هل تعود المقاومة المسلحة ضد الاحتلال بعد مقتل الحاخام "شيفاح"؟

هل تعود المقاومة المسلحة ضد الاحتلال بعد مقتل الحاخام
الخميس ١١ يناير ٢٠١٨ - ٠٤:٢٩ بتوقيت غرينتش

عَمليّة اغتيال الحاخام المُستوطن قُرب نابلِس هل تُؤشّر إلى احتمال عَودة المُقاومة المُسلّحة ضِد الاحتلال الإسرائيلي؟ وماذا تَعني “مُباركة” حَركتيّ “حماس″ و”الجِهاد” لها؟ وهل جاءَت ردًّا “فتحاويًّا” على خُطّة القِيادة البَديلة لعباس؟

 العالم - مقالات

ربّما تَكون حِدّة الانتفاضة في الضِفّة الغَربيّة وقِطاع غزّة المُحتلّين قد تَراجعتْ قليلاً في الأيّام القَليلة الماضية، ولكن مَقتل الحاخام رزيئيل شيفاح (35 عامًا) بإطلاق النّار عليه في سيّارته أمام مُستوطنة حافات جلعاد قُربْ مدينة نابلس، وعدم اعتقال المُنفّذين يَعكِس تَطوّرًا مُهمًّا، قد يَكون مُقدّمة لعَودة المُقاومة المُسلّحة ضِد الاحتلال ومُستوطِنيه.

أكثر ما تَخشاه الحُكومات الإسرائيليّة هو عَودة الكِفاح المُسلّح، واللّجوء إلى السّلاح لمُقاومة الاحتلال، وتِكرار الانتفاضة المُسلّحة التي انطلقتْ عام ألفَين كَردٍّ على مُفاوضات كامب ديفيد، وبتَشجيع من الرئيس الفِلسطيني الشهيد ياسر عرفات ودَعمِه.

ما يَجعلنا نُرجّح هذا الافتراض هو حالة الاحتفال والتّرحيب غير المَسبوقة في أوساطِ حركات المُقاومة مِثل “حماس″ و”الجِهاد الإسلاميّ” بهذهِ العَمليّة، حتى أن حركة “حماس″ بارَكتها عَلنًا، ووَصفتها بالبُطوليّة، أمّا “كتائب القسّام”، جناحها العَسكريّ فذَهب إلى ما هُو أبعد من ذلك عِندما قال المُتحدّث باسمه “عمليّة نابلس هي أول رَد عَملي بالنّار لتَذكير قادَة العدو، ومن يَقفون خَلفهم، بأن ما تَخشونَه قادِم، وأن ضِفّة يحيى عياش، ومحمود أبو الهنود ستَبقى خَنجرًا في خاصِرتكم”، في إشارةٍ إلى القِياديين العَسكريين الشّهيدين الذين اغتالَتهم إسرائيل.

لم تُعلن أيَّ جِهةٍ فِلسطينيّة مَسؤوليّتها عن هذهِ العمليّة، الأمر الذي زادَ الوَضع غُموضًا، ولكن هُناك مُؤشّرات عَديدة تُؤكّد بأنّ مُعظم الفصائِل الفِلسطينيّة، بِما فيها حركتا “فتح” و”الجبهة الشعبيّة” يُمكِن أن تكون خلف هذهِ العمليّة، وربّما هَجمات أُخرى في المُستقبل مُماثلة، في ظِل حالة الاحتقان التي تَعيشها الأراضي المُحتلّة مُنذ صُدور القَرار الأمريكي بنَقل السفارة إلى القُدس المُحتلّة.

هُناك ثلاثة تَطوّرات مُهمّة تَصُب في هذا الاتجاه وتُعزّزه:

الأول: حُدوث تَغيير مِحوري في المَزاج الفِلسطيني العام باتجاه العَودة إلى المُقاومة المُسلّحة في ظِل المَوقف الأمريكيّ الذي يُريد تَصفية حَلْ الدّولتين، وإجهاض أي قِيام للدّولة المُستقلّة، وتَكريس القُدس المُوحّدة عاصِمَةً لدَولة الاحتلال، وتَواطؤ دُول عَربيّة مع هذا التوجّه.

الثاني: صُدور تَأكيدات فِلسطينيّة، جاء آخرها على لِسان الدكتور نبيل شعث، مُستشار الرئيس أمس، بوجود خُطّة أمريكيّة لعَزل الرئيس محمود عباس، واستبدالِه بقِيادةٍ جديدة تَقبل بالصّفقة الكُبرى.

الثالث: انعقاد المَجلس المَركزي الفِلسطينيّ في رام الله بعد بِضعَة أيّام (14 يناير الحالي)، وبحُضور مُمثّلين عن حركتيّ “حماس″ و”الجِهاد الإسلامي”، ووجود تَوجّه بإعلان قراراتٍ مُهمّة وحاسِمة، من بَينِها سَحبْ الاعتراف بدَولة الاحتلال، وإلغاءِ التّنسيق الأمنيّ، وليس تَجميده فقط، والتنصّل من اتفاقات أوسلو وتَبعاتِها كُليًّا.

الرئيس ترامب هَدّد بوَقفْ تَقديم المُساعدات الماليّة للسّلطة الفِلسطينيّة في رام الله، وهذا يَعني “إعلان حرب”، وإشعال فَتيل “الغَضب المُسلّح” في الضِفّة الغَربيّة، وربّما تَكون عمليّة نابلس هذهِ أوضَح رسالة تَحذير إلى واشنطن في هذا الإطار.

اندلاع انتفاضة مُسلّحة تُقلّب كُل المُعادلات ليس في الأراضي المُحتلّة فقط، وإنّما في المِنطقة بأسْرِها، أمر غَير مُستبعد، إن لم يَكُن باتَ وشيكًا، فظَهر الفِلسطينيين باتَ للحائِط، وليس أمامهم ما يُمكِن أن يَخسروه، فهم مِثل الجَمل قد يَصمِتون ويَتحمّلون الصّعاب والإهانات، ولكن إذا ثاروا كَسروا كُل شَيء أمامهم.. ويَبدو أن لَحظة الثّورة اقتربت.. والأيّام بَيننا.

رأي اليوم