غزة تودع الحصار

غزة تودع الحصار
السبت ٢٨ مايو ٢٠١١ - ٠٨:٤٩ بتوقيت غرينتش

28/5/2011 محمد فايز الإفرنجي marhm_2007@hotmail.com

هي السياسة التي حاصرتنا, وهي السياسة التي سترفع اليوم عن كاهلنا سنوات من حصار ظالم قد طالت, ومرت علينا أيامها بعذاباتها وأشجانها, دفعنا ما لا يقدر بثمن وهو دماء أبنائنا.

السبت: الموافق 28/5/2011م, هو تاريخ سيحفر في الذاكرة الفلسطينية عامة وأهل غزة خاصة؛ لما لهذا التاريخ من أثر بالغ في طي صفحة قاتمة السواد, عاش الفلسطيني فصولها في ظل حصار مرير لسنوات دون لفتة إنسانية عربية كانت أو غربية, باستثناء مواقف لن ننكرها من هنا وهناك, لن نعيد تكرار التوقف عند محطات الحصار البغيض على قلوبنا, بل أي إنسان يحمل بين ضلوعه قلب تتدفق منه المشاعر الإنسانية التي هي طبيعية كل البشر, فطرة خلقنا الله عليها.

 موعدنا مع فجر جديد لحياة طبيعية أو حتى شبه طبيعية كما يعيشها أي إنسان, فقدناها لسنوات فصبرنا وصمدنا واستمرت قدرتنا على تحدي الصعاب والوقوف بوجه الطاغوت كجبال راسية رافضة الانحناء والتصدع.

 أغلق معبر رفح فكانت الصدمة, عشنا فصولها وآلامها وتذوقنا مرارتها حتى في أشد الأوقات سوادًا, ناشدنا الأخوة والنخوة, ناشدنا الإسلام والمسلمين, ناشدنا أصحاب الضمائر الحية, علها توقف إغلاق رئة التنفس عنا "معبر رفح", ناشدنا الساسة والسياسة علنا نفهم ونستوعب كيف يمكن قتلنا ففشلنا, لكن عزيمتنا وإرادتنا لم تفشل, فحفرنا الأرض وشققنا الصخر وما لانت عزيمتنا, جلبنا حليب أطفالنا ودواء مرضانا وتجاوزنا موت محقق لمئات منهم بل لآلاف, واعتدنا على باطن الأرض سبيلًا لحياتنا, أنها عزيمة الفلسطيني التي لا تلين لغاصب ولا تركع  لظالم.

تبدلت الأسباب, فأطاح الشرفاء من أبناء مصر العروبة من كان بالأمس يشارك بحصارنا, ويظلم أبناء عروبتنا, فسقطت سياسة الظلم لتحل مكانها سياسة الأحرار, فصدر القرار, وسقط الأشرار, ففتح معبر رفح لتتعانق السياسة المصرية وسيادتها بصمود أبناء غزة وعزتها, لنودع سنوات من ظلم ذوي القربى, ونسقط ورقة ضغط للاحتلال طالما استخدمها لنرفع الراية البيضاء, فهزم هو ورفعنا نحن ومعنا شرفاء مصر رايات النصر عالية.

هي السياسة التي كانت بالأمس تحاصرنا واليوم هي من تساندنا, فقط تبدلت النوايا بتغيير الشخوص من عبيد للمحتل إلى ثوار وأحرار.

هو القرار الذي انتفض على الحصار فحطمه وتجاوز أسواره الفولاذية فتساقطت منهارة بكلمات أعلنتها الحكومة المصرية, اليوم نشيع أوسع أبواب الحصار علينا ونفتتح أول أبواب انهياره؛ لنودع حقبة من الزمن سجلها التاريخ في صفحاته وحفظها الفلسطيني بدماء زكية سالت فوق الأرض وتحت الأرض في الأنفاق؛ ليسجل تاريخا من الصمود والتحدي لكل ما يمكن للمحتل فعله بنا علنا ننهار, فنهار حصاره ولم ننهار.

حكومة عز وكرامة تقودها قيادة مصرية حكيمة رفضت الذل لنا والمهانة, وأصرت على أن لا تمتهن كرامتنا ولا تهان, فلم تنتظر طويلًا لترتيب بيتها الداخلي فصالحتنا مع أنفسنا, ورفعت عنا اكبر عقبات الحصار فقررت فتح معبر رفح بلا قيد ولا شرط؛ ليكون معبرا للكرامة رغم أنف المحتل لتكون سيادة مصر هي القرار.

شكرًا لأرض الأحرار ولأرض الثوار, وعادت مصر لسيادتها ولن يكون بعد اليوم للمحتل تدخلًا بأي قرار, فمصر قيادة وشعبًا هم الأحرار, والمحتل الغاصب وما يشتهي لنا من حصار زال بلا رجعة تاركًا حصاره في انهيار.

 لن يكون بعد اليوم حصار على شعب يقف أمام الطاغوت وهو رأس حربة الدفاع عن الأمة العربية والإسلامية, وتقف بجانبه مصر الثورة مصر الأحرار,  شكرًا لمصر على ما قدمت لنا وستقدم فخيرها لا ينضب وعطائها لا يتوقف, فهي دائمًا رمز للعزة وإن غابت عنا سنين فكان غيابها قصرًا, ولكن شعبها لم نغب عنه يومًا, فكان رمزًا للعطاء والجود رغم أنف الفرعون الأكبر الذي خلع على يد الثوار, فسقط وانهار وبقيت مصر لامتها هي القائد, فسرعان ما جمعت أبنائها وصافحتهم فصافحوا أنفسهم فسقط الحصار, هذه مصر التي نعرفها وإن غاب قرارها لكنه سرعان ما عاد ليثبت أن مصر هي أرض الكنانة وقيادة حكيمة تحميها ثورة شعب للحق قد ثار, فشكرًا وألف شكر لمصر الأحرار قيادة وشعبًا, ولم تفاجئونا بالقرار, فنحن منكم وأنتم منا وان غابت قراراتكم لحين, فعدتم وأصلحتم ما أفسده الظالم ونلنا بصبرنا وثباتنا خير قرار.   

 

كلمات دليلية :