دمشق إلى «مكافحة الإرهاب» أولاً..

"جنيف 8": المُعارضة "تنسى" الأسد تحت الضغط

الأربعاء ١٣ ديسمبر ٢٠١٧ - ٠٥:٤٩ بتوقيت غرينتش

على رغم خروج بيان من الوفد المعارض في جنيف، يلتزم القرارات الأممية ويهمل الحديث عن «مصير الرئيس السوري»، بقي الوفد الحكومي سلبياً تجاه فكرة المحادثات المباشرة، مذكّراً في لقاءاته مع المبعوث الأممي، بالتهديد الذي يشكله تنظيم «القاعدة» في عدد من مناطق سوريا.

العالم - مقالات وتحليلات

تقترب الجولة الحالية من محادثات جنيف من أيامها الأخيرة، من دون أن تنجح في تحقيق أي تقدم على صعيد تفاصيل «سلّتي» الدستور والانتخابات، أو ورقة المبادئ الاثني عشر. الجولة التي خطط لها أن تشهد أول محادثات مباشرة في جنيف، بقيت من دون نقاشات جدية يبنى عليها لاحقاً، بعدما أصرّت دمشق على موقفها السلبي، المبني على رفض بيان اجتماع «الرياض 2» المعارض.

وبرغم لقاء الوفدين، الحكومي والمعارض، أمس، مع المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، فإن فحوى كلا اللقائين لم يخرج عن التفاصيل العامة لقضيتي الدستور والانتخابات، فيما نشرت وسائل إعلام سورية تسجيلاً يظهر رئيس الوفد الحكومي بشار الجعفري، وهو يشرح لفريق المبعوث الأممي على خارطة تبيّن توزع السيطرة في سوريا، مواقع «تواجد تنظيم القاعدة» و«التهديد» الذي يشكله ذلك على سوريا، برغم هزيمة «داعش».

وفيما تركّز انتقاد الوفد الحكومي، خلال المرحلة الأولى للجولة الجارية، على بيان المعارضة «المفخخ» بالشروط المسبقة، وعلى آلية طرح دي ميستورا لورقته ذات المبادئ الاثني عشر، يبدو أن دمشق ستعود إلى الحديث عن أولوية «مكافحة الإرهاب» كشرط رئيس لنجاح «التسوية السياسية». ويتقاطع هذا التوجه مع ما يجري في الميدان، على أطراف منطقة «تخفيف التصعيد» في إدلب ومحيطها، والمتفق عليها ضمن محادثات أستانا.

أنقرة: لا نرى في الجيش السوري تهديداً في الوقت الحالي

إذ ينفّذ الجيش وحلفاؤه عملية عسكرية واسعة تمتد من ريف حماه الشمالي الشرقي، وصولاً إلى محيط جبل الحص في ريف حلب الجنوبي، ضد عدد من الفصائل المسلحة، أبرزها «هيئة تحرير الشام». ويعكس هذا التحرك رفضاً من دمشق للطريقة التركية في إدارة «مراقبة تخفيف التصعيد» عبر التعاون مع «هيئة تحرير الشام»، على رغم توقيع أنقرة على وثيقة تقضي بمحاربة «جبهة النصرة»، النواة الأهم في «الهيئة». وألمح الرئيس السوري بشار الأسد، خلال لقائه نظيره الروسي فلاديمير بوتين، في قاعدة حميميم الجوية أول من أمس، إلى ضرورة الاستمرار في التركيز على الإرهاب، بالقول إن حكومته مستعدة «للتباحث في المرحلة الثانية من مكافحة الإرهاب، وفي الوقت نفسه العملية السياسية».

وبدا من حضور الوفد الحكومي إلى جنيف ــــ ولو متأخراً ــــ أن رهانه على التقدم في تلك المحادثات، أصبح في أدنى مستوياته، بخاصة مع وجود مسار «مؤتمر سوتشي»، الذي سيركز على قضيتي الدستور والانتخابات بدوره. ويمكن الاستدلال على ذلك، عبر مقارنة الفرق بين التفاعل الحكومي مع مخرجات محادثات أستانا التي رعتها روسيا وإيران وتركيا ــ كما تلك المرتقبة في سوتشي ــ ومدى انخراطه في نقاشات جنيف.

ويمكن القول إن حضور الوفد الحكومي للمرحلة الثانية من الجولة الجارية، جاء استجابة للحراك الروسي الناشط في كواليس جنيف، خصوصاً مع الولايات المتحدة. وأتى بالتوازي مع تكرّس الضغوط الغربية من البلدان الداعمة للمعارضة، بـ«تجميد مطلب رحيل الأسد» للحفاظ على مسار التسوية الذي تشرف عليه الأمم المتحدة.

واتضحت مفاعيل تلك الضغوط في تفاصيل البيان الذي خرج أمس عن «هيئة التفاوض العليا»، والذي لم يتضمن أي إشارة إلى مصير الرئيس السوري، في حين أكد على «تطبيق القرار 2254 بحذافيره ومن دون أية شروط مسبقة»، وعلى الاستعداد للخوض في محادثات مباشرة. وبرغم اللغة المخففة لبيان المعارضة، من غير المحتمل أن ينخرط الوفد الحكومي في محادثات مباشرة في هذه الجولة، خصوصاً أنه أعلن مسبقاً أنه قد يغادر جنيف في الخامس عشر من الشهر الجاري.

وفي سياق متصل، وفي معرض رده على سؤال بشأن ما أشيع عن وجود ضغط من المبعوث الأممي على وفد المعارضة ومطالبته لهم بالتحلي بالواقعية، قال المتحدث باسم الوفد المعارض يحيى العريضي: «نحن بمنتهى الواقعية السياسية... وأعتقد أن المهمة الأساسية للمبعوث الأممي الذي عهدت إليه، هي تطبيق القرارات الدولية، وأي أمر آخر لا صحة له».

وحول وجود مسارات أخرى في حال «فشل مسار جنيف»، قال العريضي إن «روسيا موقعة على القرارات الأممية، وأعتقد أن (الرئيس الروسي) بوتين حريص على نجاح المهمة هنا، وموضوع الحوار الوطني هو جزء من القرار الدولي، ولكن لا يجب الابتعاد عن الأهم، وهو السلات الأربع».

ومجدداً، وبالتوازي مع بدء عدد بسيط من القطع العسكرية الروسية العاملة في سوريا بالتحرك نحو بلادها، عاد المسؤولون الأتراك ووسائل الإعلام التركية، تتحدث عن احتمال إطلاق عملية عسكرية في منطقة عفرين. التصريح الأبرز جاء على لسان وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، الذي قال إن «تهديدات لتركيا تأتي من عفرين، وقد ندخل تلك المنطقة من دون تحذير»، مضيفاً أنه «في حال نفذنا العملية هناك، فإننا سنتفق على جميع جوانبها مع حلفائنا، بما فيهم روسيا».

ولفت إلى أن بلاده لا ترى في الجيش السوري «تهديداً في الوقت الحالي»، موضحاً أنها ستكون مستعدة «لقتال نظام بشار الأسد» في حال تغيّر هذا الوضع. وأكد أن «التهديد الكبير هو من الأكراد». ورأى أن خلق انطباع بأن روسيا تنسحب من سوريا «غير واقعي»، مضيفاً أنها سبق أن «سحبت جنوداً من هناك، لكن مع احتدام الاشتباكات أرسلت جنوداً بأعداد أكبر لاحقاً». وفي ما يخص موقف تركيا من الرئيس السوري، شدد جاويش أوغلو على أن «من المهم في هذه النقطة، توصل النظام ومجموعات المعارضة إلى وفاق حول الحكومة الانتقالية... ونعتقد أن الأسد لن يتمكن من توحيد سوريا حتى لو تشكلت حكومة انتقالية، بل على العكس سيفتتها».

(الأخبار)

2-4

نص بيان «هيئة التفاوض العليا» الصادر أمس:

«ينطلق موقف وفد هيئة التفاوض في حواره مع الوفد الذي يمثل النظام في جنيف من إنهاء الكارثة الإنسانية وتأمين البيئة الآمنة والمحايدة التي تسمح بعودة السوريين إلى بلدهم عودة كريمة، والوصول إلى التغيير الجذري الديمقراطي الشامل والعميق. ولا يغيب عنا إطلاقاً أن كل العمليات التفاوضية تقوم على مبدأ التوافق، ولكننا كثوريين أولاً، قبل أن نكون سياسيين، نناضل لكي تكون كلمة الشعب السوري هي العليا وأن تعود السلطة له، وذلك عبر تطبيق القرار 2254 بحذافيره ودون أيّ شروط مسبقة. وسنعمل كل ما يلزم لتحقيق ذلك.
وعليه، فإننا نرى أنّ الأسبوع المتبقي من جولة جنيف الحالية هو فرصة جدية لبدء المفاوضات المباشرة، وندعو النظام إلى الانخراط الجدي فيها.
ونتعهد لشعبنا السوري بأننا سنبذل قصارى جهدنا لتحقيق أهدافه ومطالبه ومصالحه، عبر تأمين كافة الظروف التي تسمح له بإطلاق صوته الحر وتقرير مصيره ومصير بلده بنفسه ودون أي تدخلات خارجية من أي نوع كان».