دلالات الفراق مع “قسد” وتجنب الصدام مع الجيش السوري في أيامه الأخيرة

دلالات الفراق مع “قسد” وتجنب الصدام مع الجيش السوري في أيامه الأخيرة
الأحد ٢٤ ديسمبر ٢٠١٧ - ٠٧:٥١ بتوقيت غرينتش

صدرت عن دمشق في الأيام الأخيرة تصريحات سياسية تتعلق بملف الأكراد الانفصاليين. وقال الرئيس السوري بشار الأسد خلال تصريح صحفي لوسائل إعلام، حول من يعمل تحت غطاء الأمريكيين شمال وشرق سوريا، “إن من يحمل السلاح داخل بلده لصالح بلد آخر وضد جيشه وشعبه هو خائن”.

العالم - مقالات وتحليلات

وعقب تصريح الأسد، جاء تصريح نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد بعد يومين لقناة “العالم” الاخبارية قال فيه إن قوات سوريا الديمقراطية المشكلة من الأكراد هي “داعش” آخر في سوريا.

وأشار المقداد خلال حديثه إلى أن الأمريكيين يحاولون دعم إرادة “قسد” ضد الشعب السوري، و مبينا أن من يعمل على تفتيت الدولة السورية ويضع شروطا على إعادة دمج المناطق السورية ببعضها ليس بسوري ولا يمكن الوثوق به.

ودعا المقداد إياهم إلى التراجع إلى الوراء وأن يكونوا جزءا من الجمهورية العربية السورية كي لا يكون مصيرهم كمصير تنظيم “داعش” الإرهابي وغيره من التنظيمات المسلحة.

وتركت كل هذه التصريحات وهذه اللهجة الجديدة من دمشق تجاه “قوات سوريا الديموقراطية” أسئلة عن احتمالات المرحلة القادمة بكافة أشكالها لمناطق سيطرة “قسد” شرق وشمال سوريا.

وفي لقاء خاص مع “سبوتنيك” يوضح الكاتب الصحفي والمحلل السياسي كامل صقر أبعاد تصريحات المسؤولين السوريين وانعكاسها على الأروقة السياسية والميدانية.

وقال: اللهجة التي سمعت من دمشق إن كانت تصريحات الرئيس الأسد أم نائب وزير الخارجية السوري تجاه “قسد” تبدو لهجة تحذيرية ولا سيما أن فيصل المقداد قد دعاها إلى التراجع، وأن تكون جزءا من الجمهورية العربية السورية كي لا يكون مصيرها كمصير “داعش”.

وأشار إلى أن هذه تعتبر إعلان لمرحلة عسكرية جديدة شرق سوريا، لافتا إلى أن هذه التصريحات تحمل دلالة الفرقة الأخيرة مع “قسد” بخصوص سيطرتها على أجزاء واسعة من الشمال والشرق السوريين، وأن مرحلة تجنب الاشتباك والاصطدام بين الجيش السوري وقوات سوريا الديمقراطية قد انتهت أو ربما دخلت أيامها الأخيرة، كما أنها توحي بموقف حازمٍ جدا من الرئيس الأسد ربما دخل مرحلة القرار وحين يصف الأسد قوات “قسد” بالخونة هو تطور مهم جدا ومن بعده فيصل المقداد فيجب التوقف عند كلامهما الواضح والذي لا يحتاج إلى تفسير لكن المطلوب توضيح معنى هذا الكلام على الميدان والسياسة و المؤكد أن المسألة تجاوزت مرحلة تجنب الاشتباك إلى المواجهة.

وتابع صقر حديثه قائلا أنه “بالمعطى السياسي هناك توافق إقليمي على عدم السماح لجزء من الأكراد السوريين بإقامة دولة انفصالية ومنع الجناح العسكري لهذا الجزء المتمثل بقوات سوريا الديمقراطية من التفكير بانفصال تتعدى حدوده الجزء الذي كان يفكر فيه الانفصاليون قبل اندلاع الأزمة السورية، بمعنى أن الحلم الانفصالي عند هذا الجزء قد تمت المبالغة فيه على وقع التطورات الميدانية ومنسوب الدعم الأمريكي واستغلال مرحلة الاشتباك مع مئات التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها “داعش” وما يسمى بـ”الجيش الحر”.

وأضاف الكاتب صقر: التوافق الإقليمي هو توافق سوري إيراني تركي عراقي، والذي وضع تركيا في هذه المعادلة بنفس الموقع الذي لعبته في المعادلة الإقليمية التي واجهت مشروع مسعود البرزاني الانفصالي عن العراق، كما أن المعادلة المتفق عليها في سوريا من قبل الدول المذكورة أتت بعد أمرين، أولهما تجاوز الخطوط على المستوى الميداني في مراحل معينة من خلال التمدد في الشمال والشرق السوريين نحو حقول الطاقة الاستراتيجية بالنسبة للدولة السورية والثاني هو التنسيق الحاصل و تبادل الأدوار بين تنظيم “داعش” وقوات سوريا الديموقراطية، حيث لا لبسَ في هذه المسألة أو أي اتهام حسب تأكيد صقر.

وقال: بل هي حقائق موثّقة وواضحة حصلت في حقل العمر النفطي وحقل كونيكو للغاز وعدد من مناطق شرق الفرات و قرى وبلدات عديدة دخلتها “قسد” بالاتفاق مع تنظيم “داعش”.

وأشار صقر إلى أن المعادلة الآن تؤكد أن الجيش السوري قد فرغ من حربه على التنظيمات الإرهابية بنسبة تسعين بالمئة في مختلف أرجاء الجغرافية السورية ومن المنطقي وفق الأولويات الميدانية والسياسية أن يتحرك بعمل عسكري لاستعادة ما تمت السيطرة عليه من قبل قوات سوريا الديموقراطية.

وأضاف أن الجيش السوري سيتجه بداية لاستعادة مدينة الرقة التي دخلتها قسد في لحظات حرجة بالنسبة للحكومة السورية على مستوى المعركة التي تخوضها ضد التنظيمات الإرهابية بمعنى أن المسألة حينها كانت مسألة أولويات ميدانية استراتيجية بالنسبة للجيش السوري حيث كان فك حصار مدينة دير الزور التي يحاصرها “داعش” أكثر أهمية على مستوى المعارك من الناحيتين الميدانية والجغرافية في سوريا.

ولفت صقر إلى أن هناك تمايز بموقف الأكراد في الشمال والشرق السوريين سواء من الحكومة السورية أم من القيادة الروسية التي نشرت قوات لها في بلدة تل رفعت بريف حلب الشمالي الشرقي، و قصد تحديدا أكراد مدينة عفرين المحاذية لتل رفعت، أي أن أكراد عفرين لا يؤيدون الانفصال عن الحكومة السورية بل يريدون العيش في كنفها لكن من يسيطر على الموقفين الميداني والسياسي هناك هم قوات “قسد” وقيادات من حزب مسعود البرزاني الذي يريد الانفصال، ومؤكدا أن النظرة إليهم ستكون مختلفة تماما عن مسألة الانفصاليين.

وبالتالي فإن الموقف الحكومي السوري الذي يتعاطى مع المكون الكردي هناك مختلف عن الموقف الذي تتعاطاه مع قوات سوريا الديموقراطية، أما عن الموقف الروسي مع الأكراد عموما فهو مبني على تكتيك اللحظة وفقا لحديث صقر، بمعنى أنه لم يكن هناك وعد من قبل روسيا الاتحادية للأكراد بالتعاطي مع طموحهم الانفصالي، كما هو ذاته بالنسبة للحكومة السورية في الشأن الميداني حيث دعمت الفصائل الكردية حين انخرطت بالحرب ضد الإرهاب وقبل تطور الأوضاع الميدانية إلى ما هي عليه الآن، و ما تفعله “قسد” اليوم هو استغلال للمرحلة الراهنة لتحقيق الانفصال، لكن الأرضية الميدانية والسياسية شبه جاهزة لإطلاق الجيش السوري عملا عسكريا لاستعادة الأراضي الخارجة عن سيطرته.

وهذا ما يفسر التصريحات الخارجة عن القيادة السورية التي تمهد عبر ذلك لمرحلة جديدة على مستوى معادلة الاشتباك، ويرجح صقر خلال حديثه أن تكون بوابة الاشتباك في مدينة الرقة، مشيرا إلى أن الأمريكي سيصمت تماما كما فعل في تجربة أكراد العراق الانفصالية حيث لم يفعل شيئا لهم حين رأى توافقا إقليميا ضدهم.

المصدر : سبوتنيك

109-2