سقوط الخطّة الأميركية الرابعة بتحرير بيت جن

سقوط الخطّة الأميركية الرابعة بتحرير بيت جن
السبت ٣٠ ديسمبر ٢٠١٧ - ٠٢:٤٨ بتوقيت غرينتش

مع تحرير بيت جن ومزرعة بيت جن ومغر المير باستسلام الجماعات الإرهابية وترحيلها الى إدلب، وعقد تسوية مع الراغبين في البقاء بشروط الدولة السورية نكون أمام متغيّر كبير موضعي – تكتيكي لكنه ذو أبعاد استراتيجية كبيرة في النتائج والتوقّعات لمسار الصراع مع الكيان الصهيوني وليس فقط بما يرتبط بتحرير الجغرافيا من الجماعات الإرهابية.

العالم - سوريا

قبل الدخول في شرح النتائج والتوقّعات لا بدّ من التعريف بالخطّة الأميركية الرابعة والتي تحمل إسماً آخر هو: "ربط القلمون بحرمون"، وحرمون هو أحد أسماء جبل الشيخ نسبة لإحدى قممه الأربع التي تدعى قمّة حرمون.

مع بداية الحرب على سوريا وعجز ما سُمّي حينها "بالحراك الشعبي" بإسقاط الدولة السورية، بدأ العمل على الخطط العسكرية، وهي خطط ارتبطت بطبيعة الجغرافيا وانتشار فرق ووحدات الجيش السوري، حيث تمّ حينها وضع أسس وتفاصيل الخطّة الرابعة من خلال وصل القلمون عند مشارف مدينة حمص الجنوبية مروراً بالزبداني، حيث قيادة الفيلق الثاني التي كانت في الخطة تمثّل عقدة الرّبط والعمليات الأساسية والسيطرة على منطقة الحوض التي تمتد من نقطة المصنع اللبناني نزولاً حتى مشارف العاصمة السورية دمشق حيث قيادة الفيلق الأول، وربط هذه المناطق بمنطقة قطنا وعرطوز على كامل أوتوستراد السلام وجوانبه وصولاً إلى القنيطرة وسفوح جبل الشيخ.

تمثّلت أهداف الخطّة الأميركية الرابعة بهدف أساسي هو إسقاط العاصمة دمشق من خلال السيطرة على مفاتيح الجغرافيا الحاكِمة للعاصمة الممتدة من القلمون وصولاً حتى حرمون، وتحطيم وحدات الفيلق الأول ونطاق عمله الممتد على كامل محافظات دمشق وريف دمشق والقنيطرة ودرعا والسويداء، والفيلق الثاني الذي يغطّي مناطق الزبداني والنبك ويبرود ومحافظتي حمص وطرطوس.

أدركت القيادة السورية مخاطر وطبيعة العمليات المضادّة وبدأت بعملية إعادة تموضع استطاعت من خلالها الاحتفاظ بكامل منطقة الحوض وأطرافها الشرقية والغربية، وحسمت القسم الأكبر من عمليات أوتوستراد السلام وأبقت سيطرتها على أغلب قرى سفح جبل الشيخ من قطنا وصولاً حتى قرى عيسم وقلعة جندل وبقَعْسم ونجم وريمة وخربة السودا وعين الشارة وحينة ودربل وعرنة على كامل السفح الشرقي وصولاً حتى مشارف خط الهدنة، إضافة إلى احتفاظ الجيش بامتداد واسع من قطنا حتى سعسع عبر مناطق انتشار اللواء 68 وصولاً حتى مدينة البعث وخان أرنبة وتل جبا وتل كروم، وهما التلّان اللذان كان لهما دور كبير في المُدافعة عن المنطقة إضافة إلى تل الكابوسية جنوب غرب قطنا في المواجهات اللاحقة.

كما أن الجيش السوري استطاع حسْم معركتي جديدة عرطوز وجديدة الفضل وحسْم السيطرة على التلال الحاكِمة كتل كوكب وتل مدوّر التي كان لها دور كبير في سنة 2016 بحسْم معارك خان الشيح وزاكية والكسوة. خلال هذه الفترة استطاعت الجماعات الإرهابية أن تسيطر على امتداد كبير يمتّد من القصير شمالاً حتى الزبداني جنوباً.

أولى المعارك المضادّة لإسقاط الخطّة الأميركية الرابعة بدأت في القصير وهي المعركة الأولى التي شاركت فيها وحدات حزب الله، حيث يمكن اعتبار معركة القصير ثاني معارك مرحلة الهجوم المضاد الموضعي بعد تحرير حيّ باب عمرو في مدينة حمص، لتبدأ بعدها سلسلة عمليات الهجوم المُضاد بتحرير مدن وبلدات القلمون الغربي من النبك إلى يبرود وصولاً إلى تحرير غالبية السفوح الشرقية للقلمون الغربي في الأرض السورية، وأجزاء من جرود عرسال اللبنانية وتقطيع أوصال الجماعات الإرهابية ومحاصرة الزبداني التي خرج منها آخر إرهابي في أواسط شهر نيسان من سنة 2017.

عمليات موازية نفذّها الجيش السوري لتثبيت سيطرته على مثلّث ربط محافظات ريف دمشق والقنيطرة ودرعا لتوسيع نطاق المُدافعة عن وحداته في مدينة البعث وخان أرنبة وتلال جبا وتل كروم، إضافة إلى تحرير مساحات واسعة من الغوطة الشرقية.

الخطة الأميركية الرابعة التي عُدّلت أكثر من مرة وكان أهمها الخطة (H) كملحق بالخطة الأساسية، والخطة (H) ترمز إلى الطريقين الواصلين إلى دمشق الأول من القنيطرة عبر أوتوستراد السلام حتى دمشق، والثاني من أوتوستراد درعا حتى دمشق وربط الخطين بشكل عرضي عبر خان الشيح ودروشا من جهة أوتوستراد السلام والكسوة من جهة أوتوستراد درعا – دمشق عبر بلدات زاكية والطيبة والدرخبية.

شكّل شهر آب سنة 2016 بداية عملية تنظيف وتطهير واسعة من خلال إخراج إرهابيي داريا ليليها في شهر أيلول من السنة نفسها خروج مسلّحي المعضمية وحسم معارك خان الشيح والكسوة والدرخبية وصولاً حتى غباغب وكناكر.

العمليات استمرت في نطاق الخطة الأميركية الرابعة من خلال تحرير كامل منطقة وادي بردى وتطهير مناطق التل والهامة وقدسيا وفي ما بعد برزة والقابون، ليحسم الجيش السوري وحزب الله في الثالث من آب سنة 2017 معركة الجرود في الجانبين السوري واللبناني، ولتنتهي العمليات عبر إطلاق الجيش اللبناني معركة فجر الجرود في 19 آب بمواجهة تنظيم "داعش" وهي المعركة التي انتهت باستسلام إرهابيي التنظيم وترحيلهم إلى الرقّة، عِلماً بأن حزب الله والجيش السوري أطلقا عمليات موازية لعملية فجر الجرود من الجهة السورية.

مع تحرير بيت جن ومحيطها وكامل المناطق التي ذكرناها أعلاه يمكن القول أن الخطة الأميركية الرابعة باتت حلماً مع رهان الأميركيين بعد حسم الجيش السوري معارك الثقل الإستراتيجي التي تضم المدن الكبرى وطرق الربط بينها، أن تشكّل منطقة بيت جن طرف قوس العزل مع البوكمال الطرف الآخر اللذين يربطان القوس عبر القنيطرة ودرعا والسويداء والتنف، بهدف منع حدوث الربط بين سوريا والعراق، وهو الأمر الذي حصل على أغلب الحدود بين البلدين لتبقى منطقة التنف وهي التي كان مؤملاً أن تشكّل عقدة الرّبط بين القوس العازل بين سوريا والعراق وسوريا وفلسطين المحتلة عقدة معزولة تتلقّى الإمدادات عبر الأراضي الشرقية الأردنية بعد تحرير الجيش السوري لأغلب الحدود الشرقية بين سوريا والأردن، وبهذا نكون أمام سقوط مزدوج للخطة الأميركية الرابعة وخطة عزل سوريا، وتشكّل خط الإمداد الاستراتيجي من طهران إلى لبنان وسقوط إمكانية إقامة الحزام الأمني "الإسرائيلي" في هذا القطاع وتأمين منطقة ربط الحدود السورية اللبنانية بين بيت جن وسبعا وتحرير كامل خط الحدود اللبنانية السورية.

* عمر معربوني – الميادين

108