئيسي للنظم الديكتاتورية التي تقمع شعبهم. لقد أعجبتني بشدة قيم العدالة والحرية والمساواة التي تقع في قلب الديمقراطية الأمريكية خلال زياراتي إلى الولايات المتحدة. ولكن هناك غياب تام لتلك القيم عندما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة. إذا كان ترامب يريد “جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى"، يمكنه أن يفعل ذلك بتوجيه سياساته تجاه العالم على نفس القيم الديمقراطية والإنسانية التي أسست عليها الولايات المتحدة.

ويجب على الولايات المتحدة أن تأخذ وجهة النظر الطويلة بدلا من التركيز على المكاسب القصيرة الأجل. ومن مصلحة الولايات المتحدة – وجميع الناس في كل مكان – أن نحصل على حكومات ديمقراطية مستقرة متأصلة في العدالة واحترام الكرامة الإنسانية. وهذا ينطبق على دول الخليج {الفارسي} بقدر ما ينطبق في أي مكان آخر.

في مايو/ أيار، رأيت ترامب يرقص ويلوح سيفه في المملكة السعودية، والتي تستخدم السيوف أيضا لقطع رؤوس الناس الذين يطالبون بالديمقراطية، وحيث قادتهم يقومون بإهانة النساء ويعتقدون بأنهن لا يتمتعن بنفس الحقوق التي يتمتع بها الرجال. ومن الواضح أن زيارة ترامب للمملكة العربية السعودية كانت مقدمة للصفقات التجارية التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات والتي تعرض الآن الكثير من الأرواح للخطر في منطقتي.

أعلم أنني اجازف بسنوات اكثر في السجن لكتابة هذا. قبل ثلاث سنوات، حكمت بالسجن لمدة ستة أشهر لتغريد انتقادات للبحرين لتجاهل صعود الدولة الإسلامية والتطرف المتصل بها. إذا رجع الامر لحكومة البحرين ، قد لا يتم إطلاق سراحي أبدا. منذ اللحظة التي دخلت فيها سجن جو الشهر الماضي، كنت معزولا تماما، ومنعت من رؤية الزوار وفصلت عن بقية السجناء. إنني أصنف على أنني “تهديد" للسجناء، ومن أجل ذلك يتم ابقائي في جناح منفصل من المبنى مخصص للمتطرفين الداعمين للدولة الإسلامية. وآمل أن تكون هذه صدفة، ولكني أخشى ألا تكون كذلك.

خطر التحدث جهرا كبير. ولكن عندما أفكر في المجاعة في اليمن التي تسببت بها البحرين والمملكة العربية السعودية، والآلاف من الذين لقوا حتفهم، وسجن الكثيرين الذين تجرأوا على الكلام – وكل هذا مع دعم ترامب الظاهر – أعلم أنه مجازفة يستحق القيام به. صحيح أنني أواجه احتمال البقاء عقد ونصف إضافي في السجن لأنني اخترت أن اتخذ موقف. ومع ذلك فإن معاناتي ليست شيئا مقارنة بما يمر به الأطفال اليمنيون كل يوم وهم يواجهون القصف والتجويع والخوف. وما زلت أقف مع المدنيين والأطفال في اليمن، وأدعو السعوديين والبحرينيين إلى إنهاء الحرب فورا.

إن منا من يرفع المرآة امام الطغيان لن يتم اسكاتهم.

104-4