على حدود السودان وإريتريا.. هل تدق طبول الحرب؟

على حدود السودان وإريتريا.. هل تدق طبول الحرب؟
الأربعاء ١٠ يناير ٢٠١٨ - ١٠:٢٥ بتوقيت غرينتش

ارسلت الخرطوم تعزيزات إلى ولاية كسلا الحدودية وأعلنت الطوارى في ظل أنباء عن وجود حشود عسكرية مصرية - إريترية إضافة إلى حركات دارفورية على الحدود

العالم- السودان                      

وارتبط السودان بجواره، لكونه أحد العوامل الرئيسة للتأثير على استقراره الداخلي وكلما كانت إحدى دول الجوار (مصر، ليبيا، تشاد، إفريقيا الوسطى، إريتريا، إثيوبيا، وحديثا جنوب السودان) غير مستقرة تأثر بها السودان سلبا، وإن استقرت ناله منها نصيب.إما إن حدث خلاف مع إحدها، فربما توترت المنطقة بأكملها.

وخلال الأيام الماضية دخلت إريتريا والسودان إلى مربع التوتر، وإن لم يصدر حتى الآن تصريح رسمي من أي منهما تجاه الآخر، إلا أن كل المؤشرات تسير باتجاه التصعيد.

من هذه المؤشرات إعلان السودان، السبت الماضي، إغلاق المعابر الحدودية مع إريتريا، استنادا إلى مرسوم من الرئيس السوداني، عمر البشير، صدر في 30 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بإعلان الطوارئ في ولاية كسلا (شرق) الحدودية مع إريتريا، ضمن ما تقول الخرطوم رسميا إنها عملية لجمع السلاح أطلقتها الحكومة قبل أربعة أشهر.

** حشود على الحدود

التبرير الحكومي السوداني لإعلان الطوارىء له حجج أخرى، منها مكافحة تهريب المخدرات والسلع والاتجار بالبشر، لكنه لا يتسق مع أنباء نشرتها صحف سودانية عن "وجود حشود عسكرية مصرية وفصائل دارفورية على الحدود الإريترية".

ومن حين إلى آخر تتوتر العلاقات بين مصر والسودان؛ جراء النزاع على مثلث حلايب وشلاثين وأبو رماد الحدودي، والموقف من سد "النهضة" الإثيوبي، إضافة إلى اتهامات سودانية للقاهرة بدعم متمردين مناهضين لنظام البشير، وهو ما سبق أن نفاه نظيره المصري، عبد الفتاح السيسي.

وقال رئيس لجنة الإعلام في البرلمان السوداني، الطيب مصطفي، للأناضول، إن "حشودا عسكرية مصرية - إريترية وصلت إلى حدود البلاد الشرقية، ضمن خطة لخلق توترات في المنطقة، إلى جانب دعم المتمردين في الحدود الجنوبية".

وتقاتل "الحركة الشعبية لتحرير السودان- قطاع الشمال"، منذ يونيو/ حزيران 2011، القوات الحكومية السودانية في ولايتي جنوب كردفان (جنوب - متاخمة لدولة جنوب السودان) والنيل الأزرق (جنوب).

فيما تواجه القوات الحكومية، منذ عام 2003، ثلاث حركات مسلحة رئيسية في دارفور (غرب)، وهي: العدل والمساواة، بزعامة جبريل إبراهيم، وجيش تحرير السودان، بزعامة مني أركو مناوي، وتحرير السودان، بقيادة عبد الواحد نور.

وأضاف البرلماني السوداني: "لدينا معلومات مؤكدة بأمر الحشود ودور مصر فيها".

وهو اتهام لا يخلو من وجهة نظر حكومية تصدر من مقربين لها، بينهم مصطفي، بحكم مناصبه التنفيذية السابقة في الحكومة، ومواقفه الناقمة على أريتريا وعلاقتها مع إسرائيل.

وإسرائيل، وفق مراقبين، هي أحد عوامل "التوجس والشك"، الذي يحكم العلاقات بين حكومتي البلدين طوال العقديين الماضيين، لاختلاف التوجه الفكري للخرطوم وأسمرا، لاسيما وأن الأخيرة متهمة باستضافة قواعد عسكرية إسرائيلية في جزيرة "دهلك"، وهو ماتنفيه إريتريا.

وبعد أيام من إغلاق الحدود السودانية الشرقية، وفي ظل التوتر مع مصر وإريتريا، زار رئيس الأركان السوداني، عماد الدين مصطفى عدوي، أديس أبابا، أول أمس الإثنين، حيث التقى رئيس الوزراء الإثيوبي، هيلي ماريام ديسالين، حيث تعد إثيوبيا أحد أبرز حلفاء السودان حاليا.

وتتهم مصر السودان بدعم موقف إثيوبيا بشأن سد "النهضة" الإثيوبي، الذي تخشى القاهرة أن يؤثر سلبا على حصتها السنوية، البالغة 55 مليار متر مكعب، من نهر النيل، المورد الرئيسي للمياه بالنسبة لها.

** بين الخلاف والتقارب

تتأرجح العلاقة بين السودان وإريتريا بين الخلاف والتقارب منذ استقلال الأخيرة عن إثيوبيا عام 1993.

ولا تنسى ذاكرة حكام الخرطوم انطلاق العمل المسلح للمعارضة السودانية الجنوبية والشمالية من إريتريا إلى السودان، عام 1994، عقب اتهام الرئيس الأرتري اسياسي افورقي للخرطوم، بدعم جماعات متشددة في إريتريا.

وفي عام 2005، بدأت العلاقات بين البلدين تعود إلى طبيعتها، بتوقيع "الحركة الشعبية لتحرير السودان"، بقيادة جون قرنق، اتفاق سلام مع الخرطوم، تلاه اتفاق سلام شرقي السودان، في 2006.

واحتفظت الخرطوم، طيلة السنوات الأخيرة، بعلاقة جيدة مع كل من أسمر وإديس أبابا، إلا أنها اقتربت، في الفترة الأخيرة، أكثر من إثيوبيا، وواصلت في الوقت نفسه التنسيق الأمني والعسكري مع إريتريا، بحسب مسوؤلين سودانيين.

وزار نائب الرئيس السوداني، بكري حسن صالح، إريتريا، في 20 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، حيث بحث مع مسؤولين إريتريين العلاقات الثنائية.

** مواجهة محتملة

إلا أن الوضع بين البلدين يسير بوتيرة متسارعة نحو التصعيد، لتشكل إريتريا مجددا مصدر قلق للحكومة السودانية، وذلك مع تواتر أنباء عن حشود عسكرية على الجانب الإريتري، ونشر الخرطوم تعزيزات من قوات الجيش "والداعم السريع" على الجانب السوداني.

وإلى حين حسم أمر الحشود العسكرية، يظل التجاذب قائما بين فريقين، أولهما مصري ينفي بوجودها، والآخر سوداني يقول بوجودها، خاصة وسائل الإعلام السودانية التي تتهم القاهرة، دون أي تأكيد أو نفي سوداني رسمي.

لكن الماثل الآن لكثير من المراقبين هو أن التحرك على الأرض يفيد بوجود شىء ما يحدث، فالخرطوم الصامته حتى الآن عن اتهام أسمرا، أغلقت كافة المعابر الحدودية، وأعلنت التعبئة والاستنفار في ولاية كسلا.

وسبق ذلك إعلان حكومة كسلا، يوم الجمعة الماضي، عن وصول تعزيزيات ضخمة من القوات السودانية إلى الولاية الحدودية، الممتدة على مساحة 650 كيلو مترا مربع.

كل ذلك قد يقود إلى أن الأحداث تمضي نحو مواجهة شرق السودان، لا سيما وإن استمرت وتيرة التطورات المتسارعة على الجانبين.

ويذهب بعض الخبراء إلى أنه ما قد يزيد من احتمالات هذه المواجهة أن السودان وإريتريا، تعانيان حاليا من أزمات داخلية اقتصادية وأمنية وسياسية، وهو ما ربما يجعلهما يبحثان عن عدو خارجي لصرف الأنظار عن أزماتهما المستفحلة.

الأناضول

تصنيف :