ما قصة التكويعة الفرنسية باتجاه بشار الأسد؟

ما قصة التكويعة الفرنسية باتجاه بشار الأسد؟
الثلاثاء ١٩ ديسمبر ٢٠١٧ - ٠٦:٠٣ بتوقيت غرينتش

بعد فشل جولة محادثات جنيف الثامنة التي أصرّ فيها الوفد الحكومي السوري على بند مكافحة الإرهاب، أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن أمل بلاده في الحديث إلى الرئيس السوري بشار الأسد، في محاولة فرنسية لجمع الأطراف السورية مجدداً كانت بداية كواليسها في جولة جنيف الأخيرة.

العالم - سوريا

مصدرٌ سياسي سوري شرح لموقع "العهد" الإخباري بشكل مفصل خلفيات تصريح الرئيس الفرنسي والأسباب التي أفضت إليه على الساحتين الميدانية والسياسية في سوريا، فقال إنّ "ماكرون يتبنى البراغماتية التي تفرض نفسها على واقع السياسة، فالرئيس بشار الأسد قد ثبّت موقعه في الشرق الأوسط بشكل عام كرقم صعب في معادلة لا يمكن تجاهلها تتعلق بالحلول على الساحة السورية وعلى ساحة الشرق الأوسط ككل".

واعتبر المصدر السوري أنّ "ماكرون يحاول حجز دورٍ لبلاده في إطار التركيبة القادمة في المنطقة والمنظومتين الأمنية والاقتصادية المقبلتين خاصةً أن سوريا تتمتع بموقع هام جداً يمثل مصلحة اقتصادية هامة لفرنسا فهي عقدة مواصلات ومعبر لا بد منه لطرق النقل ما بين بلدان الخليج الفارسي وأوروبا بشكل عام"، كما أن هناك أموراً كثيرة أخرى يحاول الطرف الفرنسي أن يضمنها من خلال التحوّل في موقفه هذا من الأزمة السورية، فكما هو معروف بات انتشار الظاهرة الإرهابية في الشرق الأوسط وخاصة تنظيم "داعش" يتهدّد الداخل الأوروبي هذه الفترة أكثر من أي وقت مضى، والفرنسيون أنفسهم تحدثوا عن وجود العشرات، بل المئات من المقاتلين السابقين في صفوف هذا التنظيم ينزحون إلى أوروبا وفرنسا بالتحديد لينفذوا عمليات إرهابية، ولنرجع إلى ما نُشر في كتاب "دروب دمشق" ومفاده أن المساهمة في نشر الفوضى بالساحة السورية والاعتماد على "تنظيمات متطرفة" سيؤثر لاحقاً على الداخل الفرنسي وسيعمم ظاهرة الإرهاب على الساحة الأوروبية، وعلى الرغم من ذلك فقد ذهب (الرئيس الفرنسي السابق نيكولا) ساركوزي إلى تجاوز هذا المعطى خدمةً لترتيب دولي كان المقصود منه ضرب محور المقاومة، وهذا الموضوع الآن قد انتهى".

ورأى المصدر السوري أن "ثمّة أمراً واقعاً جديداً الآن على الجميع أن يتأقلموا معه، أبرز مؤشراته هو الاقتراب من القضاء على "داعش" واستعادة الجيش السوري لأغلب مساحات أراضي سوريا يسمح لسوريا بأداء دورها الطبيعي على ساحة الشرق الأوسط، في ظل التحالف الاستراتيجي الذي يترسخ ويتوسع ما بين دول محور المقاومة والذي يضم الصين إلى جانب روسيا، هذه المعطيات كلها تدفع الطرف الفرنسي الى أن يغير سياسته رويداً رويداً، نظراً لأن الخطاب الخطير السابق الذي انتهجوه لاقناع الرأي العام الأوروبي على مدى سنوات يحتاج القليل من الوقت للنزول عنه".

ومن اللافت حسب المصدر السياسي أنّه هناك تحولاً تقرأ فيه فرنسا ودول أوروبية أخرى موقفاً أميركياً مرتبكاً ومتردداً واستراتيجية أميركية شبه غائبة عن ساحة الشرق الأوسط وعن المعادلة السورية مقابل تعاظم كبير للدور الروسي في سوريا ومصر وليبيا ودول الخليج الفارسي يتوسع ويترسخ بوجود عسكري استراتيجي في سوريا يُعظّم من دور محور المقاومة بحيث لم يعُد من الممكن المراهنة على محاولة تفتيته أو تجاوز دوره الرئيسي في المنطقة، كل هذه المعطيات تدفع بكل تأكيد فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية لحسبة عقلانية على الساحة تبدأ بمسار تحولات تأخذ في عين الاعتبار أن الرئيس الأسد هو جزء لا يمكن التخلي عنه من معادلة لا يمكن تجاوزها وهو معطى أساسي في المشهد القادم للشرق الأوسط يؤكد أن الحديث والمقاربات يجب أن تعتمد على التواصل مع القيادة السورية بعد محاولات عزلها التي فشلت على مدار سنوات فائتة.

وأشار المصدر السوري إلى أنّ "الجهد الفرنسي الذي بدأ في أروقة جنيف يهدف لإنشاء مجموعة اتصال جديدة حول سوريا، وتتبنى المقاربة الفرنسية التي يمكن أن تُطرح كما تحدث ماكرون اعتباراً من شباط المقبل بأنّ الفرنسيين يريدون وفقاً للمصدر السياسي ذاته أن يتبنوا شبكة اتصالات أوروبية على الأقل وربما أوروبية شرق أوسطية لمحاولة إيجاد ديناميكية في سياستهم على ساحة الشرق الأوسط، وقد حاولت السياسة الخارجية الفرنسية فيما مضى إيجاد ما أُطلق عليه الشراكة الأوروبية المتوسطية كذراع للسياسة الفرنسية في المنطقة وتراجعت أثناء موجة ما يسمى بـ"الربيع العربي" ولكنهم أدركوا اليوم بشكل جيد أن المعطيات قد تغيرت بشكل كامل والدول التي رعت ودفعت موضوع "الربيع العربي" سواء ببعده "الشعبوي" أم "الإرهابي" إن كانت قطر أم السعودية قد باتت مشغولة بمشاكلها الداخلية، وبالتالي لم تجد السياسة الأوروبية إلّا أن تنتج سياقاً خاصاً بها يراعي مصالحها ولا يكون تحت وصاية الطرف الأميركي المرتبك أو الخليجي الغارق في أزماته العديدة هو الآخر".

المصدر: أوقات الشام نقلا عن العهد

216