فورين بوليسي: نظام السيسي لا استراتيجية له

فورين بوليسي: نظام السيسي لا استراتيجية له
الجمعة ١٢ يناير ٢٠١٨ - ٠٦:١٨ بتوقيت غرينتش

شعر عبد الفتاح السيسي بالغيظ عندما زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السودان في كانون الأول (ديسمبر) 2017 وحصل على حقوق تطوير جزيرة سواكن على البحر الأحمر مما أثار مخاوف من إنشاء قاعدة عسكرية فيها..وترى مصر ان سد النهضة الذي تدعمه السودان مسالة حياة او موت لها.

العالم - مقالات

في تقرير لكيث جونسون، محرر الشؤون الجيواقتصادية في “فورين بوليسي” حلل فيه  الخلاف المصري- السوداني وأثره على فرص التوصل لاتفاقية توزيع مياه النيل بسبب سد النهضة التي تعمل إثيوبيا على بنائه بكلفة 5 مليارات دولار والذي ترى القاهرة فيه تهديدا وجوديا ويحرمها من المياه الضرورية لحياة سكانها. ففي يوم الخميس حذر السودان رسميا من حشود مصرية وإريترية على حدوده الشرق نظرا لموقف الخرطوم الداعم للسد فيما تحركت مصر في مثلث حلايب المتنازع عليه.

واستدعى السودان سفيره الاسبوع الماضي من القاهرة. ويرى جونسون أن الخلاف هو الفصل الأخير من الحصار الذي بدأ في الصيف وزاد في الأسابيع الماضية. وفي قلب الأزمة التحالف السعودي – المصري ودول الخليج (الفارسي) الأخرى ضد ما تراه التدخل التركي بالمنطقة. فقد دعمت أنقرة قطر ضد الحصار الذي فرض عليها في حزيران (يونيو) وقفزت الآن إلى البحر الأحمر بشكل زاد من عصبية مصر.

 وشعر عبد الفتاح السيسي بالغيظ عندما زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السودان في كانون الأول (ديسمبر) 2017 وحصل على حقوق تطوير جزيرة سواكن على البحر الأحمر مما أثار مخاوف من إنشاء قاعدة عسكرية فيها. ويعتقد الكاتب أن العراك الدبلوماسي يعقد مهمة التعامل مع موضوع سد النهضة المثير للخلاف: وهو دعم السودان للسد الذي قد يخنق تدفق المياه نحو مصر التي ترى في السد “مسألة حياة أو موت”.

وتقول كيلسي ليلي، المديرة المشاركة في مركز أفريقيا بالمجلس الأطلنطي إن كل القوى الإقليمية المتنافسة حول البحر الأحمر تتقاطع  “إلا أن السد هو الموضوع الأكثر إزعاجا بين الدول الثلاث”. وفي الوقت الذي تتناطح فيه الدول حول السد منذ سنوات إلا أن الخلاف المصري- السوداني في حالة من التصعيد المستمر.

ويقول ستيفن كوك من مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية: “التوترات مهمة ولكنها أعلى مما كانت عليه” و “بدأت الامور تتجه نحو الأزمة”. فقد أدى الخلاف إلى تجميد المحادثات بين السودان وإثيوبيا ومصر بشأن إدارة أثر السد، مع أن عقارب الساعة تدق، فقد تم إنجاز نسبة 60% منه وربما بدأت أديس أبابا بملأ حوض السد هذا الصيف بشكل لن تكون هناك مساحة للحوارالمثمر.

 وكان سد النهضة حلما إثيوبيا منذ الستينات في القرن الماضي ولكنها لم تكن قادرة على تحقيقه إلا عام 2011 عندما واجهت مصر ثورة واضطرابات محلية حيث قررت إثيوبيا ومن طرف واحد البدء بالمشروع الذي يعد الأكبر لتوليد الطاقة الكهرومائية في أفريقيا. ويعلق جونسون أن مصر شعرت بالخوف من آثار السد، فهو مشروع طاقة ضخم سيوفر الاحتياجات الضرورية لأثيوبيا. وبناء على سرعة ملء أثيوبيا السد فإن تدفق المياه نحو مصر قد يقيد مما سيزيد من أزمة نقص المياه. وقد تقرر إثيوبيا ملء الخزان تدريجيا على مدى 15 عاما بشكل سيؤخر المنافع المتوقعة منه. إلا أن البلاد عانت من موجة اضطرابات عام 2016 أدت لفرض قوانين الطواريء. وعليه لن يكون بإمكانها الانتظار طويلا كما تقول ليلي. وتقول إن “حكومة إثيوبيا تريد نصرا”.

وكان الرئيس محمد مرسي قد هدد عام 2013 بمواجهة عسكرية إن تم المشروع. وتعهد السيسي هذا الأسبوع اثناء افتتاحه لمحطة تحلية مياه بحماية حصة مصر من مياه النيل. وكانت الدول الثلاث قد اتفقت عام 2015 على كيفية توزيع المياه لكنها لم تتوصل بعد لإدارة أثره. وبعد التصعيد بين مصر والسودان فإنه سينسف التعاون.

وكانت الصحافة الإثيوبية قد اتهم مصر بأنه حاولت تهميش السودان من المحادثات وهو ما نفته الحكومة المصرية. وللسودان دور مهم في المحادثات لأنها تأتي وسط البلدين من الناحية الجغرافية والسياسية. وقسمت مصر والسودان مياه النيل حسب اتفاقية عام 1959 ولم تشمل إثيوبيا. ولأن السودان لم يكن يستخدم كل حصته فقد للمياه بالتدفق نحو مصر بحيث كانت تأخذ أكثر مما خصص لها. إلا أن السودان قرر في السنوات الأخيرة استخدام حصته وتوسيع القطاع الزراعي. ولتوقع الخرطوم استخدام السد لأغراض الري فقد تحركت لدعم إثيوبيا. مما يعني أن استفزاز مصر للسودان سيكون مقامرة خطيرة حسب كاسكوا.

ورغم تخمر المشكلة منذ سنين إلا إن مصر تمسكت بالمعاهدة القديمة التي تعطيها حصة الأسد من مياه النيل وتجنبت بحث آثار السد. وتواجه مصر أزمة نقص مياه وقد تواجه “ندرة حادة” حسب كوك من مجلس العلاقات الخارجية فمصر ليس لديها استراتيجية، وما يثير القلق هو أن الحد الأدنى لديهم “اعطونا المياه””. وقال إن الولايات المتحدة لم تتوسط في الخلاف “لا يوجد حكم في الغرفة”.

ابراهيم درويش

القدس العربي